8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مقابل حرصها على ثبات الحكومة والوحدة الداخلية في لبنان

ما هي أغراض المنحى الحواري غير المباشر الذي تسمح به الولايات المتحدة الأميركية مع كل من طهران ودمشق حول ملفات لبنان والمنطقة، والذي يتخذ أشكالاً متعددة؟.
وما موقع لبنان حيال هذا التطور الذي يحصل على الرغم من الإصرار الأميركي بأن واشنطن لا تزال تنأى بنفسها عن أيّ حوار حقيقي مع كل من ايران وسوريا؟.
تؤكد أوساط ديبلوماسية غربية بارزة في بيروت جملة معطيات تحكم وجود المنحى الحواري غير المعلن بصراحة، من جانب الإدارة الأميركية مع هاتين الدولتين، بغية حل المشكلات العالقة في الوضع الاقليمي، وما يعكسه النفوذان السوري والايراني في حلحلة الأزمة اللبنانية الناشئة على خلفية تشكيل المحكمة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وتشير هذه الأوساط إلي ان المعطيات تكمن في ما يلي:
ـ أولاً: هناك توجّه تولّد أخيراً لدى الإدارة الأميركية بأن لا مانع من إجراء محاولات عبر قنوات متعددة الأطراف لإقناع كل من طهران ودمشق بأهمية الدخول في التسويات حول الملفات الاقليمية. لكن ذلك يستند إلى تعاون البلدين من دون تقديم أثمان أو مقابل لهما لهذا التعاون، خصوصاً على حساب الملف اللبناني الذي لن يكون على طاولة الحوار المرتقب، ان بالنسبة إلى المؤتمر الدولي حول العراق الذي يجري الإعداد لعقده بعد نحو أسبوع في حضور سوريا وإيران، أو بالنسبة إلى أن يكون هذا الملف محور مساومة في القمة السعودية ـ الايرانية التي عقدت السبت الماضي، ولا أن يكون أيضاً في مجال أي ردّ أميركي على ما ستتناوله مباحثات المسؤولة الأميركية التي ستزور دمشق والمنطقة لحل مسألة اللاجئين العراقيين في دول الجوار، إنما هناك فرصة إضافية لإبلاغ العاصمتين بضرورة التعاون الجوهري، وأن تعاونهما ينعكس إيجاباً في تخفيف الضغوط الدولية عليهما، وللإفساح لآفاق جديدة أمامهما تمكنهما من تغيير سلوكهما على المستوى الدولي ليصبح مقبولاً.
ـ ثانياً: ان الرغبة الأميركية في إعطاء مجال للحوار غير المباشر مع سوريا وإيران، تهدف لسحب كافة الذرائع أمام الدول الصديقة للولايات المتحدة، والأخرى المحورية في المنطقة، في حال اتخذ قرار التصعيد العسكري ضد هاتين الدولتين، بحيث تكون الإدارة عملت قبل ذلك على استنفاد كافة السبل الحوارية والديبلوماسية، وإذا ما فشل أي حوار فإن مَن سيتحمّل المسؤولية هي الدول التي تعمل على "المشاكسة" وليس الإدارة الأميركية. وتدرك هذه الإدارة، ان إطالة أمد الأزمات الاقليمية هو مصلحة إيرانية ـ سورية، لذلك، تعوّل واشنطن على حسم الحلول في أسرع وقت ممكن ومن دون ثمن أو مساومة، بل وفقاً لبرنامج معدّ للدولتين، بتقديم ايجابيات في ملف تلو الآخر توصلاً إلى تطبيق كافة المطالب الدولية منهما بالكامل. ويتزامن هذا البرنامج مع خطة محاصرتهما سياسياً إلى أقصى حد على المستوى الدولي.
ـ ثالثاً: ان الولايات المتحدة تعتبر ان في توجهها الحواري المحدود الزمن نسبياً، تجربة لاستعدادات السلم والتسويات في المنطقة، أو استعدادات الحرب، حيث لن تقبل واشنطن بأقل من الربح في مشروعها في المنطقة، ما يترجم بالتالي حرصها على عدم تعرض الورقة اللبنانية السيادية والاستقلالية، لمنزلقات وضعها على طاولة أي حوار اقليمي، بعدما بات لبنان في صلب الاستراتيجية الأميركية والسياسة الخارجية، وأي نجاح يحقق في الحفاظ على الورقة اللبنانية يعتبر مزيداً من التقدم والإنجازات، وأي تراجع في رصيد هذه الورقة يعني تراجعاً أميركياً في الإنجازات في المنطقة.
وما يطمئن غير مسؤول لبناني إلى ان لبنان لن يكون محور مساومات، هو ان البُعد اللبناني في الولايات المتحدة ينسحب أيضاً على موقف المجتمع الدولي برمّته حياله ولا يقتصر فقط على الإدارة الأميركية، وإذا ما كان أي ملف لبناني سيعرض في أي حوار، فسيكون لأجل توضيح الثوابت الدولية لما يمكن أن يُطلب الالتزام به، خصوصاً في مجال تسريع إنشاء المحكمة، وتسهيل التوافق اللبناني حولها وحول الاستحقاقات اللبنانية الأخرى وفي طليعتها انتخابات رئاسة الجمهورية.
وفي هذه المرحلة التي يصفها مصدر ديبلوماسي عربي في واشنطن، بأنها حساسة وخطرة، فإن الإدارة تنفذ عملية تعزيز المشاورات السياسية مع الحكومة اللبنانية، إن على مستوى العلاقات الثنائية وتطويرها، أو على مستوى التطورات الاقليمية، والتنسيق المتبادل حيالها.
وما الزيارات الرسمية اللبنانية إلى واشنطن، إلا للدلالة على تعميق التعاون في مختلف أوجهه والتشديد على وحدة الصف الداخلية، وثبات الحكومة ثم في الموضوع الدفاعي والمساعدات الأميركية لتعزيز قدرات الجيش اللبناني. وثمّة تأكيدات رسمية لبنانية للإدارة الأميركية حول عقيدة الجيش وتماسكه وطنياً، وضرورات هذا التماسك ومقوماته بالشكل الذي يجعله قابلاً لاستيعاب تقديم المساعدة له، واستخدامها في الخانة الوطنية البحتة، وعدم تجييرها لأي مشاريع تعرض وحدة البلاد للخطر، كما يشدد لبنان في ما يبلغه للإدارة على أهمية تقوية هذا الجيش لكي يتمكن من نزع كافة الحجج في مجال قدراته الدفاعية عن الاستقرار اللبناني.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00