تربط أوساط ديبلوماسية بارزة بين إعادة تأكيد الحكومة اللبنانية موقفها من استعادة سلطة الدولة على منطقة مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل، وبين الاستعدادات المكثّفة القائمة في الأمم المتحدة لحل المشكلة، وإعادة هذه المنطقة الى لبنان.
والاستحقاق الأول على طريق الحل، سينجز في حزيران المقبل، بترسيم المزارع على الخارطة، من فريق خاص قانوني ـ طوبوغرافي كلفته الأمم المتحدة قبل نحو خمسة أشهر هذه المهمة. وسيعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في تقريره المرتقب منتصف حزيران حول مجريات تنفيذ القرار 1701، ما حققه الفريق على هذا الصعيد، وما يمثله هذا الإنجاز على مستوى تسريع حل قضية مزارع شبعا، فضلاً عن الاهتمام الدولي الخاص بالنقاط السبع التي تتمسك بها الحكومة والتي لحظها القرار المذكور. وستضع المنظمة الدولية الترسيم أمام إسرائيل، وستطلق محادثات معها، لسحب جيشها من مزارع شبعا في الدرجة الأولى، ومن ثم تتولى الأمم المتحدة السلطة في المنطقة، وتجعلها مساحة خالية من السكان أي )dnal s'nam on(، على أن يُسمح فقط للمزارعين أصحاب الأراضي فيها باستغلال ممتلكاتهم لهذا الغرض فقط.
وتريد المنظمة الدولية أن تستمر في السعي الى تنفيذ مقتضيات القرار 1701 كافة، لاسيما عودة سيادة لبنان على هذه المنطقة الوحيدة التي بقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي مع نقاط حدودية ثلاث وموقع كفرشوبا. ويساهم حل قضية المزارع بالطرق الديبلوماسية، في إزالة أي مبرر يحول دون حل مسألة سلاح "حزب الله"، مع العلم أن المنظمة والقرارين 1559 و1701 يحصران التسلّح والسلاح في لبنان بالدولة وبالشرعية، وأن الاستراتيجية الدفاعية المطلوبة للبنان ترتكز على القرار المركزي للدولة في المقاومة وأنواعها وتحديد القضايا التي يفترض أن تشكل حافزاً للعمل المقاوِم.
وتفيد الأوساط الديبلوماسية بأنه بعد خطوة إنجاز الترسيم على الخارطة، والحصول على وعد إسرائيلي بالانسحاب وعدم عرقلة مساعي المنظمة حول ذلك، فإن على مجلس الأمن الدولي أن يحدّد السبيل لبسط سلطة القوات الدولية على منطقة مزارع شبعا، بحيث أن هناك حلين يمكن اعتمادهما، وعلى المنظمة في ضوء ذلك حسم خياراتها. الحل الأول، أن توسّع القوة الدولية العاملة في الجولان السوري المحتل "الأندوف" منطقة عملياتها لتشمل مزارع شبعا بعد انسحاب إسرائيل منها، ما يعني أن هذا الحل لا يتعارض مع مطلب الحكومة اللبنانية بأن تتسلم الأمم المتحدة المنطقة تمهيداً لاستعادة لبنان السيادة عليها، وبالتالي لم يشترط الطلب اللبناني طريقة الحل ما إذا كان عبر "الأندوف" أو عبر تسلّم "اليونفيل" الموجودة في الجنوب اللبناني بموجب القرار 1701، والتي كانت موجودة أصلاً وقبل زيادة عديدها بموجب القرار 425 ومنذ العام 1978، هذه المنطقة.
والفارق ما بين تسليمها لـ"الأندوف" أو لـ"اليونفيل"، أنه في الحالة الأولى يعني الموافقة على الطلب اللبناني، لكن تثبيت لبنانية المزارع سينتظر استكمال تنفيذ القرار 242، بحيث إن قواعد ومقتضيات وجود "الأندوف" التي يتم توسيع النطاق الجغرافي لعملياتها، ليشمل المزارع، يجعل هذه المنطقة خاضعة لها، وهي التي أرساها القرار الصادر حول ذلك عن مجلس الأمن في العام 1967 لإنهاء الاشتباك على الجبهة السورية ـ الإسرائيلية آنذاك. ويذكر أن سوريا كانت لديها محاذير من حل منفصل لقضية المزارع لاستعادة لبنان سلطته عليها، لأنها تعتبر أن مثل هذا الحل يُسقط أحد خطوط الرابع من حزيران 1967، وأن ذلك العام الذي شهد احتلالاً للجولان ولمزارع شبعا يجب بحسب موقفها أن يتلازم مع الحل للمنطقتين. إلا أن التطورات في القرارات الدولية، وفي المعادلات الدولية تفرض على أي دولة عربية أن ترحّب بأي خطوة انسحاب اسرائيلي وان لا ترفضها، وان تتمسك باستعادة كل شبر عربي في اي وقت.
لكن في الحالة الثانية، اي احتمال ان تتسلم "اليونفيل" منطقة المزارع، فان الأمر يعني اعترافاً نهائياً بأن مزارع شبعا لبنانية وان تجسيد ذلك رهن بترسيم الحدود على الأرض، وفقاً للترسيم على الخارطة الذي ستنجزه المنظمة في حزيران. كما يعني ايضاً، أن منطقة المزارع خاضعة للقرار 425 الصادر في العام 1978 على الرغم من ان احتلالها تم في العام 1967، وبالتالي، يحتم هذا التوجه ان تنسحب منها اسرائيل فوراً حتى الحدود الدولية بينها وبين لبنان.
لذا، فإن اي حسم ستقوم به الأمم المتحدة في مسألة من هي الجهة الدولية التي ستقيم في مزارع شبعا، سيتطلب قراراً جديداً من مجلس الأمن يحدد معالم القضية بوضوح ويرسم آفاق الحل وابعاده. كما انه يرتب التشاور مع الحكومة اللبنانية في شأن كل الخطوات المطلوبة.
ويبقى التعاون الاسرائيلي في حل هذه المشكلة اساسياً، لتوفير الانسحاب من المنطقة لكي تتمكن قوة للأمم المتحدة من السيطرة عليها، وعدم لجوء اسرائيل الى الحجج وربط انسحابها بأي قضية أخرى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.