أكدت مصادر حكومية لبنانية ان العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية وطيدة، خصوصاً العلاقات مع أبناء المخيمات وممثليهم في لبنان، إذ إنه للمرة الأولى في تاريخ هذه العلاقات تفتح الحكومة اللبنانية صفحة جديدة في التعاطي مع ملف المخيمات بروح بنّاءة ومسؤولة، الأمر الذي حقق معايير رفيعة المستوى من الثقة المتبادلة، ما يمنع أي قلق أو تخوف من ان تتمدد الظاهرة الموجودة في نهر البارد إلى بقية المخيمات اللبنانية وعددها 12 مخيماً. لا بل انها تبدّد ذلك.
وأوضحت هذه المصادر ان الحكومة اللبنانية تمكنت من الوصول إلى نتائج واقعية من خلال الحوار الذي كان ولا يزال قائماً مع الفصائل الفلسطينية حول درء المخاطر والفتنة بين الطرفين وتفويت الفرصة على محاولات إيقاع الفُرقة بينهما.
وقد توافقت المصالح اللبنانية والفلسطينية على السواء على ان الفتنة لا تخدم أيا من الطرفين، لا بل انها خطر على الاستقرار اللبناني، مثلما هي خطر على القضية الفلسطينية ومستقبل اللاجئين في لبنان الذين يسعون دوماً للعودة موحدين إلى ديارهم ودولتهم المستقلة المنتظرة.
وأفادت المصادر، ان حركة "فتح" التي تشكل بالدرجة الأولى القوة الضاربة في مخيمات الشمال ملتزمة مسار الدولة اللبنانية، وكذلك حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اللتان تشكلان ايضاً موقعاً مهماً في المخيمات في لبنان، وفي الشمال تحديداً. وهما أبدتا كل الاستعداد لدعم توجه الحكومة ومعارضتهما لكل الممارسات التي نشأت من خلال اعتداءات "فتح الإسلام"، وسعيها لتنفيذ برنامج ضد اللبنانيين في هذا الإطار.
كما ان الحركات الفلسطينية الثلاث ملتزمة التفاهم والتنسيق بين الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية ولا سيما مع الرئيس محمود عباس (أبو مازن).
وأشارت المصادر، إلى ان إجراءات بناء الثقة بين الحكومة والفصائل الفلسطينية والتي تناولت أخذ المطالب الحياتية الفلسطينية بالاعتبار والسعي لتوفيرها ريثما يتم التوصل إلى حل عادل لقضيتهم وعودتهم إلى ديارهم، أثمرت سياسياً الأمر الذي ساهم في تقريب وجهات النظر بين الطرفين والتشاور المستمر في هذه المرحلة وكل المراحل الحساسة، بغية وضع حدّ لأطراف متجدّدة من غير المستبعد ان تسعى جاهدة للعودة إلى التعامل مع الملف الفلسطيني في لبنان، على انه قنبلة موقوتة يمكن إشعالها في أي وقت وتوظيفها لخدمة زعزعة الاستقرار والأمن، إلا ان تضافر الجهود اللبنانية ـ الفلسطينية ووعي دقة المرحلة على الطرفين، وحسن العلاقة التي تربط في ما بينهما يحول دون حصول مثل هذه التوظيفات.
وقد تمكنت الحكومة اللبنانية، من خلال إيجابيتها في التعامل مع أوضاع اللاجئين في لبنان، من توفير ما قيمته 23 مليون دولار للمخيمات من الدول المانحة، وقد بدأت بتنفيذ مشاريع حيوية داخل هذه المخيمات، في حين تستكمل الاتصالات للحصول على مبالغ أخرى لهذه الغاية.
ونظراً للواقع الجديد في العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية، تصدر الاهتمام الدولي ضرورة وضع حد للإرهاب الذي اتسمت به أعمال "فتح الإسلام" التي تمت إدانتها عربياً ودولياً، في حين لا يزال المجتمع الدولي يعطي الفرص للحوار اللبناني ـ الفلسطيني للبناء لإيجاد الحلول لكل المسائل العالقة تنفيذاً للقرارات الدولية خصوصاً 1559 و1701.
وتشير مصادر ديبلوماسية رفيعة إلى ان الأداء اللبناني حيال الملف الفلسطيني طوال أشهر ستة خلت، ساهم في مركزية القرار الفلسطيني داخل لبنان، وحدّ من التدخلات والنفوذ الذي كان يتحكم بأدائه اللبناني خلال العقود الماضية، لا سيما النفوذ السوري. بحيث ان التركيز الدولي انصب على ضرورة التعاون السوري لنزع سلاح المخيمات استناداً إلى القرارات ذات الصلة.
وتشير المصادر، إلى ان خارطة النفوذ السياسي الموجودة لدى اللاجئين خارج المخيمات تتركز على سوريا في حين ان النفوذ داخلها يقترب أكثر من السلطة الفلسطينية في الأراضي.
وخارج المخيمات يتمركز السلاح في منطقتي الناعمة وبعلبك، وهو في أيدي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، و"فتح ـ الانتفاضة". اما في داخل المخيمات، فتشكل منظمة التحرير الفلسطينية مرجعية أساسية، مع تقارب كبير ومباشر مع قرار السلطة لا سيما من خلال حركة "فتح".
فتتمركز داخل مخيم "الرشيدية" حركة "فتح" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" أو فصائل أخرى على اتصال مع سوريا. وفي عين الحلوة: "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"عصبة الأنصار"، و"جند الشام". وفي مخيمي نهر البارد والبداوي في الشمال هناك فصائل تابعة لسوريا وغالبية من "فتح" وهي التي تمثل الثقل من حيث التسلح.
ويشكل التسلح في المخيمات، عبئاً على قياداتها، بسبب حالات من الفلتان الأمني داخلها، وتفاوت مركزية القرار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.