تسجل أوساط ديبلوماسية غربية في بيروت، أهمية الدخول الأوروبي على خط المساعي السعودية والعربية لحلحلة الأزمة اللبنانية توصلاً إلى صيغة خاصة بذلك قبل استحقاق القمة العربية في الرياض في 28 و29 آذار الحالي، وهي المهلة الزمنية التي جرى التفاهم حولها دولياً وإقليمياً.
وتكشف هذه الأوساط، ان مهمة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن الاستراتيجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في دمشق، التي يزورها اليوم، محددة وواضحة وتأتي بناء على تكليف من الاتحاد، واستناداً إلى موقفه الذي أصدره في اجتماعه في التاسع من هذا الشهر، والمتصل منه بموضوع لبنان وسيادته واستقلاله، وعليه فإن سولانا سينقل إلى دمشق، موقف الاتحاد وخلفيات هذا الموقف الاستراتيجي، في إطار ثلاث رسائل هي:
ـ ضرورة اعتراف دمشق بسيادة لبنان واستقلاله، لكن ليس شفوياً، انما عبر فتح سفارات بين البلدين، وإقامة علاقات ديبلوماسية وترسيم الحدود، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
ـ الموافقة على موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعدم عرقلتها من خلال ممارسة نفوذها على أطراف داخليين في لبنان، وتأكيد القول بأن دمشق توافق على ما يتفق حوله اللبنانيون، بالفعل.
ـ إبلاغ القيادة السورية، ان مشكلة سوريا ليست مع فرنسا، أو مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك تحديداً، انما مع الاتحاد الأوروبي بشكل عام، وبالتالي إذا ما كانت دمشق راغبة في الحصول على مبادرة انفتاح أوروبي عليها بعد نحو سنتين ونيف من الحصار السياسي الدولي، فإن الطريق الوحيد أمامها هو التعاون بإيجابية مع الاتحاد الأوروبي، وإذا ما تثبت الاتحاد من جدية هذا التعاون لتنفيذ كافة القرارات الدولية، فإنه من الواضح، ان يتم إيجاد المخرج اللازم أمامها للعودة إلى تأدية دورها على صعيد الاتحاد، وبالتالي على المستوى الدولي.
وأكدت الأوساط، ان السبب الأساسي لوجود سولانا في لبنان الاثنين، ومن ثم في المملكة العربية السعودية أمس، قبل زيارته سوريا اليوم، هو الإصرار على تمرير المحكمة، وان كانت مباحثاته في الدول الثلاث تطرقت إلى الاستعدادات الداخلية للتسوية في لبنان، حيث أبدى دعم الاتحاد لمبادرات الحلول المطروحة.
إلا ان هذه الأوساط تؤكد ان أي تحرك أوروبي أو أي خطوات حوارية أميركية مع كل من سوريا وإيران، ستبقى محكومة بأجواء الضغوط الدولية القائمة على هذين البلدين. وبالتالي فإن واشنطن تدعم صمود الفريق الاستقلالي في لبنان ومواقفه الناتجة عن حسن قراءته للمنحى الذي تعتمده الإدارة الأميركية في إعطاء فرصة للحوار الإقليمي، وتبيان أهميته إذا ما حصل تعاون إيجابي معه، لانه يبقى أفضل من اللجوء إلى الضغوط في مجلس الأمن، أو التفرد بقرارات متصلة باعتماد التصعيد العسكري لحلحلة مشكلات المنطقة.
وفي هذا الإطار، وبالتزامن مع إظهار لغة الحوار، فإن الإدارة الأميركية تطالب اللبنانيين بالابتعاد عن الاعتقاد بأن ثمة أجواء إنهزامية تطال دعم طموحاتهم في استكمال مسيرة الاستقلال والسيادة.
لذلك ليس من المنتظر، ان يلجأوا إلى تقديم تنازلات بأي ثمن في مجال البحث في المبادرات المطروحة عليهم لحلحلة الأزمة. كما أن الإدارة الأميركية ستعلن في مرحلة ما بعد القمة العربية، مزيداً من المواقف الداعمة للمحكمة بالدرجة الأولى، ولسيادة لبنان واستقلاله، والتعاون الثنائي معه في مختلف المجالات لا سيما العسكري لتعزيز قدراته في حفظ الأمن. كذلك، تؤيد موافقة الحكومة اللبنانية على مواقف متقدمة في إطار المساعي المعروضة للحلحلة الداخلية، إذا ما تمكنت من الحصول على ضمانات كافية في شأن كافة الاستحقاقات وتمريرها. ولا تسمح بالعودة مجدداً إلى ممارسة ضغوط عليها في مرحلة لاحقة، ولدى البحث الداخلي في مسائل مصيرية اخرى كمسألة رئاسة الجمهورية.
كما تؤكد المصادر ان لا تراجع أميركياً عن الثوابت حيال الملف اللبناني، وحيال تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بهذا الملف. ولاحظت ان المطالب الثلاثة التي يحملها سولانا إلى سوريا تتعلق بالسعي لتطبيق القرارات الدولية ليس في موضوع المحكمة فحسب، بل في مقتضيات القرارات 1559 و1680 و1701.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.