أفادت مصادر ديبلوماسية عربية بارزة ان الأجواء الإيجابية التي تعكسها اجتماعات رئيس كتلة "المستقبل" النيابية النائب سعد الحريري مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تأتي ترجمة للتوافق على مرحلة من التهدئة، قد تمكن لبنان من الاستفادة من ظروف التقارب السعودي ـ الإيراني، بحيث تشجع المملكة العربية السعودية، على اغتنام هذه الفرصة لتذليل العقبات أمام المواضيع الخلافية والعودة إلى دينامية الحوار الداخلي.
وتصف المصادر المرحلة الحالية على المستوى الدولي والإقليمي بأنها لا تزال بعيدة عن موعد التسويات، وان الاتفاقات لم يحن أوانها بعد، انما ما يحصل الآن هو تمهيد لما سيكون عليه الوضع خلال الأشهر القليلة المقبلة التي تحسم التوجه للحل إما عبر التصعيد العسكري، أو عبر التوافق الديبلوماسي.
وأوضحت المصادر انه إزاء هذا الواقع، من المفيد للبنان ان تتضافر جهود الأفرقاء فيه لإيجاد صيغة داخلية للتوافق على سلة العناصر التي تتضمنها المبادرة العربية التي يقودها الأمين العام للجامعة، والتي تتناول المحكمة والحكومة، ورئاسة الجمهورية، بحيث ينسحب تخطي أي عقبة من خلال الاتصالات والمساعي العربية، على بقية العناصر، على ان يتم التفاهم حولها منذ الآن تلافياً لتعرض البلاد لحالة مشابهة للوضع الراهن بعد أشهر وعلى عتبة الاستحقاق الرئاسي. وتؤيد المملكة، في المساعي التي تبذلها، ان يتم فصل الموضوع اللبناني عن أي تداعيات إقليمية أو دولية، وألا يكون ايضاً على طاولة أي تفاوض دولي ـ إقليمي محتمل في أي لحظة حول القضايا البالغة التعقيد وأبرزها الملف النووي الإيراني.
وتتوقع المصادر ان يشهد لبنان تسوية مرحلية في ضوء التهدئة، التي تم التوافق عليها في القمة السعودية ـ الإيرانية، وفي ضوء الانتظار الأميركي للفرص المعطاة للحل الديبلوماسي عبر عملية توزيع أدوار محورية، وإقليمية، وأوروبية في اتجاه كل من إيران وسوريا، لدفعهما إلى التعاون بإيجابية مع المطالب الدولية.
وتشير المصادر، إلى ان إنجازا تحققه السلطة والمعارضة، إذا ما عملت على تسوية أكثر من مرحلية، تدوم لما بعد الاستحقاق الرئاسي، الأمر الذي يساعد لبنان على الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الأمني، والتفاهم على المسلمات الأساسية لبناء الدولة القوية والقادرة، ما يضمن صلابة الوضعين السياسي والأمني، أمام أي خيارات دولية ـ اقليمية مهما كان نوعها.
ويندرج في هذا السياق، الحرص السعودي على مستقبل لبنان واستقراره، وما يشدد عليه النائب الحريري حول سلّة الحلول المتكاملة، والتفاهم عليها دفعة واحدة، سعياً لتخفيف الخسائر عن لبنان في هذه المرحلة الحسّاسة، وتمرير الاستحقاقات الداهمة داخلياً بتوافق شامل، تكون الفرص المعطاة للتهدئة قابلة للاستثمار السياسي، وهي الفرص المتصلة بالتقارب السعودي الايراني، وعلى خط مؤتمر بغداد الدولي، ومن خلال تكليف الاتحاد الأوروبي للممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن لديه خافيير سولانا بدور واضح يدعو فيه سوريا وطهران للتعاون من دون شروط في حل المسائل العالقة لبنانيا واقليمياً، وفي الملف النووي.
ويبدأ سولانا جولة له في المنطقة يستهلها اليوم بزيارة لبنان، لاستطلاع استعدادات التسوية.
ولاحظت المصادر، ان ثمة تعديلاً في الاستراتيجية السعودية في مقاربة التعاون السوري الايراني المطلوب. ففي البداية سعت الرياض لإبلاغ رسائل الى دمشق بضرورة تعاونها معها حول كافة الملفات، وعندما لم تجد أي ايجابية، ركزت على التعاون مع ايران، على أساس ان المملكة هي الوحيدة القادرة على تغيير وجهة الأمور الدولية حيال الملف الايراني في ظل الحصار السياسي المضروب على طهران دولياً. في هذا الوقت، تتزايد عزلة سوريا عن التسويات، وستشكل مفاعيل مؤتمر بغداد الدولي دليلاً اضافيا، على ان لا أثمان أميركية ستعطى لسوريا مقابل تعاونها في استقرار العراق، خصوصاً انها لن تأخذ مقابل ذلك، لا في لبنان، ولا في المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وهذا أيضاً ما ينطبق على التعامل مع ايران في متطلبات تعاونها الجدي.
واذا كانت المرحلة اميركيا هي لالتقاط الأنفاس، قبل أي حسم مرتقب، فإن المصادر، تؤكد، ان من يعتقد ان هناك صفقات ستقدم نتيجة التعاون سوريا وايرانيا، سيسيء الظن، وان هناك مرحلة جديدة من استعادة الولايات المتحدة التحكم بزمام الأمور في المنطقة وبأسلوب أكثر تشدداً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.