أكدت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على التحضيرات الدولية لمؤتمر "باريس 3"، الذي يُعقد اليوم في فرنسا لدعم لبنان، استناداً إلى خطة حكومته الإصلاحية، ان المؤتمر سيجسد، ليس الدعم الاقتصادي الذي قد يتجاوز في إعلان مساهمته 5 مليارات دولار فحسب، بل سيشكل تظاهرة دولية لترسيخ الدعم السياسي للبنان ولحكومته الشرعية والدستورية، ولترسيخ العمل لمستقبل أفضل خلافاً لما تؤدي إليه جهود بعض الأفرقاء الداخليين التي ترمي إلى العمل للماضي وللعودة إليه.
وأوضحت المصادر ان الاتصالات الأميركية ـ الفرنسية التي أجريت أمس، قبيل ساعات على انعقاد المؤتمر، شدّدت على ضرورة إنجاحه، وان ثمة تفاهماً بين واشنطن وباريس من جهة والعواصم العربية والأوروبية من جهة اخرى، حول هذه النقطة، كرسالة واضحة دولياً، بأن الحكومة اللبنانية قادرة على تفعيل استفادة لبنان من المبلغ الذي سيعلن المؤتمر رصده اليوم، وعلى الوفاء بالالتزامات المالية التي ستتعهد بها نتيجة للمساهمات الدولية، وان الحكومة باقية لكي تتمكن من الوفاء بالالتزامات.
وذلك في إصرار دولي على ان ما يقوم به المتضررون من استقلال لبنان وسيادته من محاولات لوضع شكوك أمام الدول المانحة تتناول مستقبل البلاد والحكومة لن تنجح. وبالتالي، ان الحكومة باقية، وستفشل كل المساعي الانقلابية عليها، وستكون قادرة على تحمّل مسؤولية تنفيذ أهداف المؤتمر.
وكشفت المصادر، ان الإدارة الأميركية ستجري تعديلاً شكلياً في طريقة التعبير عن الحكومة فحتى لا تجعل حكومة السنيورة عرضة للانتقادات الداخلية، ستؤكد على دعم الحكومة اللبنانية، وهذا ما سيتجلى في الكلمة التي ستلقيها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في المؤتمر. كما ان الإدارة طلبت من الكونغرس الموافقة على دعم لبنان بمبلغ مليار دولار، إلا انه يتوقع ان يجري الكونغرس خفضاً طفيفاً على المبلغ، على غرار ما يقوم به حيال كل الطلبات التي تتقدم بها الإدارة في مجال الدعم المالي الخارجي للدول. لذلك، فإن الخفض قد يجعل المبلغ الأساسي يتدنى إلى نحو 800 مليون دولار أميركي. وتبعاً لذلك، ستتدنى المخططات لكل القطاعات اللبنانية التي تشملها خطة المليار دولار. وهي تتضمن تقديم نصف مليار دولار للإعمار، و300 مليون للجيش اللبناني، و150 مليوناً لقوى الأمن الداخلي، و50 مليوناً للمساعدة في التنمية المتنوعة، على ان يشمل المبلغ الذي سيرصد أياً يكن بعد موافقة الكونغرس في شباط المقبل، ما أعلنت الإدارة عن تخصيصه للبنان خلال حرب تموز الماضي، وهو مبلغ 230 مليون دولار.
وعلم ان فرنسا سترصد في المؤتمر للبنان، نصف مليار يورو، وقد وضعت كل من واشنطن وباريس ثقلهما الدولي، في مشاوراتهما العربية والأوروبية والآسيوية لا سيما مع اليابان والصين، ومع صناديق التمويل الدولية، من أجل ان تعبّر عن كرمها في مساعدة لبنان مالياً في المؤتمر. وأبلغت العاصمتان كل الدول والمؤسسات التي ستشارك، ان الدعم الاقتصادي خصوصاً خلال هذه المرحلة من التطورات اللبنانية، هو ترجمة مباشرة وأساسية للدعم السياسي.
ولفتت المصادر إلى ان مواقف "حزب الله" من المؤتمر، وأداءه في إطار المعارضة للحكومة، لا سيما من خلال إضراب أول من أمس الثلاثاء هي موضع تقويم دولي، ويتبين في أكثر من قراءة ديبلوماسية لهذه المواقف، مع بدء العد العكسي لانعقاد المؤتمر، ان الحزب وفي إطار المعارضة حيث لا خطة اقتصادية مطروحة لديه كبديل لخطة الحكومة، التزم بتفاهم إيران مع المملكة العربية السعودية، بدعم المؤتمر وعدم الوقوف إلى جانب عرقلته من الداخل.
وتبين أيضاً ان الحزب أراح نفسه من ان يحمله أي فريق داخلي أو دولي مسؤوليات المواجهة في إطار المعارضة، خصوصاً التصعيد الذي حصل الثلاثاء، ووضع المعارضة المسيحية في الواجهة.
وأراد من ذلك، توجيه رسالتين جاءتا اثر التفاهم السعودي ـ الإيراني حول الموضوع اللبناني وضرورة تمرير مرحلة "باريس 3"، وهما: أولاً: ان التشنج السنّي ـ الشيعي في لبنان لن ينزلق إلى عتبة خطرة، وثانياً ان الحزب الذي هو من الفريق المعارض، لن يعمل في إطار الضغوط التي يمارسها على إسقاط الحكومة، وان معارضته لن توصل إلى ذلك.
وأشارت المصادر إلى ان المساعي الدولية والعربية نجحت في منع إسقاط الحكومة، وان كانت تحركات المعارضة ستبقى قائمة لإزعاجها.
وذكرت المصادر ان روسيا الاتحادية ستحدد مساهمتها في ضوء ما ستعلنه الدول المشاركة في المؤتمر حول مستوى التزاماتها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.