أفادت أوساط ديبلوماسية غربية بارزة، ان الإدارة الأميركية لا تمانع في أن تعكس نتائج القمة السعودية ـ الايرانية أجواء ارتياح على الصعيد اللبناني، كما انها لن تمانع ما إذا أفضت هذه القمة إلى تحقيق تقدم على مستوى التهدئة لتخفيف الضغوط وإعادة تفعيل العمل الدستوري والسياسي في لبنان، للتمكن من تجاوز العديد من الاستحقاقات التي تبدأ بإبرام المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية.
وبالتالي تتابع الأوساط نفسها، فإنه إذا ما كانت مؤشرات القمة إيجابية لإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في البرلمان اللبناني بتعديلات لا تمسّ جوهرها، فإن ذلك سيكون خطوة لافتة، على الرغم من ان ذلك يكون قد تم بمبادرة لكن ليست أميركية.
وفي كل الأحوال، فإنّ المشاورات الاقليمية توصلاً إلى حلحلة عقدة المحكمة، لن تكون موضع رفض أميركي، لأن المهم إقرارها لمنع تكرار الاغتيالات السياسية، بحيث ينتظر أن يكون الوضع اللبناني بعد المحكمة مختلفاً عما هو عليه قبل إنشائها.
وهذا الأمر، أبلغته الادارة الأميركية الى أكثر من طرف اقليمي معني مباشرة وغير مباشرة بمسألة التحقيق في الجريمة، وعبر الوسطاء العرب والاسلاميين. مع ما يرافق ذلك، من تدويل للقضاء في الجرائم السياسية الارهابية في لبنان.
وفي هذا الاطار، كان لإيران موقف لافت، اذ انها أبلغت دمشق ضرورة التعاون لتمرير المحكمة دستورياً في لبنان، وبأن المحكمة مطلب دولي وعربي، وليس هناك من نوايا دولية، وأميركية تحديداً، بالتراجع.
وإذا كانت الفرصة حالياً تمتد حتى نتائج قمة الرياض العربية، وهو موعد يتزامن مع فرصة غير معلنة على مستوى معالجة الملف النووي الايراني بالطرق الديبلوماسية، فإن المصادر، تؤكد ان أي تصعيد دولي، اذا ما فشلت التحركات العربية المحورية حول تحقيق تعاون سوري وإيراني، سيؤدي الى تزامن في معالجة الملفين عن طريق فرض الحل بواسطة القوة، ما يعني ان طبيعة التعامل دولياً مع الملف الايراني، ستنسحب أيضاً على طبيعة التعاطي مع عدم التعاون السوري، اذا ما أصرت دمشق على اعتماده.
لذلك، تضيف المصادر، فإن توقيت اللجوء دولياً الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة نتيجة لعدم التعاون في ابرام المحكمة، سيواكبه على مستوى الملف الايراني، إعداد لهجوم عسكري وشيك على طهران، وحتى الآن، لا تزال الأجواء الحوارية في المنطقة، تعمل لاستنفاد الحلول الديبلوماسية، ومنع استخدام القوة، مع العلم ان دولا فاعلة في المنطقة تبلغت من واشنطن، ان ليس هناك نوايا بالتراجع، وان منطق فرض العقوبات وحده قد لا يكون كافياً لمعالجة عدم التعاون الايراني أو السوري.
وتدرك ايران، بحسب المصادر، ومعها سوريا دقة التحديات وخطورتها، وتسعى إيران للاستجابة لنصائح المملكة العربية السعودية، التي تحسبها طهران بدقة، الأمر الذي جعلها تأخذ بالاعتبار ما تبلغته منها حول الجدية الأميركية حيال ملفها، وكذلك حيال الملف السوري، ما دفع طهران الى ابلاغ دمشق ان المحكمة قائمة، وأنها قادرة على الوقوف الى جانب سوريا في أي سبيل للتعامل مع الموضوع.
وأكدت هذه المصادر، ان الدور الايجابي الذي قامت به طهران أخيراً بالتعاون مع الرياض لحل الأزمات الاقليمية لا سيما بالنسبة الى الموضوع الفلسطيني، ترك ارتياحاً أوروبياً. وفي حال نجحت ايران بتقديم الدعم وتأدية دور محوري في اعادة الاستقرار الى الوضع اللبناني، فإن ذلك سينعكس ايجاباً على المواقف الأوروبية حول ملفها.
وتشير المصادر، الى أن هناك سباقاً بين التصعيد والديبلوماسية، وان ايران التي تترك الأبواب مفتوحة للحل السياسي، لا تستبعد أبداً، احتمال ان تتعرض منشآتها النووية لضربة، ما رفع مستوى الاجراءات غير المعلنة ان بالنسبة الى تجارب عسكرية تجريها، أو اقامة خلية لادارة أزمة النووي، مع اهتمامها بمعالجة الاحراج الذي شكله الموقف الروسي، في رضوخه للضغوط الدولية، وتأخره في ارسال الوقود النووي لمفاعل بوشهر.
لذلك، فإن هناك انتظارا دوليا لمدى جدية طهران في العمل لمعالجة القضايا العالقة معها دولياً عبر الحل الديبلوماسي، أو ما اذا كان الأمر سيكون بمثابة العمل لكسب مزيد من الوقت.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.