لاحظت أوساط ديبلوماسية غربية أن نقاشاً دولياً يدور بعيداً عن الأضواء، لا سيما بين الدول الفاعلة في مجلس الأمن، حول مدى الانتظار الدولي للجانب اللبناني، من أجل إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بحيث أنه برزت خلال الآونة الأخيرة رغبة دولية بضرورة وضع تصور ما للتعامل مع هذا الملف، بغية تشكيل المحكمة قبل انتهاء التحقيق في الجريمة في حزيران المقبل.
وأوضحت المصادر، أن هذا الموضوع كان محور مباحثات على هامش أعمال مؤتمر "باريس ـ3" بين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وكل من الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس. وقد جرى تقييم للتطورات اللبنانية المستجدة وتأثيرها على سير إقرار المحكمة من جانب لبنان، للتمكن من تنفيذ صيغة مسودة اتفاقية إنشائها بين لبنان والأمم المتحدة.
ولفتت المصادر، الى أن التصور المطلوب وضعه يتضمن كل الاحتمالات الواردة حيال ضرورة إنشاء المحكمة، وأن ثمة أفكاراً يجري إعدادها لتشكل عناصر أساسية لأي تحرك في الأمم المتحدة، في حال دلت مؤشرات محددة، في آذار المقبل، على أهمية تجاوز المنظمة الدولية لمبدأ انتظار خطوة لبنان، على هذا الصعيد.
ويُعد شهر آذار شهر الاستحقاقات اللبنانية الثلاثة المطروحة للنقاش في مجلس الأمن، وهي وإن كانت منفصلة في أهدافها ومواعيدها، إلا أنها مترابطة في ما توفره الأجواء والظروف المحيطة بها، لا سيما ما تعكسه بالنسبة الى ملف جريمة الحريري، الذي يحتل التخوّف من نتائج التحقيقات فيه، السبب الرئيسي لمحاولة زعزعة الاستقرار اللبناني، والإطاحة بإنشاء المحكمة، عبر قلب الأوضاع في الداخل، ما دامت الأبواب الدولية موصدة أمام هذا الهدف.
والاستحقاقات الثلاثة هي: تقديم رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة الحريري القاضي سيرج براميرتس تقريره ما قبل الأخير حول مجريات التحقيق في الجريمة، في منتصف آذار المقبل. ولا يمكن التكهن منذ الآن ما إذا كان براميرتس سيعمد الى توضيح أي معلومات في شأن تعاون الدول العشر التي تحدث عنها في تقاريره السابقة. إلا أن المصادر، تفيد أن هذه المسألة لم تعد مطروحة في مجلس الأمن، لأن الرسالة الروسية حول ضرورة كشف براميرتس لأسماء هذه الدول، لم يؤخذ بها نتيجة التدخل البريطاني في المجلس برسالة موازية، الأمر الذي أنهى المناقشة في هذا الموضوع. وفي اعتقاد لجنة التحقيق، أنه لم يحصل عدم تعاون من الدول العشر بل تأخر في التعاون، وإذا ما تأكد وجود نية بعدم التعاون، فإن براميرتس سيكشف عن الأسماء في التوقيت الذي يراه مناسباً.
والاستحقاق الثاني، هو تقديم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريره الدوري حول تطبيق القرار 1701، والذي سيتناول تقييم تنفيذ كافة البنود التي تضمنها، خصوصاً في بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كافة الأراضي اللبنانية، وإقامة الحوار الوطني لإيجاد حل لسلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، ودمج ما هو لبناني بسلطة الدولة.
والاستحقاق الثالث، هو تقديم الأمين العام للمنظمة الدولية، في نهاية آذار تقريره نصف السنوي، حول تنفيذ القرار 1559، ويبدو أن الوقائع على الأرض في لبنان، والمواضيع المطروحة في إطار البحث عن الحل، وفي سياق المبادرة العربية، التي يقودها عمرو موسى، جعلت مفاعيل هذه التقارير تتشابك، بفعل تداعيات موضوع المحكمة، وتأثيره إقليمياً، عدا من تأثير القرار 1701 وقبله صدور القرار 1559، على العلاقات اللبنانية ـ الإقليمية، والإقليمية ـ الدولية.
وبالتالي، سيخضع موضوع استكمال إنشاء المحكمة، لتقييمات دولية من مختلف النواحي، وسينعكس على هذه التقييمات، تطورات الوضع الداخلي وإمكانات العودة الى الحوار لتذليل المعوقات، أو صعوبة هذه العودة، خصوصاً وأن موضوع المحكمة مدرج على بنود مبادرة موسى مع الأخذ بالاعتبار إقرار مسودة الاتفاقية في شأنها في مجلس الوزراء. وتبعاً لذلك، من المحتمل أن يُستفاد دولياً من وجود هذه الاستحقاقات في مجلس الأمن لبلورة تصوّر دولي بديل لاستكمال الموافقة اللبنانية على مسودة المحكمة، وإقرار السير بذلك، وستكون لمراجعة الوضع اللبناني برمته، والتي سيتضمنها تقريرا الـ1701 والـ1559 تأثيرها على الجو الدولي حيال التعامل مع الموقف المطلوب لتسريع إنشاء المحكمة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.