ما معنى أن القرار 1757 حول إقامة المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو جزء من أحكام الشرعية الدولية؟ وهو الأمر، الذي أكدته أوساط الأمم المتحدة، والدول التي صوّتت في مجلس الأمن الى جانب صدوره، فضلاً عن مواقف الدول التي امتنعت عن التصويت عليه، والتي ترى أنه لا قرار ملزماً يجب التعامل معه كواقع، ودعم تطبيقه.
تقول مصادر ديبلوماسية دولية ان القرار 1757 يمكن اعتباره خارطة طريق تنفيذية، للكشف عن حقيقة جريمة اغتيال الحريري ومقاضاة الضالعين فيها. وقد اعتبر القرار في حيثيات صدوره، ان الآثار المترتبة عن العمل الارهابي في الفقرات الممهدة في نصه، تشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وبالتالي ان في القرار 1757 تلازماً واضحاً بين توصيف الجريمة، والارهاب من جهة، وبين توصيفها ومسألة تهديد الأمن والسلم الدوليين، من جهة ثانية.
وتبعاً لذلك، فإن اي شخص أو جهة، أو كيان، سيدان في الجريمة، ستطبق عليه كل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بمكافحة الارهاب. وقد صيغ القرار 1757 بصفة الارهاب ما يرتب على المتعاملين تحت هذه الصفة ملاحقة حتمية من المجتمع الدولي ومحاسبة مستمرة. ونظراً الى ان القرار 1757 قد ربط بالقرارات السابقة ذات الصلة بجريمة الحريري، وهي الـ1595 و1636، و1644، و1664، و1748، فهو يعتبر متكاملاً معها، لاسيما مع الـ 1636، الذي أشار في حيثياته بوضوح الى القرارات الدولية ذات الصلة بمكافحة الارهاب خصوصاً القراران 1373 و1566، وفي نصه حيث تناول مسألة أن ضلوع أي دولة في الجريمة، يشكل انتهاكاً خطراً لالتزاماتها قرارات الشرعية الدولية حول الارهاب. لذلك فان ارتباط القرار بالقرارات ذات الصلة بالجريمة، المربوطة بدورها بالقرارات ذات الصلة بمكافحة الارهاب يجعله متلازماً معها، والقراران حول الارهاب الواردان في حيثيات الـ 1636 هما بدورهما امتدادان للقرارات الدولية 1269 و1368 و1267، و1535، و1540، و1624 ذات الصلة بمكافحة الارهاب والارهاب يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
اما في شأن مسألة تلازم القرار 1757 مع قضية الأمن والسلم الدوليين، فتبدو واضحة لتصب أيضاً في محور مكافحة الارهاب، فالقرار 1757 تحدث في حيثياته عن الآثار المترتبة عن العمل الارهابي، أي قتل الحريري ورفاقه في تهديد الأمن والسلم الدوليين وسلامة لبنان الاقليمية، في صياغة مشابهة لحيثيات القرار 1624 حول مكافحة الارهاب، حيث تناول "الأخطار المحدقة بالأمن والسلم الدوليين من جزء اعمال الارهاب"، ما يشير الى ان القرار 1757 ليس معزولاً عن سابقاته حول الجريمة، وحول الارهاب، واثر ذلك في الأمن والسلم الدوليين، حيث هناك تحديات دولية لتعزيز الاستقرار ومنع الارهاب بكل اشكاله. كما ان مسألة التثبت من تهديد الأمن والسلم الدوليين في لبنان عبر السعي الى تقويض الأمن، قد يستدعي سلسلة قرارات لاحقة اذا ما تعرض السلم في لبنان لخطر، خصوصاً وان هذا الموضوع هو جزء من سلسلة قرارات سابقة، قد تلجأ المنظمة الدولية الى اعتماد قرارات منبثقة على غرار القرار 1559 وما استتبعه من القرارين 1680 و1701، او القرارات ذات الصلة بجريمة الحريري، في هذا الشأن.
وتوضح المصادر أن هناك خطراً على الأشخاص والجهات والكيانات التي تعمد الى تعطيل القرار 1757، أو التي تسعى الى تقويضه، وذلك باستعمال الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لاسيما المادة 41 منه، وهي تنص على ان لمجلس الأمن تطبيق تدابير تدريجية في اقامة عقوبات متنوعة وشاملة وقطع علاقات ديبلوماسية، وحظر سفر وتحويلات وغير ذلك من أوجه الحصار المشدد، قبل التوصل الى استعمال القوة. واذا ما توصلت اي جهة لتعريض نفسها الى مثل هذه العقوبات، من الصعب جداً، بحسب المصادر، ان يعود المجتمع الدولي عن اجراءاته بسرعة لدى تجاوبها مع القرار بسبب البيروقراطية الدولية، وبطء العودة الى مناخات السلام في العلاقة مع أي جهة تكون قد عرّضت نفسها للعقوبات الدولية، خصوصاً اذا ما تمت لمدة طويلة.
وترى المصادر ان المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة تؤكد أن سلطة القانون الدولي تعلو على سلطة القانون الوطني. وتنص هذه المادة على أنه: "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطات الداخلية لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء (في المنظمة الدولية) ان يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم بهذا الميثاق، على ان هذا المبدأ لا يحل بتطبيق تدابير القمع الواردة في السابع".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.