أكدت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة ان الوضع اللبناني الداخلي سيبقى يراوح مكانه من الآن حتى أيلول المقبل، موعد إجراء الإدارة الأميركية مراجعة للسياسة الحوارية التي قررت اعتمادها مع كل من إيران وسوريا لتنفيذ المطالب الدولية منهما من دون تقديم مقابل لهما، سوى اقناعهما بأن ذلك يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وينعكس على أوضاع المنطقة وقد يؤدي إلى زيادة فرص تحقيق تسوية للنزاع العربي ـ الإسرائيلي بصورة شاملة.
وتكمن أسباب توقيت المراجعة الأميركية والتقويم في أيلول، في ان الإدارة ترغب في ان تكون سنة 2008 سنة الانتصارات التي ستحققها قبل ان تختم هذه السنة على انتخابات رئاسية. وستتفرغ الإدارة أيضاً خلال هذه السنة للتحضير لفوز آخر للجمهوريين في إطار المعركة الانتخابية الديموقراطية، بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. ودائماً تكون آخر سنة في ولاية أي رئيس للولايات المتحدة مخصصة لتحقيق انتصارات، تستثمر على مستوى السياسة الداخلية والخارجية على السواء.
وتفيد المصادر تاليا، ان أكثر من طرف شرق أوسطي وإقليمي مهتم جداً لما ستتناوله نتيجة المراجعة من الرؤية للانتصار وما إذا كان سبيله استعمال القوة، وتسليم الانتصار إلى رئيس جديد يستكمله في المنطقة أو تحقيق الأهداف من دون استعمال القوة إذا ما كان ذلك متاحاً.
وما إذا كان عدم اللجوء إلى القوة، يعني تعاوناً رباعياً مع واشنطن، من السعودية وإيران وسوريا وإسرائيل خصوصاً حول العراق يفضي إلى الاستقرار فيه، وبرمجة انسحاب أميركي من هذا البلد.
وفي حين تشير المصادر، إلى ان الإحراج الذي تواجهه سوريا حالياً، لا يقتصر فقط على إقامة المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بل إلى ما يحصل على المستوى الدولي، والدولي ـ الإقليمي الإيراني تحديداً، وكل ذلك يطرح تساؤلات حول مستقبل الرهانات التي عولت دمشق عليها، ومتغيرات تتمكن من خلالها التحرك لإزالة الضغوط عليها والحدّ من عزلتها.
وأولى التساؤلات تتناول الاستعدادات التي تبديها إيران في إطار بدء التفاوض مع الولايات المتحدة حول الوضع العراقي، مقابل استعدادات واشنطن لحوار منفصل مع إيران عن أي تهيئة أو بداية حوار مع دمشق. وقد غابت الأجندة الإقليمية عن اللقاء الأميركي ـ الإيراني الأخير في بغداد. ومن الواضح ان اللقاء يعتبر محطة لإمكان التعاون، لكن لا تفاهم نهائيا بعد، انما من غير المستبعد ان يمهد لتعاون بين الطرفين يفيد ملفات اخرى في المنطقة تهمهما، من دون ان تتنازل الإدارة الأميركية عن إنجازاتها خصوصاً في الملف اللبناني، وأوضحت المصادر ان دمشق سجلت أكثر من علامة استفهام حول لقاء بغداد على غرار موقفها، حيال لقاء مكة الذي أدى إلى مصالحة فلسطينية داخلية.
ذلك، ان دمشق، استناداً إلى المصادر، تعتبر ان أي تقارب أميركي ـ إيراني لن يأخذ بالضرورة المصالح السورية بالاعتبار، لا في العراق ولا في ملفات أخرى غير الملف العراقي. وبالتالي تستبعد المصادر، ان تكون دمشق قادرة في ان تؤثر على إيران لعدم الدخول في مفاوضات من دونها، مع الولايات المتحدة. فإذا نجحت المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية، فإن الأمر سيحد من احتمالات ان تتمكن دمشق من فرض نفسها كقوة فاعلة في المنطقة. وإذا لم تنجح هذه المفاوضات، فإن دمشق قد لا تكون قادرة على تحقيق استقلالية في موقفها نظراً لاتباعها مقتضيات التحالف مع إيران.
لكن إيران، تعتبر بحسب المصادر، انها إذا ما تمكنت من إقامة حوار جدي مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا سيما مع فرنسا، فسيؤدي ذلك إلى تحسين أوضاعها على المستوى الدولي وتؤكد من خلال ذلك انها فعلاً الدولة الإقليمية الأقوى.
وأشارت المصادر، إلى ان المباحثات الأميركية ـ الإيرانية تركزت على ورقتين، الأولى طرحتها واشنطن، حول: الهواجس من ان كل التجهيزات الأمنية والمعدات التي تستخدم في العراق والمنطقة هي إيرانية الصنع، وحول ان إيران لا تخضع في أدائها في العراق للقانون الدولي. في حين تناولت الورقة الإيرانية، أسباب العقود الثلاثة من القطيعة بين البلدين، وما تتضمنه التصريحات الأميركية على أعلى مستوى بالنسبة إلى توجيه ضربة لإيران، وأسباب سياسة الكيل بمكيالين لجهة محاسبة إيران وعدم محاسبة إسرائيل.
ويتضح من نقاط الحوار، تطور الاستعدادات الأميركية ـ الإيرانية، نسبة إلى الاستعدادات الأميركية ـ السورية، وما يمكن ان يعكسه ذلك على أداء حلفاء البلدين في لبنان.
اما المحطات الأخرى لمصير الرهانات لدى دمشق، هي في الاستحقاق الرئاسي الفرنسي، حيث يشكل مجيء نيكولا ساركوزي رسالة واضحة في عدم التهاون مع تطبيق القرارات الدولية كافة، وثم في الموقف الروسي الذي أكدت المصادر، انه منذ اللحظة الأولى لصدور القرار 1757 حول محكمة جريمة الحريري، باتت موسكو تعتبر انه قرار صادر عن الشرعية الدولية يجب تنفيذه بالكامل، على الرغم من انها امتنعت عن التصويت عليه.
وتقوم واشنطن بتسهيل الحوار في أماكن عديدة قبل ان تحسم تقويمها لنتيجة هذا المنحى في أيلول، لاختيار السبل الفضلى للانتصار، في حين تجري سوريا اهتماماً بابعاد الحسابات الإيرانية، والأميركية والفرنسية والروسية، وكذلك العربية التي دعمت وحدة الموقف الفلسطيني في دعم خطوات الشرعية اللبنانية في التعامل مع ملف "فتح الإسلام" وإرهابه، ومخيم نهر البارد ومنع تفشي هذه الظاهرة في المخيمات الاخرى، ومنع الفتنة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.