يلقي تقرير خاص وضع في الكونغرس الأميركي الضوء على الملائمة السياسية والاقتصادية والتنفيذية لطلب الإدارة الأميركية منه الموافقة على 770 مليون دولار لدعم لبنان، وهي المساعدة الأميركية التي اعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تخصيصها خلال انعقاد مؤتمر "باريس ـ3" في 25 كانون الثاني الماضي.
ويدور حالياً نقاش بين الإدارة والكونغرس يتناول ما هو متوقع من تخصيص هذه المساعدة، والالتزامات التي ستقوم بها الإدارة الأميركية والحكومة اللبنانية للتمكن من الاستفادة الفضلى منها. في حين أن الكونغرس لن يتوانى عن الموافقة على صرف الدعم المطلوب في المبدأ، إلا أنه يتعين عليه النظر في أربع نقاط، يجب أن يأخذها في الاعتبار، وهي:
أولاً: انتظار الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والإدارة الأميركية حول المشاريع المحددة التي يجب تمويلها، بحيث تتجه التحويلات المالية مباشرة الى تلك المشاريع التي هي في صلب خطة الإصلاح الاقتصادي للحكومة اللبنانية.
ثانياً: الطلب من الإدارة إبلاغه بالإجراءات التي تمكنه واللجنة الخاصة المعنية بملائمة الدعم، من التثبت من أن لا مخصصات مالية تمنح في إطار هذه المساعدة لأشخاص أو منظمات لديهم ارتباطات معروفة بـ"منظمات إرهابية بما فيها حزب الله". وطلب تحديد آليات المراقبة لاستعمال التمويل المطلوب.
ثالثاً: لا يمكن السماح بالدعم العسكري أو الدعم المخصص لمراقبة الاتجار بالمخدرات أو الممنوعات، والمخصص لتعزيز سلطة القانون، إلا لدى تسجيل الإدارة للجنة فيه المعنية بملائمة الدعم، حول الإجراءات التي جرى تصحيحها، والتي تجعل الولايات المتحدة تقتنع أن هذه الإجراءات تستحق مشاركتها في قضايا متصلة بتنفيذ برامج التدريب والمساعدة في إطار التمويل المطلوب.
رابعاً: إن هذه اللجنة في الكونغرس، قلقة لمسألة عدم تطبيق حكومة لبنان كامل الفقرة 14 من القرار الدولي 1701، وللتقارير المتصلة باستمرار تدفق السلاح من سوريا الى لبنان. إذاً، إن اللجنة، تطلب من الإدارة الأميركية أن ترفع اليها تقريراً في غضون 45 يوماً من انتهاء طرح هذا الموضوع، يتضمن تفاصيل الخطوات التي تتخذها الحكومة اللبنانية و"اليونيفيل" لتطبيق كافة بنود القرار. مع العلم، أن الكونغرس يشدد على أنه يجب عدم تخصيص أقل من 10 ملايين دولار أميركي لأهداف التعليم والدعم المباشر للمؤسسات التعليمية الأميركية في لبنان.
ويشار الى أن الفقرة 14 تحديداً، تنص على أن مجلس الأمن "يطالب حكومة لبنان بتأمين حدوده وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو ما يتصل بها من عتاد الى لبنان من دون موافقتها، ويطلب الى قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، وفق الفقرة 11، مساعدة حكومة لبنان لدى طلبها ذلك".
ويتحدث التقرير عن الإرادة السياسية اللبنانية، لا سيما في ما خص مسألة "حزب الله"، إذ يشير الى أن المحللين يعتقدون، أنه على الرغم من الجهد الأميركي لزيادة المساعدة العسكرية للجيش اللبناني، فإن السياسيين يفتقدون الى الإرادة السياسية، أو الانصهار، من أجل وضع حد لنشاط "حزب الله" وحلفائه. كما يعتقدون، أن القول باحتلال إسرائيل لمزارع شبعا يبرره استمرار تسلح "حزب الله"، هو لتغطية الضعف الداخلي والخوف الذي يحيط بمواقف معارضي سوريا في لبنان. ويلفت التقرير إلى أنه من دون توجه واضح للحكومة المركزية، فإن الجيش اللبناني يمارس سياسة "الإبهام البناء"، حيث يوضح أنه يبقى على الحياد رسمياً، وفي الوقت عينه، يتخذ خطوات لمنع إعادة تسلح "حزب الله".
ويلاحظ التقرير، أن المحللين حذرون من الاستعدادات للنزاع بين الجيش اللبناني والجيش الاسرائيلي، اللذان يتسلم كلاهما مساعدة ملموسة من الولايات المتحدة الأميركية. وهذه الاستعدادات تبقى قائمة نتيجة حرب تموز 2006. ويعدد التقرير الخروق للقرار 1701 وللخط الأزرق منذ ما بعد انتهاء حرب تموز حتى الآن، ويشير الى أنه من الناحية التقنية، فإن لبنان وإسرائيل لا يزالان في حالة حرب، وأن الحكومة اللبنانية تعلن أن نشر الجيش في الجنوب هو لحماية لبنان من اجتياح إسرائيلي وليس لنزع سلاح "حزب الله".
ويوضح التقرير أن المساعدة الأميركية للبنان تقسم الى هدفين: الأول، تقوية الجيش اللبناني في إطار الدعم العسكري الأميركي للبنان والذي تناهز المخصصات المطلوبة له 470 مليون دولار من أصل الـ770 مليوناً، في حين يبقى مبلغ الـ300 مليون دولار للهدف الثاني في المساعدة والذي يتركز على دعم إعادة الإعمار والاقتصاد.
وتتناول مقدمة التقرير سياسة الولايات المتحدة حيال لبنان، والدعم الذي تلقاه الحكومة اللبنانية من واشنطن، وما يرتب الأمر على الإدارة الأميركية من الالتزام بتكريس الدعم المالي للإعمار والمساعدة العسكرية، فقد رتبت حرب تموز أعباء مالية كبيرة لم يتمكن وحده مؤتمر استوكهولم من توفيرها، ما حمل المجتمع الدولي على تخصيص لبنان بمليارات من الدولارات للقيام بمستلزمات البناء وتقوية القدرات العسكرية لا سيما الحاجة الملحة لتعزيز مقومات الجيش للقيام بمراقبة الحدود مع سوريا ومنع إعادة تسلح "حزب الله".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.