8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الاعتدال العربي سيترجم مقررات القمة الى واقع

منذ اللحظة الاولى لما بعد تلاوة "اعلان الرياض" الذي صدر عن القمة العربية، التي استضافتها المملكة العربية السعودية، بدأت الاهتمامات اللبنانية والعربية والدولية على حد سواء، تتجه الى مرحلة الترجمة الفعلية، لما حققته القمة من نجاح في التضامن العربي، وإعادة قرار العرب الى العرب، ان في التعامل مع السلام في الشرق الأوسط، أو في التعامل مع مختلف القضايا المطروحة لدى كل دولة عربية، ان في لبنان أو فلسطين أو العراق أو السودان وغيرها.
وفي اطار ترجمة مقررات القمة، والتوجه المتجدد باستعادة العرب زمام المبادرة، تؤكد مصارد ديبلوماسية رفيعة المستوى، شاركت في أعمال القمة، ان مركزية الدور السعودي في تحقيق القمة خرقاً جوهرياً، لن يقل أهمية منذ الآن وعلى مدى سنة من رئاسة المملكة للقمة العربية حتى آذار 2008، في الجهد المنتظر من قادة المملكة ودورهم بشكل اقوى وفاعل بغية ايجاد الحلول للأزمات العربية مجتمعة ومنفردة. واذا كانت مناسبة القمة أدت دوراً كبيراً في التهدئة ان في لبنان أو في غيره من الاستحقاقات العربية والعلاقات العربية ـ العربية، فإن المملكة ستقوم بمهمة ريادية ومحورية ونشطة، في مدة رئاستها القمة، نظراً الى ثقلها المعروف عربياً ودولياً، والى قدرتها على استشراف الحلول الناجعة بفضل الرؤية والحكمة المتجذرة في طريقة تعاطيها مع القضايا الشائكة، ومحاولة الاحتواء والرعاية التقليدية التي تميزت بهما.
وانطلاقاً من هذا الواقع، تشدد المصادر، على ان الدور السعودي سيتجدد بشكل أقوى في ما خص حلحلة الأزمة اللبنانية بعد القمة، وان هذه الحلحلة ستقصد ملف رئاسة الجمهورية اللبنانية، بعدما اثبتت مباحثات القمة واللقاءات الجانبية التي شهدتها، انه لن يكون هناك تدخل تحت غطاء عربي في اتجاه ممارسة أي ضغوط على الحكومة اللبنانية من أجل احداث أي تعديل في النظام الأساسي للمحكمة ذات الطابع الدولي، والتي وقعت الاتفاقية الخاصة بشأنها بين الحكومة والأمم المتحدة، لا في الشكل ولا في الجوهر أو المضمون. والأكثر من ذلك، ان مقررات القمة وفّرت الغطاء العربي الشامل لانشاء هذه المحكمة وضرورة كشف الحقيقة عن الجريمة ومقاضاة مرتكبيها. كما وفرت عدم ربط اقرارها بأي ملف آخر.
وأوضحت المصادر ان الرياض أدركت بصورة لافتة ومعها الدول العربية المحورية، الرسائل الدولية، بأنه لا مفر من قيام المحكمة، فإما ان تنشأ بالتعاون بين لبنان والأمم المتحدة وبالشكل الذي تم تحديده في نظامها الأساسي، أو أن تنشئها الأمم المتحدة بصورة مستقلة، تحت الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية وفقاً لنظامها الحالي. وان بنود هذا النظام هو الذي يتطابق ومقتضيات القانون الدولي العام شكلاً ومضموناً. ولا قبول بأدنى مستوى من طريقة انشائها ومفاعيلها، لكن المصادر، تترقب باهتمام ان تبدأ نتائج اللقاء الذي جمع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد خلال الأيام القليلة المقبلة، لبحث نقاط عدة أبرزها الأداء السوري لتمرير المحكمة وابرامها في لبنان.
وألمحت المصادر الى ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، نقل الى كل من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري اجواء محددة حول هذا اللقاء، وأبلغ ان مجلس الأمن في النهاية هو سيد نفسه، على الرغم من ان تحرك الأمين العام ووكيله القانوني نيكولا ميشال جاءت على خلفية دراسة العمق القانوني الذي يحكم ارسال اتفاقية المحكمة من مجلس الوزراء الى مجلس النواب وسبل المعالجة الداخلية، قبل اتخاذ القرار بالمعالجة الذاتية في مجلس الأمن، وما يستلزم ذلك من قرارات جديدة تصدر عنه بصورة حتمية.
أما بالنسبة الى تفعيل المبادرة العربية للسلام، كما أقرت قمة الرياض، فإن المصادر، تتوقع ان تحث المملكة اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالمبادرة، على ان تضع آلية لعملها، وبرنامجاً واضحاً لسبل حشد التأييد لهذه المبادرة على المستوى الدولي، بغية استئناف عملية السلام، في اسرع وقت ممكن. وثمة مؤشرات، استناداً الى المصادر، ألا يقتصر تحرك اللجنة فقط على الرباعيتين الدولية والعربية، بل هناك ربما درس سبل تفعيل المبادرة مع اسرائيل مباشرة، والنظر في الوسائل والآليات، المتصلة بذلك بحيث ان التوجه ما بعد القمة، ينصب على اجبار اسرائيل على الأخذ بالمبادرة، وينطلق الأمر، من ان الاعتدال العربي لن يكون بعد اليوم جدار فصل بين التطرف الاسلامي والتطرف الاسرائيلي على الاطلاق. بل سيتخذ من قرار القمة تفعيل المبادرة لبلورة الحل السلمي على المسارات كافة مع اسرائيل، اللبناني، والفلسطيني، والسوري، كما في ما خص التعامل مع قضية السودان دولياً.
وما يلفت المصادر ايضاً على خط مواز، هو الفقرة الأولى من قرار التضامن مع لبنان ودعمه، والتي حازت على توجيه القمة التحية لصمود لبنان ومقاومته الباسلة للعدوان الاسرائيلي، ما يعني ان القمة نسبت المقاومة الى لبنان كوطن حكومة وشعباً وليس الى "حزب الله"، وهذا يشير الى ان مقاومة لبنان للعدوان على المستوى الوطني، هي التي ستحظى باجماع عربي وليس المقاومة، كجزء أو كدويلة. وهذا ايضاً ما ينسحب على تبني الحكومة الفلسطينية مقررات قمة الرياض لاسيما المبادرة العربية التي اعترفت باسرائيل، بما في هذه الحكومة من مكونات اي حركة حماس، ما يدل على أن هناك تحولا كبيرا يؤكد أن الحركة وضعت سقفاً لتحركها وأدائها وهو اطار الاعتدال العربي وليس اي سقوف اخرى يخرجها اي طرف اقليمي غير عربي. واكتشف اذ ذاك الشارع السني في فلسطين، ان الأموال الايرانية لن تحوّلهم الى طرف يمثل نفوذاً لإيران.
اذاً، أخرجت القمة العربية المبادرة من الورق الى التنفيذ، وأراد الاعتدال العربي ان يتصرف، وأن يضع الجميع في المنطقة وفي العالم امام مسؤولياتهم. فإما ان يسيروا في السلام، أو أن يتم دفع هذا الاعتدال بعيداً عن المعادلة، ليترك الساحة الى ان يقابل التطرف الاسلامي التطرف اليهودي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00