8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

واشنطن تفضل الضغط المكثّف على سوريا لإبرام المحكمة واستبعاد زيارة رايس لبيروت قبل إنضاج حلول

استبعدت أوساط ديبلوماسية غربية بارزة، ان تقوم وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بزيارة لبنان، في إطار جولتها الحالية في الشرق الأوسط. ولا توجد أي مؤشرات في كل من واشنطن وبيروت تفيد باحتمال حصول مثل هذه الزيارة، على الرغم من ان الملف اللبناني يحظى بمتابعة دقيقة من الإدارة الأميركية، كونه بات في صلب استراتيجيتها في المنطقة.
إلا انه على الرغم من استبعاد حصول الزيارة، حيث تراعي الدولة العظمى بعض الحساسيات الداخلية، ومشاغل الحكومة اللبنانية، فإن الزخم في الاهتمام الذي تبديه حول الملف اللبناني، وتطورات مساعي الحلحلة للأزمة لن يتراجع، وبات هذا الملف أهم من الملف العراقي بالنسبة إلى الإدارة.
الأمر الذي يفسّر أحد أوجه قول رايس حول ان لبنان هو خط المواجهة الأمامي للصراع الحاصل بين تيارين في المنطقة.
واستناداً إلى المصادر، فإن هذا الزخم قد لا يكون بالضرورة مقيداً بحتمية حصول الزيارة أم لا. وبالتالي، فإن الموقف الذي أدلى به الرئيس الأميركي جورج بوش الأسبوع الماضي حول لبنان لمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والمواقف المتتالية التي أطلقتها رايس بعد ذلك، تؤشر إلى العودة مجدداً إلى ممارسة الضغوط على سوريا وإيران، للتعاون الإيجابي في ما هو مطلوب لبنانياً، إن في مجال إبرام المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة الحريري، أو في شأن استكمال المسار السيادي للبنان.
وفي اعتقاد الإدارة، ان على اللبنانيين أنفسهم ان يوافقوا على إبرام المحكمة وعلى إيجاد الحل للأزمة. وتبعاً لذلك، لن توافق الإدارة بصورة مطلقة على أي حلول مطروحة، ما لم تحظ بموافقة اللبنانيين بموجب قناعاتهم السليمة حول ذلك. من هنا، وضعت الإدارة من خلال مواقف رايس الأخيرة، حول إبرام المحكمة لبنانياً، ودور مجلس الأمن في حال فشل لبنان في استكمال هذه الخطوة، السقف السياسي لحدود المبادرات والأفكار المعنية بتقريب وجهات النظر بين السلطة والمعارضة في مجال أولوية المحكمة والحكومة، مع العلم ان كل الوسطاء والذين يؤدون دور التهدئة لا سيما المملكة العربية السعودية، على اتصال مباشر مع الإدارة في واشنطن حول التحرك، لكن من المفيد توقع وجوب ان يحظى أي تفاهم جديد بالبصمات الأميركية النهائية، إذا ما أريد له النجاح.
وهذا الأمر، حصل بالنسبة إلى اتفاق مكة بين الفلسطينيين، بحيث ان الترحيب الأميركي الذي لاقاه، ظل مشروطاً باعتراف الحكومة الفلسطينية الجديدة بمقررات "الرباعية الدولية"، وان تأخذ بالاعتبار العديد من التفاهمات الأمنية، وموضوع وقف العنف وشروطه، فضلاً عن الاعتراف بإسرائيل. ما جعل رايس تعقد اليوم اجتماعاً ثلاثياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس، حول تنفيذ مقررات الرباعية، وربط ذلك باتفاق مكة، وذلك، بعد بلورة رغبة أوروبية تقضي بأن تبدي واشنطن مرونة أكبر حيال الموافقة على اتفاق مكة، وتفعيله.
والدور الأميركي من خلال وجود رايس في المنطقة حالياً، على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، هو الأول من نوعه، في ظل المقاربة الجديدة للديبلوماسية الأميركية على هذا المسار، والإشارة إلى السعي لوضع هذا المسار على السكة، وإحياء ملف السلام بدءاً من هذا المسار، بدلاً من الاستمرار في مرحلة الشروط والشروط المضادة، والمواكبة للعنف الدامي.
وتلفت المصادر، إلى ان أي زيارة مستقبلية لرايس إلى لبنان ستتم بعد ان تكون قد قطعت الحلول شوطاً كبيراً من التفاهمات حول الملف اللبناني، على غرار مقاربة الموضوع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
لكن، وفي انتظار هذه المرحلة، فإن قناعة كبيرة تولدت لدى الإدارة، حول أهمية العودة إلى الضغوط المكثّفة على سوريا أولاً، ثم على إيران، لتذليل العقبات من أمام تمرير المحكمة. وتتوقع المصادر، ان تلجأ الإدارة إلى أسلوب مشابه للأسلوب الذي لجأت إليه لدى دعوة سوريا إلى الانسحاب من لبنان فوراً، على اثر اغتيال الرئيس الحريري.
والانتظار الأميركي لإبرام المحكمة لبنانياً لن يطول لأكثر من مدة استمرار الدورة العادية لمجلس النواب التي تبدأ في الثلاثاء الأول بعد منتصف الشهر المقبل. على اعتبار، انه مثلما حصل تفاهم ضمني حول انتظار نهاية ولاية رئيس الجمهورية إميل لحود دستورياً، لانتخاب رئيس جديد، من الأفضل تمريرها من خلال انتظار الاستحقاق الدستوري العادي، الذي يُمكّن حصول ذلك، قبل اللجوء إلى مجلس الأمن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00