يرفع الوكيل القانوني للأمين العام للأمم المتحدة نيكولاس ميشال الى الأمين العام بان كي مون، الأحد المقبل لدى وصوله الى نيويورك، تقريراً حول حصيلة مشاوراته في لبنان مع كافة الفرقاء بالنسبة الى ابرام اتفاقية المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وإذ تستبعد مصادر ديبلوماسية مواكبة للقاءات ميشال الموسعة في لبنان، أن يتسلم من "المعارضة" ملاحظاتها على نظام المحكمة من الوجهة التقنية، تؤكد أنه سيخرج بانطباع ان بعض الأطراف اللبنانية تعرقل آليات انشاء المحكمة، مروراً بعرقلة عمل المؤسسات الدستورية. وهذه النقطة ستكون في صلب التقرير الذي سيقدمه الى الأمين العام، الذي سيحيله بدوره على مجلس الأمن الدولي لإجراء المقتضى في مسألة اقرار المحكمة والتعامل بحزم مع هذه القضية.
وبالتالي، ترى المصادر، فإن زيارة ميشال ومحاولته الأخيرة في شرح بنود نظام المحكمة، ورغبته في أن تتكامل الاجراءات اللبنانية مع اجراءات المنظمة الدولية لإقرار المحكمة وتقديم التطمينات القانونية الى فرقاء "المعارضة" من دون حصوله على ملاحظات منهم على نظامها، ستمهد لصدور قرار جديد عن مجلس الامن الدولي تحت الفصل السادس. مع العلم ان المجلس كان كلف الأمين العام للأمم المتحدة اجراء مفاوضات مع الحكومة اللبنانية لتشكيل المحكمة بموجب قرار سابق اتخذ في اطار الفصل السابع.
وتجرى مشاورات دولية بناء على تقرير ميشال إلى مجلس الامن حول اقرار المحكمة وفقا للفصل السادس لتكون روحية انشاءها مشابهة لروحية القرار 1701، فيكون القرار الجديد ملزما للبنان ولأي طرف معني بالتعاون مع مقتضياته، بحيث لا مفر من تنفيذه.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن اقرارها تحت الفصل السادس، في اطار يُبقي على نظامها الحالي، يبعد الاحراج عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليكون أكثر ارتياحاً لمجريات الأمور بعيداً عن مجلس النواب، وفي الوقت عينه، يُبعد الاحراج عن الحكومة وفريق 14 اذار، بحيث لا تنجح "المعارضة" في تصويرهما بانهما يدفعان الى اللجوء الى الفصل السابع، علماً ان الحكومة لم تطلب إقرار المحكمة تحت هذا الفصل، وان عريضة الأكثرية النيابية لم تطلب شيئاً من هذا القبيل، انما تولت شرح العراقيل التي تواجه ابرام المحكمة لبنانياً، طالبة أن تقوم الأمم المتحدة بدورها لحفظ مسيرة المحكمة وتحقيقها للعدالة.
ثم ان النقاش الدولي المغلق في مجلس الأمن، حول المحكمة يتوقف عند تقييم شامل للملف اللبناني. لذلك فان لعمل لاقامة المحكمة سيتجاوز ما سعت "المعارضة" لتحقيقه وهو نقل النزاع من المسألة الدستورية اللبنانية، الى أن يصبح اشكالة دولية، حول استعمال الفصل السابع أو عدم استعماله. بحيث سيتمكن من مجلس الأمن عن طريق الفصل السادس فرض المحكمة وفرض التعاون معها. تماماً كما فرض تنفيذ القرار 1701. كما يمكن للمجلس في وقت لاحق، واذا ما وجد ضرورة، ان يتخذ قراراً تحت الفصل السابع في مراحل متقدمة لفرض العدالة الدولية. وبالتالي لا شيء يمنعه من اتخاذ هذا الموقف. مع العلم انه، يحسب المصادر، كان من المفضل ان تعمد "المعارضة" الى تفعيل النقاش الدستوري اللبناني حول المحكمة، وان تجنب لبنان الخوض في موضوع الزامية المحكمة ووفقاً لأي فصل، ما استدعى في الظرف الراهن الجهد الدولي للإعداد لقرار جديد يفرض المحكمة، بغض النظر عن أي فصل ستنشأ على اساسه. لكن ذلك، في اطار عدم تنازل الأمم المتحدة عن هيبتها واحترامها. وأكدت المصادر ان ميشال حرص خلال لقاءاته القيادات اللبنانية كافة على التمسك بالطابع القانوني والتقني لتحركه في شرح ابعاد بنود المحكمة، والاستعدادات لديه للاستماع الى الملاحظات المرجوة. وينبع حرصه هذا، من أنه لا يقبل الدخول في مهاترات سياسية داخلية، وان تحركه يأتي في اطار تشاوري توضيحي، لا سيما ان تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في الجريمة سيرج براميرتس، في تموز المقبل، لن يكون كتقاريره السابقة ذات طابع تقني. انما سيكون اقرب الى مضبطة اتهام. ما يحتم تسريع خطوات انشاء المحكمة. وكون ميشال الناطق القانوني باسم الامم المتحدة فانه سعى للتشاور مع اللبنانيين حول مسار الأمور، ثم حول الاجراءات التفصيلية لمرحلة ما بعد اقرار المحكمة، وابرز هذه الاجراءات، اختيار مقرها، والمرجح في قبرص، وترتيب التمويل للمحكمة، واعداد هيكليتها بتعيين المدعي العام والقضاء فيها. وهي مرحلة جديدة تستوجب الإعداد لها بجدية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.