8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تقويم دولي يرفع المسؤولية عنه في اللجوء الى "السابع" مجلس الأمن أتاح الفرص الممكنة لتفاهم اللبنانيين ولحظ تجربة الـ 1595 بضرورة فرض التعاون وإلزاميته

شرحت مصادر ديبلوماسية دولية بارزة الأسباب التي دفعت مجلس الأمن الدولي إلى إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه تحت الفصل السابع كما نص عليه القرار 1757، والعوامل التي تبعد كل مسؤولية عن هذا المجلس في الحوافز التي أوصلت إلى اعتماد هذا الفصل، وليس الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
السبب الأول، بحسب المصادر، يعود إلى أن المنظمة الدولية قامت بواجباتها كاملة لدى كل من لبنان وسوريا قبل عرض مشروع القرار للنقاش، عبر محاولات حثيثة لاستكمال إقرار نظام المحكمة في لبنان وإبرامها في مجلس النواب، بدءاً من الاتصالات الديبلوماسية غير المعلنة، وصولاً الى زيارتي كل من الأمين العام بان كي مون الى البلدين وزيارة وكيله القانوني نيكولاس ميشال الى لبنان حيث قام بشرح أبعاد نظام المحكمة والاستفسار حول المواقف المعترضة عليه. وعلى الرغم من ان هذا التحرك كان بمثابة الفرصة الأخيرة، ارتأى كي مون اعطاء فرصة ما بعد الأخيرة، حيث اجرى اتصالات ولقاءات مباشرة مع سوريا، كما قام باتصالات بعيدة عن الأضواء مع المعترضين في لبنان على انعقاد مجلس النواب لابرامها. ولم تتوصل كل هذه المساعي الى نتيجة. فاعتبرت الدول التي تبنت القرار في النهاية، انها اعطت للافرقاء اللبنانيين كافة الفرص المطلوبة والممكنة لقيام لبنان بخطوات دستورية داخلية لاقرار المحكمة، ولم يفعل. كما انهم طلبوا من سوريا التعاون لاقرار المحكمة وابعاد الضغوط عن فريق لبناني لمنعه من ذلك، ولم تجد الأمم المتحدة تجاوباً على الاطلاق.
والسبب الثاني، تضيف المصادر الديبلوماسية الدولية، أن التفاوض مع حكومة لبنان على بنود نظام المحكمة جرى على مدى أشهر عدة لارساء هذا النظام، وجرى تبادل النسخ المتطورة لمسودة النظام بين الطرفين. أما داخل الأمم المتحدة، فقد أبدت دول عدة، من بينها روسيا الاتحادية، ملاحظاتها على هذا النظام الى أن تم التوصل الى صيغته النهائية. ويرى متبنو القرار ان فترة اعداد نظام المحكمة واستصداره في شكله النهائي استغرق متسعاً من الوقت، وكانت هذه الفترة الزمنية بمثابة فرصة امام لبنان لابداء أي ملاحظات من كافة الاطراف حوله.
والسبب الثالث، تتابع المصادر، ان تضمين القرار 1757 موعداً جديداً، هو العاشر من حزيران، لاقرارها عبر المؤسسات الدستورية اللبنانية قبل بدء سريان أحكامها وتنفيذ نظامها، يشكّل فرصة أخرى اضافية امام توافق اللبنانيين حولها وإبرامها في مجلس النواب. ما يبعد عن مجلس الأمن أي مسؤولية حول انه لم يقم بواجبه قبل استصدار القرار وحتى ما بعد استصداره بالنسبة الى احراز التفاهم الداخلي حولها ما يبرر اللجوء الى الفصل السابع.
