في الوقت الذي تتكثف اتصالات الأمم المتحدة بالحكومة اللبنانية لمواكبة التطورات حول احتمال إبرام اتفاقية المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قبل ان تتخذ الموقف النهائي لإقرارها، يعوّل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى على مناسبة انعقاد اللجنة الوزارية العربية الخاصة بمبادرة السلام الاربعاء المقبل، لما سيشكله اجتماعها من فرصة إضافية له يستشرف من خلالها مدى الاستعدادات لاستئناف العمل بمبادرته لحل الأزمة اللبنانية التي كان طرحها في كانون الأول الماضي ولم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى الآن.
واستناداً إلى أوساط ديبلوماسية قريبة من جامعة الدول العربية، فإن موسى سيعقد على هامش أعمال اللجنة، التي تجتمع للمرة الأولى بعد قمة الرياض، لقاءات خاصة لتفعيل آلية محددة لإعادة إطلاق مبادرته، مع وزراء الخارجية العرب الذين يمثلون دولاً أساسية في المساعي حول حل أزمة لبنان. ومن بين هؤلاء الوزراء الـ12 الذين سيشاركون في أعمال اللجنة، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ثم وزراء خارجية كل من الأردن ومصر وسوريا، ويرغب موسى في ان يستكشف مباشرة منهم ما إذا كانت لدى بلدانهم استعدادات لتحريك الحل للأزمة اللبنانية، بغية وضع حد لمرحلة الجمود الحاصل في التوصل إلى توافق داخلي حول القضايا المطروحة، لا سيما موضوع إبرام المحكمة، بحيث يبدو ان الوقت بدأ يصبح داهماً، وان المدى الزمني أمام الحل اللبناني التوافقي لم يعد واسعاً، وان مجلس الأمن لن يستمر طويلاً في انتظار حصول هذا التوافق.
وأوضحت الأوساط ان الأزمة اللبنانية ليست مطروحة على جدول أعمال اللجنة الخاصة بمبادرة السلام ـ على غرار ما كانت في جدول أعمال قمة الرياض ـ الاّ أنّ هذا الاجتماع يكتسب أهمية لأنه سيكون مناسبة ليستطلع موسى من الوزراء الفاعلين مستوى قدرة الأطراف المؤثرة على الساحة اللبنانية على تفعيل الدينامية السياسية اللبنانية، وإيجاد أفق جديد أو تسهيل لاختراق ما، يساهم في عودة موسى إلى بيروت ويمهد له الطريق مجدداً لإعادة إطلاق مبادرته.
وتؤكد الأوساط ان عودة موسى ترتبط بإبلاغه بوجود استعداد للحل لدى كافة الأطراف اللبنانيين، والذين يتأثرون إلى حدٍ كبير بمواقف وزراء الدول الذين سيلتقيهم الأسبوع المقبل، ثم بإبلاغه أيضاً ان هناك نتيجة جدية سيتوصل إليها في مباحثاته اللبنانية.
ويرى موسى، استناداً إلى هذه الأوساط، ان هناك حيزاً أساسياً في المشكلة اللبنانية يمكن حله عبر التفاهم الداخلي، وان الحل الداخلي هذا لم يبذل اللبنانيون جهداً كافيا لإحرازه. وموقف موسى هذا الثابت لديه، لا ينفي قناعته ان حيزاً من الأزمة الحاصلة سببه التعقيدات الدولية ـ الإقليمية، وقناعته كذلك بأن الحيز الداخلي إذا ما جرى تسهيله، يسهل بدوره الحلول الخارجية.
والحلول الخارجية للملف اللبناني، ترتكز بحسب الأوساط، إلى الموقفين الأميركي والإيراني، وبالتالي فإن الترابط الداخلي مع الخارج لم يؤدِ إلى ان تجد الأطراف الداخلية نفسها في مأزق يدفعها إلى إمكان تقديم تسهيلات توافقية حول الحل الداخلي، في حين ان أياً من الرياض أو القاهرة لم تتسلم من القيادة السورية أي ملاحظات حول نظام المحكمة كان جرى تحديد موعد لتسليمها بعد أسبوع على انتهاء القمة العربية، وبالتالي، هناك تركيز سوري على المخاوف التي طرحها الرئيس بشار الأسد في موضوع المحكمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في المملكة العربية السعودية. ثم ان المملكة عوّلت على الدور الأساسي الذي يطلب من إيران القيام به بفاعلية في لبنان وعبر سوريا، وان التمنّع عن القيام به كاملاً، أو تأديته بصورة مجتزأة، سينعكس استمراراً في حالة عدم التوافق اللبناني الداخلي على الحل بما في ذلك موضوع إبرام المحكمة. مع الإشارة إلى ان الإدارة الأميركية ليست في وارد المقايضة حول تحقيق سياساتها في المنطقة.
وفي هذه المرحلة، تتكثف الجهود العربية والدولية للحفاظ على أجواء التهدئة والاستقرار الأمني قائمة في لبنان، وهناك متابعة حثيثة ودقيقة لهذا الموضوع، ترافقها دعوات دائمة للعودة إلى الحوار والمصالحة الوطنية، نظراً لحساسية الوضع.
وستكشف مباحثات موسى مع وزراء الدول العربية الفاعلة مدى تحكم التعقيدات الدولية بجهوده المستمرة للحل، ومستوى حفاظ اللبنانيين على هامش تحرك خاص بهم حول ذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.