أفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على الجهود الفرنسية والسعودية، وتلك الروسية والإيرانية، من أجل ايجاد حل للتأزم الحاصل على المستويين السياسي والأمني في لبنان، أن هناك اجماعاً لدى كل هذه الأطراف الدولية على ضرورة أن تتكون قناعات ثابتة لدى كافة القيادات اللبنانية بأن لا مفر من الحوار والاتفاق السياسي والتفاهم بغية ايجاد قواسم مشتركة تمكن البلاد من اجتياز الأشهر القليلة التي تفصل عن استحقاق الانتخابات الرئاسية.
وأكدت المصادر أن الجهد الفرنسي والآخر السعودي، ينطلق من فكرة أن الوفاق اللبناني هو المدخل الأساسي لإغلاق بؤر التوتر، وهذا أيضاً ما يتقاطع مع موقف موسكو التي ترى أن الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لمواجهة مختلف الصعوبات وهي التي تدعو الفرقاء الإقليميين إلى التنبه للمخاطر التي يحملها التصعيد ضد الأمن والاستقرار في لبنان، الأمر الذي حرّك ديبلوماسيات هذه الدول، وأثمر دعوة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير للقادة اللبنانيين إلى الاجتماع في باريس نهاية حزيران الجاري.
ولا تزال باريس تنتظر محطات إيجابية تتبلور الأسبوع المقبل، لكي توجه دعوات إلى القادة اللبنانيين للمشاركة في مؤتمر للحوار في ما بينهم برعايتها، على أنه يتوقع ألا تقتصر الدعوات على القادة الذين شاركوا في جلسات الحوار الوطني اللبناني الذي التأم ما بين آذار وحزيران الماضي، إنما قد تتعداها لتشمل قادة آخرين.
وأوضحت المصادر، أن الجهد الفرنسي لإنجاح مبادرة باريس يتم بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، كما أن طهران تؤدي دوراً مهماً في التأثير لإنجاح المبادرة بحيث أن منطلقات عدة يجري تداولها، في إطار الحوار المزمع الدعوة إليه وهي:
ـ أولاً: وجوب العمل بجدية لتطويق الوضع اللبناني الذي يزداد تصعيداً على المستويين السياسي والأمني خصوصاً. وإذا لم يطوّق سيؤذي ليس الداخل اللبناني فحسب، بل المنطقة برمتها ولن يكون أي بلد في منأى عن انعكاساته، إذ أن هناك تخوفاً كبيراً من أن تطال الأخطار الأمنية دول المنطقة انطلاقاً من لبنان، وهذا المنحى مُدان فرنسياً وسعودياً كما أن إيران يهمها منع الفتنة وعدم هزّ الاستقرار والأمن.
ـ ثانياً: وتبعاً للقلق الدولي من التصعيد في المنطقة، تشير المصادر، إلى أن السبيل الوحيد والأساسي أمام اللبنانيين لدرء مخاطر ازدياد أعمال العنف والإرهاب هو تحصين الداخل ورفع منسوب المناعة في وجه الأيدي التي تريد العبث بالأمن والاستقرار، عبر الوحدة الوطنية ووحدة الموقف حيال كل الاستحقاقات والمحطات المصيرية، وعندها لا يمكن أن تتقاطع مصالح وأهداف خارجية مع أخرى داخلية، في مجال الأعمال الأمنية التي يواجهها لبنان.
ـ ثالثاً: إن التوافق الداخلي يساعد كثيراً في وضع حد للتداخلات الإقليمية، التي تتم بسهولة، على الخط اللبناني. وهذه التداخلات تخترق الداخل من فجوات الخلافات الداخلية والتباين في المواقف بين اللبنانيين، الأمر الذي يجب وضع نهاية حاسمة لها. وإلا فإن المبادرة الفرنسية المطروحة، من الصعب إيجاد بديل لها، وهي تكاد تكون المسعى شبه الحاسم بين مرحلتين: المرحلة الحالية، وهي إرسال إشارات تصعيدية رغم أن هذه الإشارات دموية وقاسية، إن في موضوع نهر البارد وتداعياته، أو في ما يتصل بالتفجيرات الإرهابية المتنقلة، والمرحلة الثانية، التصعيد الحقيقي الذي قد يعرّض لبنان لمحنة كبيرة لا يمكن تحديد آفاقها منذ الآن، إذا ما واجهت المساعي الديبلوماسية الحالية أي عقبات.
ـ رابعاً: إن هناك مسألتين جرى حسمهما تتعلقان بالشأن اللبناني، الأولى، إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، والثانية، اقتراب موعد إنهاء قضية العصابة الإرهابية في نهر البارد، لكن الساحة اللبنانية تبدو مفتوحة على تطورات أخرى خطيرة، في حين أن تعزيز القدرات الأمنية للقوى الشرعية اللبنانية لمواصلة صمودها والدفاع عن أمن البلاد واستقرارها، يتطلب وفاقاً سياسياً راسخاً. وبالتالي هذا الوفاق، يمكن أن يؤدي إلى حلحلة أمور كثيرة أبرزها: إنهاء حالة الاعتصام في وسط بيروت، إيجاد مناخ سلمي أهلي في البلاد ينعكس ايجاباً على أولويات عمل القوى الأمنية، وتوجيه هذه الأولويات للتهديدات الأمنية المحيطة بلبنان، بدلاً من أن يكون جزء منها موجهاً لتدارك أي نزاع داخلي بين الافرقاء.
ويفيد التوافق، بحسب المصادر، في تحقيق التحصين الداخلي، وتسهيل استفادة لبنان من الحصول على المساعدات الخارجية للجيش اللبناني وقوى الأمن. فضلاً عن التفاهم حول الثوابت حيال وجود "اليونيفيل" والقرار 1701، وتحصين دور الجيش اللبناني، وصولاً إلى مرحلة الاستحقاق الرئاسي.
وشدّدت المصادر، على أن كل الفرقاء الدوليين الذين يساهمون لإحراز حل ما في هذا الإطار يشمل توسيع الحكومة الحالية، هم جديون وجادون في مساعيهم. ويبقى أنهم ينتظرون خلال الأيام المقبلة مدى تجاوب القادة اللبنانيين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.