أظهرت نتائج الاتصالات اللبنانية ـ الدولية، وتلك الدولية التي تكثفت خلال الساعات الأخيرة في نيويورك في شأن الوضع اللبناني وإقرار مشروع المحكمة في جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مجلس الأمن، ان هناك إصراراً على المضي قدماً في عملية إقامة المحكمة، وان التطوّرات الأمنية في لبنان لن تثني أعضاء المجلس عن تحقيق تقدم في مسار إنشائها.
هذا ما تؤكده أوساط ديبلوماسية واسعة الإطلاع، وهي أفادت ان تهديد حياة اللبنانيين وأمنهم وتعريضهم للخطر ومحاولات هزّ الاستقرار وزعزعته سيشكل حافزاً إضافياً لاستكمال كافة الخطوات اللازمة لإنشاء المحكمة، لا بل ان التطوّرات الأخيرة ستجعل مجلس الأمن يسرّع في استصدار القرار الجديد حول المحكمة، والذي يعطي الضوء الأخضر للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للشروع فوراً في إنشائها فعلياً، بدءاً بإقامة مكتب للمدعي العام.
وأوضحت الأوساط، ان مجلس الأمن شهد أمس بدء المشاورات غير الرسمية والمفاوضات الجدية، حول مشروع القرار الذي كان طرح عليه الخميس الفائت وتميّزت المشاورات التي حصلت يومي الجمعة والسبت الماضيين بهدوئها، نظراً لان مندوبي الدول الـ15 طلبوا إعطائهم مزيداً من الوقت، للعودة إلى حكومات بلادهم، والتزوّد منها بتوجيهاتها وأفكارها وملاحظاتها. وقد تسلّم كافة المندوبين أول من أمس الأحد اقتراحات حكوماتهم، وبدأت المشاورات الفعلية أمس في المجلس حيث تم التداول بها، وسيستمر ذلك للأيام القليلة المقبلة. وسيحسم مستوى هذه الاقتراحات لناحية ما إذا كانت ضخمة أو بسيطة، موعد الجلسة الرسمية للمجلس، والتي ستخصص للتصويت على مشروع القرار.
ويواكب لبنان عن كثب مرحلة المشاورات الجارية. ولهذه الغاية، توفد الحكومة وزير الخارجية والمغتربين بالوكالة طارق متري، إلى نيويورك في الساعات المقبلة حيث سيجري لقاءات ديبلوماسية مع ممثلي الدول وأركان مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولي الشؤون القانونية في المنظمة الدولية، مزوداً بالثوابت اللبنانية حيال تشكيل المحكمة ومقتضيات ذلك في توفير السلم الداخلي والأمن والاستقرار.
وأكدت الأوساط، ان لمشروع القرار الجديد أهمية كبيرة، لتركيزه على اعتبار جريمة اغتيال الرئيس الحريري والجرائم الـ15 الأخرى ذات الصلة، تهديدا للأمن والسلم الدوليين، الأمر الذي يربطها مباشرة بمقتضيات ومندرجات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. كما ان المشروع ركّز على ان الجريمة هي إرهابية، وانه كان شمولياً في انه حسم مسألة الربط بين جريمة الحريري والجرائم الاخرى، ولحظ ذلك بوضوح، بعدما كانت هذه القضية محور خلاف. وهذه نقطة جيدة. كذلك هناك امر ايجابي، وهو بمثابة عامل تسهيلي لدرء حصول أي خلاف لبناني داخلي حول تمويل المحكمة أو تحديد مقرها. إذ استدرك مشروع القرار إمكانات العرقلة على المستوى اللبناني، وأعطى الأمين العام للأمم المتحدة صلاحية اتخاذ القرار اللازم في هذه المسائل لتأمين انطلاقة المحكمة واستمراريتها.
ولفتت الأوساط، إلى ان الدول الفاعلة في مجلس الأمن تؤيد الإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني والقوات الشرعية، لوضع حد للوجود الإرهابي في مواقع داخل لبنان. وأوضحت، ان ما يحصل من حوادث لن يكون حائلاً دون ان يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته حيال جريمة الحريري والجرائم الأخرى، لا سيما انها كلها مرتبطة في النهاية بأسباب إرهابية، وبالتالي فإن أي خطوة لبنانية في طريق إنهاء إمكانات تعرض لبنان وأمن مواطنيه للإرهاب ستحظى بتقدير مجلس الأمن، وإشادته بدور السلطة اللبنانية في حماية الاستقرار والأمن والسلم.
وأفادت الأوساط ان القلق الدولي حيال استهداف الجيش اللبناني والمدنيين اللبنانيين، على أهميته، لن يؤدي إلى تجميد البحث في مشروع القرار المطروح، وان التوجه هو لتسريع إقراره، وأشارت إلى ان هناك حزماً دولياً في التعامل مع مشروع القرار، لا سيما وان كل الدول الأعضاء في المجلس كانت تتوقع احتمال حصول محاولات لزعزعة الاستقرار اللبناني. وإحداث اضطرابات في مرحلة إقرار المحكمة، وبالتالي لم تُفاجأ بالتوتير الحاصل، إلا ان ذلك لن يجعلها تتراجع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.