أظهرت حصيلة المشاورات غير الرسمية بين الدول الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الدولي، نهاية الأسبوع الماضي، وما بعد جلسة الجمعة التشاورية حول مشروع القرار الفرنسي ـ الأميركي ـ البريطاني المتصل باعتماد المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، انه سيتم وضع المشروع على الورقة الزرقاء المعدّة للتصويت غداً الثلاثاء، على أن يخصص المجلس جلسته الرسمية الأربعاء للتصويت عليه، والذي يفترض أن يتم بعد 24 ساعة من وضعه على الورقة الزرقاء.
وأفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع انه لم تعترض مسار المشروع أي عقبات جوهرية تؤخر قيام المحكمة أو تعطله. بحيث ان إدخال التعديل بإعطاء مهلة لبدء مفعول القرار المنتظر حتى 10 حزيران المقبل للمؤسسات الدستورية اللبنانية لابرامه، لن يشكل أكثر من فرصة إضافية للتوافق اللبناني حول إقرار المحكمة، وان أي صعوبات في إقرارها لبنانياً حتى ذلك التاريخ من شأنها ان تحتم تلقائياً تنفيذ القرار الدولي حول إقامة المحكمة. وبالتالي لا حاجة للعودة مجدداً إلى مجلس الأمن للبدء بتشكيل المحكمة، وهذا الاجراء سيكون شكلياً، لن يؤثر في مسار المحكمة، إنما لم ترغب الدول الثلاث صاحبة المشروع معارضة تقديم هذه الفرصة، وهي تدرك سلفاً ان المؤسسات اللبنانية لن تكون قادرة على تمرير المحكمة، وإلا لكانت استطاعت ذلك خلال الشهرين الماضيين.
وأوضحت المصادر ان الحشدين اللبناني والدولي للمشروع وفّرا 10 أصوات من أصل 15، ستصوّت إلى جانب استصدار القرار حول المحكمة، في حين ستمتنع عن التصويت 5 دول هي روسيا الاتحادية والصين وقطر وجنوب افريقيا واندونيسيا، ولن تقوم أي دولة من الدول الخمس الدائمة العضوية باستعمال حق النقض "الفيتو" لإسقاط مشروع القرار. ولو لم يكن اليوم الاثنين يوم عطلة رسمية في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لكان وضع المشروع على الورقة الزرقاء اليوم، وتم التصويت عليه غداً. وعلى الرغم من ان روسيا الاتحادية وقطر تناولتا العلاقة بين إقرار المحكمة والاضطرابات الأمنية الحاصلة في لبنان، فإن الدول الثلاث صاحبة المشروع حسمت الموقف لجهة تسريع إقرار المحكمة في مجلس الأمن، لأن ذلك سيجعلها أمراً واقعاً، وسيؤدي إلى وضع حدّ للتوترات الناجمة عن علاقة إنشاء المحكمة بالمتضررين من وجودها، وهي تعول على الاتصالات، التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع كل من وزيري خارجية ايران منوشهر متكي، وسوريا وليد المعلم والتي ركزت على دعم الاستقرار والأمن في لبنان، وعلى دعم الأمم المتحدة للحكومة اللبنانية وللجيش اللبناني وللاجراءات التي يتخذانها لوضع حد لوجود "فتح الاسلام" وارهابها في لبنان.
وشددت المصادر، على أهمية بقاء القرار لدى صدوره تحت الفصل السابع، على الرغم من بعض الاعتراضات التي عادت وتراجعت بفعل ضغوط الدول الثلاث في المجلس.
وأكدت، ان اقرار المحكمة بعد غد الأربعاء، سيطلق مرحلة مفصلية جديدة في مسيرتها، وهو الأمر الذي شكل حيزاً مهماً في المباحثات التي يجريها الوفد الرسمي اللبناني الى نيويورك برئاسة وزير الخارجية والمغتربين بالوكالة طارق متري، مع اركان الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي مقدمهم الأمين العام، بحيث ان المحطة الأساسية التي ستعقب صدور القرار عن المجلس، هي في بدء كي مون بتطبيق صلاحياته والقيام بدوره في تشكيل المحكمة. وسيقوم باتصالات دولية لاختيار القضاة الدوليين الثلاثة، واختيار المدعي العام في المحكمة والذي قد يكون رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة القاضي سيرج براميرتس. وسيتفاهم مع الحكومة اللبنانية حول ضرورة تعيينها للقاضيين اللبنانيين في المحكمة. ولن يكون للبنان دور في انشائها اذا انقضت المهلة حتى 10 حزيران ولم يقرها لبنان. لكن لاحقاً سيكون امام لبنان ضرورة التعاون في قضايا تفصيلية، خلال مرحلة المحاكمة وفي ما يتصل بالمطلوبين للتحقيق والمتهمين، ومن يثبت الجرم عليهم لدى صدور الاحكام.
وتشير المصادر، الى ان عملية تشكيل المحكمة وعلى الرغم من انها ستستغرق وقتاً، سيحتم اداء محدداً من لجنة التحقيق في الجريمة، وهي التي عولت في تقاريرها الأخيرة على انشاء المحكمة وضرورات ذلك بسرعة، كما عولت على ذلك مديرية الشؤون القانونية في الأمم المتحدة حرصاً على مصير التحقيق. وبالتالي فإن اقامتها ولو على الورق في المرحلة الأولى سيجعل لجنة التحقيق اكثر قدرة على تحديد موعد آخر تقرير ستقدمه للأمين العام ولمجلس الأمن، ومستوى الدلائل التي ستقدمها وتوقيت رفع القرار الاتهامي الى المحكمة بناء على تحديده لموعد التقرير الأخير. لذلك سيكون البدء بتشكيل المحكمة حافزاً أمام اللجنة لتقديم تقريرها المتوقع منتصف تموز المقبل متمايزاً عن التقارير الوصفية السابقة، لجهة المعطيات المتوافرة. الا ان الأسماء لن تكشف الا في القرار الاتهامي الذي ستتسلمه المحكمة، التي ستحاكم وتستكمل ما تبقى من تحقيقات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.