بالتزامن مع مناقشة مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار الخاص بانشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فانه يولي اهتماماً لموضوع الحدود اللبنانية ـ السورية على خلفية التطورات الأمنية في لبنان، وما يمكن للمنظمة الدولية ان تقوم به لمساندة الحكومة اللبنانية في ضبط الاستقرار والأمن، حيث يشكل موضوع ضبط الحدود العنصر الاساسي في ذلك.
وتكشف أوساط ديبلوماسية غربية ان الأمم المتحدة اتخذت قراراً لتسريع ايفاد اللجنة المستقلة لاستطلاع أوضاع الحدود اللبنانية ـ السورية، والتي استحدثت على خلفية ما لحظته تقارير الأمين العام للمنظمة بان كي مون حول تهريب السلاح والمسلحين الى لبنان عبر هذه الحدود. وبسبب التهديدات الأمنية المتصاعدة على الساحة اللبنانية، بدا للأمم المتحدة، ان مهمة هذه اللجنة باتت أكثر من ضرورية، وهي تتطلع الى الاقتراحات التي ستسجلها في تقريرها الى مجلس الأمن منتصف حزيران المقبل، في موازاة التقرير الدوري الذي سيحيله الأمين العام على مجلس الأمن حول مجريات تنفيذ القرار 1701 في التاريخ ذاته.
وتكشف هذه الأوساط أيضاً، ان مسألة نشر القوة الدولية "اليونيفيل" على الحدود اللبنانية ـ السورية، باتت محور مباحثات دولية بعيدة عن الاضواء، نتيجة التطورات اللبنانية. اذ ستحتل هذه المسألة واجهة الاهتمام بعد اقرار المحكمة. فبعدما كان الاتجاه في حده الأقصى لدى مجلس الأمن، نتيجة تقرير لجنة الحدود المنتظر، هو اقرار المساعدة التقنية للحكومة والجيش اللبنانيين لتعزيز ضبط الحدود ومراقبتها وبتوجيه رسائل الى الدول لدعوتها للمساهمة في هذا الاطار، الا ان التطورات الأمنية الحالية سترتب خطوات تستدعي طرح ملف الحدود بصورة أكثر حزماً. الا أن اي فكرة متصلة بنشر "اليونيفيل" تحتاج الى توضيح الاستعدادات اللبنانية في هذا المجال ومستوى الحسم الذي ستلجأ اليه الحكومة في موضوع الاستقرار والأمن وطلب المساعدة الدولية، بحيث يتحقق موضوع ضبط التسلح لغير السلطة الشرعية على الحدود اللبنانية كافة، وليس فقط في الجنوب، لتوفير الاستقرار والهدوء على الحدود بين لبنان واسرائيل، أي تتساوى الاجراءات بين ما هو متخذ حتى "الخط الأزرق" الجنوبي، مع ما يمكن اتخاذه لفرض الأمن حتى "الخط الأخضر" وهو الخط الذي حددته الآلية التي وضعتها الأمم المتحدة لمهمة لجنة الحدود المستقلة لاستطلاع الحدود بين لبنان وسوريا.
واذ تبدي المصادر، قلقاً دولياً حيال أي تطور سلبي، وتشير الى الاتصالات الدولية الاقليمية لاعادة الوضع اللبناني الى السيطرة ومنع انزلاقه، تؤكد ان هناك عنصرين مهمين في تقريب موعد الحسم لمصلحة الاستقرار اللبناني. وهما:
ـ سرعة عملية انهاء وجود الارهابيين في الشمال ودقتها، والاستفادة الى اقصى حد من الوعي الفلسطيني لدقة المرحلة على مصيرهم وعلى مصير لبنان، وعدم التأخر في الحسم تلافياً لاطالة الوقت، وتجنباً لاحتمال حدوث عوامل جديدة تدخل على خط التطورات يكون من شأنها توسيع رقعة الاضطرابات ووضع لبنان في دائرة الخطر.
ـ أن الحسم الأمني السريع مطلوب، لأنه اذا كانت معظم التقييمات الدولية لظروف التطورات الأمنية الحاصلة تناولت ارتباط ذلك بموعد اقرار المحكمة في جريمة اغتيال الحريري، فان مهمة المحكمة وادائها لاحقاً، سيستغرقان وقتاً قد يمتد لسنوات والمحكمة ستمر بمراحل ثلاث، هي اقرارها في مجلس الأمن، وانشاؤها وتكوينها لتصبح مستعدة لتسليم القرار الاتهامي، حيث عند ذلك سيتوقف عمل لجنة التحقيق المستقلة في الجريمة، التي ستحيل قرارها الاتهامي الى المدعي العام في المحكمة، على ان تستكمل المحكمة التحقيقات اللازمة. وقد لحظ القرار 1748 الذي نص على التجديد للجنة التحقيق مدة سنة اضافية من منتصف حزيران المقبل، مسألة انشاء المحكمة، بحيث يمكن ان يتوقف بناء لذلك عمل اللجنة في أي لحظة، وتبعاً لذلك تبدأ مرحلة المحاكمة وهي مرحلة حساسة.
أما المرحلة الثالثة، فهي صدور الحكم عن المحكمة، وهي بدورها مسألة بالغة الأهمية لا بل انها مصيرية لمن ستطالهم الاحكام. وبالتالي، ان الوقت الذي سيتسغرقه عمل المحكمة بعد عملية انشائها، ثم صدور الحكم، يجب أن لا يكون موضع ضغوط تمارس على لبنان لجعله يدفع ثمن الحقيقة والعدالة والسلم والمسار الديموقراطي، وان تسريع الحسم يستدرك المراحل اللاحقة للمحكمة.
وتدعو الأوساط الى التنبه الى خطورة المرحلة اللاحقة لاقرار المحكمة، لذلك يشدد أكثر من مسؤول دولي معتمد في لبنان، او زار لبنان خلال الأيام الأخيرة وقابل كافة الاطراف، على الوحدة الداخلية واستعادة خطوط الحوار الوطني، وتعزيزه وتضافر الجهود التي لدى السلطة اللبنانية مع ما يمكن للبنان ان يتلقاه من دعم عسكري وأمني بغية تطوير القدرة على ضبط الأمن والاستقرار، ان على الحدود أو في الداخل، لدرء المخاطر عن لبنان وابعاد الفتنة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.