8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المشاورات السعودية تركّز على قبول السوري بالمحكمة

دخلت المشاورات الدولية ­ الاقليمية حول ايجاد حلّ للأزمة اللبنانية، مرحلة الجمود في انتظار العديد من الاستحقاقات المرتبطة بسلسلة من المؤثرات تمتد بانعكاساتها على الأداء الداخلي، حيث المراوحة وانعدام الحسم حيال أيّ من المسائل المطروحة للحلّ.
وتتقاطع المعطيات لدى أكثر من سفير عربي وغربي في بيروت، لتؤكد ان الاهتمام بالأزمة اللبنانية تراجع لمصلحة الملف النووي الايراني من حيث الأولويات والذي بات يطغى على أي ملف آخر ويطفو على السطح في مسار العلاقات الدولية حاضراً، وسط محطات داهمة، ومقلقة، فإما أن تضع المنطقة بكاملها بما فيها لبنان، أمام مخاطر سياسية وأمنية واسعة النطاق، وإما أن يتم ايجاد تسوية تؤدي بدورها إلى تسوية لبنانية.
ولعلّ الانشغال الايراني بما يُعد في مجلس الأمن الدولي من عقوبات محتملة، في موازاة استمرار الجهد الدولي للتفاوض مع طهران، لا يزال يحكم التقدم الجوهري الذي قد ينتج من المفاوضات السعودية مع ايران حول لبنان وملفات اقليمية أخرى، فضلاً عن الملف النووي وأطر الحل الممكنة. وكلّ ذلك يحصل وسط أجواء تصعيدية تؤشر لدى كلّ المعطيات الديبلوماسية، إلى ان البوارج الأميركية التي تصل إلى منطقة الخليج العربي ليست لها أغراض متصلة بالوضع العراقي الذي لا يحتاج إليها. وثمة قلق بالغ، حول ما يمكن ان يُعد للمنطقة خلال الشهرين المقبلين من جراء التحرك العسكري الحالي.
وبالتالي، فإن الجمود وعدم الحسم في لبنان، يأتيان ترجمة واقعية لعدم وجود استعدادات ايرانية تنفيذية للقبول بتسويات من خلال المفاوضات مع الرياض قبل معرفة التوجه الدولي بالنسبة إلى ملفها النووي، على الرغم من الاستعدادات لحصول تفاهمات ومواقف ايجابية حتى الآن. كما ان الأوراق السورية متلازمة في توظيفاتها مع الأوراق الايرانية في هذه المرحلة الدقيقة اقليمياً، وستحتفظ قيادتا البلدين بأوراقهما لمصلحتهما، بحيث، ان أي تأزم في التعامل مع الملف النووي دولياً إن عبر عقوبات أو أكثر من عقوبات، سيحرج طهران، وقد يدفعها وبالتعاون مع سوريا إلى المساهمة في تصعيد اقليمي، لن تكون الساحة اللبنانية في منأى عنه. وعند ذلك، قد تتعمد القيادتان الاعداد لحسابات جديدة، من بين الاحتمالات حولها، هو انها قد تؤدي إلى تحولات في الأهداف، من إيران التي لا تزال تخشى الفتنة في لبنان حتى الآن، إلى إيران المستعدة لعرقلة التوجه الدولي للحفاظ على مصالحها، عبر لبنان، وعبر تحويل "حزب الله" من مفهوم المقاومة إلى مفهوم آخر يؤثر في تعطيل مفهومه التقليدي وبمؤازرة سوريا.
وفي الوقت نفسه، فإن الأوضاع في الجنوب يلفها الحذر، على الرغم من كل التطمينات، والارتياح إلى طبيعة العلاقة التي تربط بين الجنوبيين و"اليونيفيل" والجيش اللبناني. كما ان مبادرة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، هي حالياً مجمّدة، ما يفسّر قول موسى أخيراً حول قلقه على لبنان من الرياح العاتية، وتحذيره من أي إجراء عسكري ضد إيران. في حين أن أيّ تسوية سلمية للملف الإيراني، ستؤدي إلى تخفيف التوتر لبنانياً وإقليمياً، وتسهيل التفاهمات.
وفي موازاة الموضوع الإيراني، يلقي الموقف السوري حيال تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بثقله على الساحة اللبنانية.
وتشير المعطيات إلى ان الاتصالات مستمرة لتهيئة الأجواء بغية تحسين العلاقات السعودية ـ السورية والعمل لحلحلة للمواقف بين الطرفين تسهل مشاركة الرئيس بشار الأسد في القمة العربية في الرياض في 28 آذار المقبل. ويشكل إيفاد السعودية وزير دولة لتسليم الأسد الدعوة الرسمية للمشاركة في القمة محطة مهمة. لكن العمل للحلحلة يبقى أولوية لتأمين هذه المشاركة وقد لا يكون مستبعداً انعدام المشاركة إذا فشل الإعداد لصيغة الحل للموافقة السورية على المحكمة. وإذا تزامن عدم حضور الأسد القمة، مع ضغوط قوية على إيران، فإن الانعكاسات السلبية ستكون حتمية على لبنان.
وعلم أن أي دعوة لانعقاد مجلس النواب اللبناني لإبرام معاهدة المحكمة مع الأمم المتحدة، لن تحصل إلا بعد القمة العربية، بحيث إذا نجحت الاتصالات التمهيدية لمشاركة الأسد في القمة، تكون الأجواء اللبنانية مهيأة لتعكس التفاهم السعودي ـ السوري الذي يتم التحضير له حول المخارج بالنسبة إلى إبرامها.
ويمثل القبول السوري بالمحكمة أحد المداخل لاستمرار الحوار حول المخارج الممكنة بحيث من الصعب على دمشق ان تبقي على رفضها لها، والعمل لوضع شروط حيال الدور السعودي في ذلك، لأن الرياض لن تقبل بالشروط، كما ان الوضع الدولي لا يسمح بالقبول بها، ودمشق تدرك ذلك جيداً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00