أما السبب الرابع، فهو التقويم الذي اجراه مجلس الأمن اخيراً، بالنسبة الى تنفيذ القرار 1595 الذي انشأ لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الحريري، بناء على لجنة تقصي الحقائق الدولية حول الجريمة. وقد طلب الـ 1595 من كل الدول والجهات المعنية التعاون "تعاوناً تاماً مع اللجنة وان تزودها بأي معلومات في حوزتها"، وقد استنتج المجلس ان هناك مماطلة سوريّة في التعاون، ووجد نفسه أمام ضرورة فرض الزامية تعاونها. فأصدر القرار 1636 تحت الفصل السابع، بعدما كان القرار 1595 تحت الفصل السادس. كما أوجب الـ 1636 على كل الدول التعاون مع اللجنة تحت طائلة فرض عقوبات. وأنشأ لجنة عقوبات تطال اسماء المتهمين ونوعية العقوبات التي تفرض عليهم من حيث الحظر المالي وحظر الانتقال. وبعد ذلك ارسلت سوريا الضباط المطلوبين للاستجواب الى يينا وحيث استجوبتهم لجنة التحقيق.
وبالتالي، تقول المصادر، ان لدى الدول التي تبنت القرار 1757 خبرة سابقة في ضرورة حصول الزام في التعامل المطلوب حيال عمل المحكمة، على الرغم من أن الفصل السادس ملزم كما هو السابع، لكن الفارق يكمن في ان السابع يتضمن عقوبات تصل الى استعمال القوة، مروراً بعقوبات اقتصادية وتواصلية وتبادلية شاملة مع المجتمع الدولي. كما ان مماطلة المعترضين اللبنانيين ومن وراءهم حفزت المجلس على استعمال السابع.
وتعتبر المصادر، ان الدول التي تبنت القرار 1757 ابدت مرونة واضحة تجاه الدول الممتنعة عن التصويت وخصوصاً تجاه روسيا. بحيث جرى التوافق على أن ينص القرار في فقرته الأولى العاملة، المتصلة بوضع المحكمة موضع التنفيذ وتحديد مقرها وتمويلها تحت الفصل السابع. في حين تمت مراعاة روسيا في الفقرتين الثانية والثالثة المتعلقتين ببدء العمل بمقتضيات قرار المحكمة، وبالاجراءات والتدابير اللازمة لانشائها تحت الفصل السادس، وهي التي كانت تدعو الى ان يدرج القرار بالكامل تحت الفصل السادس.
ولا جدل في الزامية القرار 1757 سواء صدر تحت الفصل السابع أو السادس، فالقرارات ذات الصلة بالنزاع العربي ـ الاسرائيلي جاءت تحت السادس، وهي قرارات ملزمة. كما ان القرار 1701 الذي تضمن تدابير الزامية جاء ايضاً تحت الفصل السادس.
ولفتت المصادر الى أن ليس هناك من فارق في الأثر القانوني للقرار في مسألة امتناع الدول الثلاثة غير الدائمة العضوية في المجلس من التصويت. فهي سواء امتنعت أو لم تمتنع فان القرار بات ملزماً، وهي في الأساس ليس لها القدرة على استعمال حق النقض "اليتو" خلافاً لروسيا والصين الدائمتي العضوية، الا ان المضمون السياسي لمواقف الدول الثلاث قطر واندونيسيا وجنوب افريقيا يؤكد انها ليست ضد المحكمة. وبالتالي اذا اعتمد القرار تعتبر نفسها معنية بتنفيذه، وهذا ما أكده نائب رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بعد لقائه بوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في باريس، عنما قال ان قطر ليست ضد قرار تشكيل المحكمة التي اقرها مجلس الأمن، وانها كانت تدعو الى توافق لبناني عليها بعيداً عن الفصل السابع.
وأشار المسؤول القطري، الى أنه من المهم بعد اقرار المحكمة التعامل مع هذا القرار كواقع من دون أي تصعيد للموقف في لبنان. ما يؤكد أن الدول الممتنعة ليست ضد المحكمة. كما ان روسيا والصين تؤيدا المحكمة ولو كانتا معترضتين فعلاً، لكانتا استعملتا "اليتو" لاسقاط القرار. لكنهما تلافتا تحمل تداعياته..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00