8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

طهران حريصة على حل لبناني قبل القمة لتجنب إعادة تركيز الدعم العربي للحكومة

تتحدث مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، عن الأسباب التي تقف وراء رغبة طهران الواضحة والعميقة بأن تتضافر جهودها مع جهود المملكة العربية السعودية للتوصل إلى صيغة مشتركة تُخرج الوضع اللبناني من الأزمة الحالية، ودوافع حرصها على تحقيق خرق في الحائط المسدود لهذه الأزمة، يتيح إنهاءها قبل موعد القمة العربية في 28 و29 آذار الجاري، تحديداً.
وتكمن هذه الأسباب، بحسب المصادر، في ما يلي:
ـ ان هناك قلقاً إيرانياً حول سبل التعامل العربي من خلال القمة والدولة المضيفة لها، أي السعودية، مع واقع المعارضة في لبنان إذا فشلت أي تسوية للمشكلة قبل هذا الاستحقاق. فطهران تدرك ان عدم حصول خرق للحل من شأنه ان يفعّل من جديد المؤازرة والدعم العربيين الشاملين للحكومة اللبنانية من خلال مقررات القمة، و"إعلان الرياض".
لذلك، تفضّل طهران تكثيف الجهود مع المملكة لإنضاج حل قبل القمة، لكي لا يشكل عدم الحل عائقاً أمام القمة لتقديم الدعم الحتمي للحكومة على حساب المعارضة. وبالتالي، تفضّل إشراك المعارضة في حل يلقى ترحيباً عربياً.
وترى طهران ان العمل المشترك مع المملكة لإخراج لبنان من أزمته سيعطيها مع الرياض دوراً محورياً يعزّز دورها الإقليمي ويقود إلى تفعيله بشكل أشمل، بحيث يطال ملفات عدة في المنطقة مطروح النقاش حيالها بين إيران والمجتمع الدولي.
وترى أيضاً، ان نظرتها إلى الملف اللبناني ليست معزولة عن بقية المسائل المحيطة به، بل من خلال هذه المسائل التي تلقي بمؤثراتها عليه مباشرة وغير مباشرة. وبالتالي فإن مجموع الظروف الإقليمية، من المشكلة الفلسطينية، والضغوط على سوريا، والتدهور في العراق، والملف النووي، يحتم على طهران القيام بجهود إيجابية، خصوصاً حول لبنان، ما يدفعها إلى التحرّك عبر حلفائها على الساحة اللبنانية في إطار توازن في التعاطي مع كافة الملفات في مرحلة تعاظم الضغوط الدولية في شأن ملفها.
ـ ان إيران تدرك خطورة الفتنة المذهبية في المنطقة، وتعتبر ان إدراكها لهذه الخطورة يتوازن وأهمية إدراك المملكة لذلك، وضرورة السعي الحثيث لمنعها ـ أي الفتنة ـ في لبنان ووضع حد لها في العراق، سينعكس إيجاباً على الاستقرار والأمن في المنطقة. لذلك، تسعى جاهدة لإيجاد تفاهم لبناني ـ لبناني على الحل، بالتزامن مع سعيها لتوفير العوامل التسهيلية له، وهي تحسين العلاقات السعودية ـ السورية. وكان من بين الطلبات الإيرانية خلال القمة مع السعودية، ضرورة العمل معاً لوقف الحملات الإعلامية المذهبية في لبنان ووقف النعرات الطائفية، والطلب إلى رجال الدين بث روح الوحدة والتفاعل والتقارب.
وكشفت المصادر انه على الرغم من الحرص الإيراني على التوافق مع المملكة والتعاون لحلحلة الملفات الإقليمية، وأبرزها الأزمة اللبنانية، فإن هناك قلقاً تبديه طهران، وهو موضع تقاطع مع دمشق، حيال المدى الذي ستسمح به واشنطن لحصول التزامات في المنطقة كنتيجة للمنحى التوافقي الذي يسود العلاقات السعودية ـ الإيرانية، في ضوء الضغوط الأميركية والحصار السياسي على كل من طهران ودمشق.
لكن المصادر، تؤكد قدرة المملكة على الإلتزام، وهو ما أبلغ إلى كل الأطراف المعنية بالحل، والقمة العربية العادية ستكون استثنائية في إنجازاتها، وينتظر من إيران إثبات قدرتها على الالتزام ايضاً لإرساء التفاهم اللبناني الداخلي قبل القمة.
وتشير المصادر إلى انه بالتزامن مع المسار الحواري الذي تتخذه طهران، فإنها لجهة قلقها هذا، تعمل للاستمرار في أخذ مصالحها الإقليمية ومصالح حلفائها بالاعتبار، وهي تعتبر ان المقاومة اللبنانية والنهج السوري حيال إسرائيل والسياسات الأميركية يمثلان خط الدفاع الأمامي لها ولن تقبل بتراجعه ولن تفرط به، كما تعتبر ان تقوية الجبهة مع سوريا، عبر الاتفاقات الموقّعة بينهما والأخرى التي ستنفذ، تضمن دورها الإقليمي. وهي لن تقف مكتوفة الأيدي في لبنان إذا ما وجدت نفسها أمام مواجهة خارجية، لا سيما من جراء تصاعد الضغوط حول برنامجها النووي. إذ تتمكن في هذه المرحلة من تقديم مؤشرات حول قدرتها المتعددة على التفاوض والمساومة في ملفات عدة، وعلى المواجهة والاحتفاظ بأوراقها في مواقع أخرى.
وترى المصادر ان تحقيق قواسم مشتركة نهائية حول الحل اللبناني، سيدفع من جديد مهمة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى الواجهة، خصوصاً أن بنود الحل المطروح تنطلق من مبادرته التي أعلنت في كانون الأول الماضي. وينتظر موسى الإشارات السعودية للتحرك الذي يرحّب بالقيام به من جديد بغية استكمال ما كان بدأ به، بنجاح.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00