بعد صدور القرار الدولي 1757 المتصل بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بدأت الاهتمامات تتجه إلى الموعد المحتمل لانتهاء التحقيق في هذه الجريمة، بحيث ان أي تقدم جوهري في إنشاء المحكمة سينعكس تقدماً في موعد انتهاء التحقيق. في وقت يمثل يوم الإثنين المقبل استحقاقاً مهماً على صعيد دخول إنشائها حيّز التنفيذ، بعدما يكون قد مرّ العاشر من حزيران، أي الأحد، من دون إبرامها في المجلس النيابي اللبناني.
وليس من المتوقع على الإطلاق ان تتم الاستفادة من هذه الفرصة الدولية لإقرار المحكمة لبنانياً، على الرغم من ان الجهد الأساسي الذي ركّز عليه وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، في كل من بيروت ودمشق، هو العمل على إقرارها في لبنان، لان موعد العاشر من حزيران الوارد في القرار 1757، جاء تلبية لرغبة ايطالية بإعطاء مزيد من المجال للتوافق اللبناني، عشية زيارة داليما للبلدين، بحيث تشكل فرصة العاشر من حزيران مسعى ايطاليا ليس فقط حول إبرامها لبنانياً، بل أيضاً، مدخلاً لمناقشة الموضوع اللبناني والاستقرار والأمن في لبنان بالتزامن مع صدور المحكمة والإعداد لإنشائها. والهدف هو الحصول من دمشق على مواقف إيجابية، لا سيما بالنسبة إلى الاستقرار في لبنان، مع ما يمثل ذلك من رسالة دولية واضحة إليها في هذا الشأن، ويرتقب أيضاً، ان تتزامن الرسالة مع الإعداد لتحرك عربي مباشر في اتجاهها يصب في الإطار نفسه.
وتشير المصادر، انه من دون الفرصة الزمنية التي تنتهي في العاشر من الجاري، لا يمكن لأي تحرك ان يجد محطة تمهيدية قد تكون مثمرة، إذا ما سُجل تجاوب سوري. وأوضحت المصادر، انه لمجرد انقضاء العاشر من حزيران، من دون تسلم الأمم المتحدة أي رسالة من الحكومة اللبنانية تفيد بإبرام اتفاقية المحكمة في المجلس النيابي، يصبح القرار 1757 نافذاً تلقائياً، وبالتالي سيباشر الأمين العام بان كي مون مشاوراته مع الحكومة اللبنانية، ومع حكومات الدول الأعضاء لاستمزاج مواقفها وآرائها حول تعيين المدعي العام في المحكمة والقضاة الدوليين الثلاثة، في حين تُعيّن الحكومة القاضيين اللبنانيين فيها. وكان كي مون بدأ التحضير لهذه المرحلة منذ اللحظة الأولى لصدور القرار.
لذلك ان تسارع الخطوات الدولية لإنشاء المحكمة سيجعل من تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة سيرج براميرتس التقرير ما قبل الأخير وهو سيقدمه إلى كي مون في منتصف شهر تموز المقبل. أي انه بات كل أربعة أشهر بدلاً من ثلاثة بموجب القرار 1748 الذي مدد سنة لعمل اللجنة. وسيقدم التقرير معطيات إضافية أكثر وضوحاً لما كانت عليه تقاريره السابقة من دون الدخول في الأسماء والاتهامات المباشرة. على ان يكون تقرير كانون الأول، المقبل هو النهائي، والذي يصدر براميرتس بموجبه قراراً اتهامياً يُسلم إلى المحكمة، أو على الأقل إلى مكتب المدعي العام فيها الذي يفترض ان يكون قد تم إنشاؤه، وان يكون قد تمّ تعيين القضاة في المحكمة.
وتفيد المصادر ان تقرير براميرتس الأخير إلى كي مون لن يتضمن أسماء أو اتهامات واضحة، انما سيتضمن القرار الاتهامي كل هذه التفاصيل، وهو سيحال فوراً إلى المحكمة من دون الإعلان عنه، وهذا ما يرغب براميرتس باتباعه، على ان يكون للمحكمة قرار التعامل مع القرار الاتهامي، ويعود إليها تحديد كافة مقتضيات الإعلان عن ذلك كما ان التعامل مع هذه المسألة يبقى رهن المشاورات الدولية التي تواكب انتهاء التحقيق في تلك المرحلة.
وترجح المصادر ان يستكمل براميرتس التحقيق في الجريمة حتى النهاية. وتشير إلى ان عليه اتخاذ قرار واضح حول بقائه ما بعد 15 تموز أم لا، مع العلم ان المهلة الزمنية المتبقية له في وظيفته المجمّدة كقاضٍ في المحكمة الجنائية الدولية لن تتعدى الأشهر القليلة. وسيشكل ذلك عاملاً يساهم في قراره إنهاء التحقيق وان ليس من الوارد لديه، حتى الآن، القبول بمنصب المدعي العام في محكمة الحريري، مع الإشارة، إلى انه يرغب في الحصول على وظيفة قانونية دولية في الأمم المتحدة بعد إنهاء مهمته في لجنة التحقيق.
ويذكر ان القرار 1748 الذي ترك الباب مفتوحاً أمام مدة انتهاء عمل لجنة التحقيق في أي لحظة، كان للتأكيد على أولوية إنشاء المحكمة، وان أي تسريع في إنشائها سينعكس تسريعاً في تقديم القرار الاتهامي إليها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.