يتابع لبنان باهتمام بالغ ما تطرحه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال جولتها الحالية في المنطقة، وهي الأولى لها اثر إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش استراتيجيته الجديدة في العراق، والتي ستؤثر حتماً على تعاطي الإدارة مع مختلف ملفات الشرق الأوسط.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية ـ الأميركية، ان السلطات في بيروت لم تبلغ أي معلومات حول ما إذا كانت جولة رايس في المنطقة ستشمل بيروت. وبالتالي لا توجد أي مؤشرات تؤكد احتمال حصول هذه الزيارة، لسببين أساسيين أولهما:
ـ ان رايس ستلتقي رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في اجتماع منفرد في باريس، على هامش أعمال مؤتمر "باريس ـ 3" الذي سيعقد في الخامس والعشرين من كانون الثاني الجاري، والذي ستشارك فيه رايس مُمثّلة الولايات المتحدة الأميركية، بناء على طلب الرئيس جورج بوش، وهذا المستوى من التمثيل سيعكس الدعم الأميركي غير المسبوق للمؤتمر الذي يهدف إلى مساعدة لبنان، وتأكيد التضامن مع الحكومة اللبنانية سياسياً، واقتصادياً خصوصاً عبر المساهمة البالغة الأهمية التي ينتظر ان تعلن واشنطن عنها للبنان خلال المؤتمر، والتي سيوافق على صرفها، الكونغرس الأميركي، في شهر شباط المقبل. وسيشكل اللقاء بين السنيورة ورايس مناسبة لتبادل وجهات النظر حول تطورات الوضع اللبناني، وتطورات المنطقة في ظل المساعي الأميركية لإعادة إحياء عملية السلام، وترسيخ الاستقرار في العراق وسيستعاض به، عن زيارة خاصة تقوم بها رايس إلى لبنان في جولتها الحالية في المنطقة.
أما السبب الثاني، فهو تفضيل الإدارة الأميركية، ان تتم متابعة الملف اللبناني من جانبها عبر الوسائل والطرق المناسبة والتي قد لا تكون بالضرورة مقيّدة بحتمية زيارة بيروت. إذ لا تزال زيارة رايس للبنان في هذه المرحلة، استناداً إلى ما فهمته المصادر من مسؤولين أميركيين بارزين قابلة للتأجيل لكي لا تشكل سبباً إضافياً ينعكس تأجيجاً لتحرك المعارضة اللبنانية في وجه الحكومة التي بات دعمها بالنسبة إلى الإدارة ثوابت في الاستراتيجية الأميركية بحيث لا عودة إلى الوراء في ذلك.
ومنذ زيارة رايس السابقة إلى المنطقة والتي لم تزر لبنان خلالها، من جراء هذه الخلفية، لا يبدو ان هذا التوجه قد تم تعديله حالياً.
وأفادت المصادر بأن الإدارة الأميركية تعوّل جداً على مهمة سفيرها لدى لبنان، جيفري فيلتمان، وثمة ارتياح إلى هذه الإدارة لإمساكه بمتابعة الملف اللبناني بصورة متكاملة ولأدائه المتمايز في ذلك.
وهناك توجه بأن يكمل مهمته في بيروت على هذا النحو، وان لا صحة للمعلومات التي تحدثت عن اختصار مدة عمله في لبنان، التي تنتهي آخر الصيف المقبل، وان الإدارة أعربت أمام معنيين، عن استيائها لدى اطلاق اسم "حكومة فيلتمان" من المعارضة، على الحكومة اللبنانية.
كذلك، فإن أي سفير أميركي جديد سيُعين في لبنان خلفاً لفيلتمان لدى انتهاء مهمته، سيكون أكثر تشدّداً في تطبيق سياسة إدارته، كون الملف اللبناني بات منذ الحركة الاستقلالية والسيادية في صلب الاستراتيجية الأميركية. كما ان تعيين سفيرين جديدين للولايات المتحدة، في كل من الأمم المتحدة والعراق، لا يلزم الإدارة القيام بتشكيلات ديبلوماسية شاملة لسفرائها في الدول على غرار النظام اللبناني.
فالسفير الأميركي في الأمم المتحدة يُعد بمثابة وزير، ولهذا المنصب بالنسبة إلى الإدارة دور كبير كونه يبلور سياساتها واستراتيجيتها الدولية من خلال اتجاهات القرارات الدولية التي تصدر عن المنظمة الدولية. كما ان تعيين السفير في العراق جاء بعد مراجعة للوضع العراقي وفي مرحلة إعداد الاستراتيجية الأميركية الجديدة حيال العراق، ما يشكل بالنسبة إلى الإدارة مرحلة جديدة من العمل الديبلوماسي.
اما بالنسبة إلى لبنان، فالوضع مختلف وقد تمكنت الإدارة من ربط نجاحها في تحقيق إنجازات بالمستوى الذي أحرزته في دعم الحكومة الشرعية التي انبثقت من انتخابات نيابية حرة ونزيهة، وكانت نتاج حركة استقلالية وسيادية، ولن تتراجع في ذلك. حتى ان المصادر، تؤكد ان دعم حكومة السنيورة من الإدارة الأميركية يساوي دعم أمنها القومي ومصالحها في المنطقة ودعم أي مؤشر يضمن هذه المصالح.
ويترقب لبنان نتيجة لزيارة رايس، ان يتم تفعيل الدور العربي المتعدد المحاور في إرساء الاستراتيجية الأميركية الجديدة في المنطقة، وفي تلبية الدعوات الدولية والأوروبية، والأخرى العربية بإعادة تفعيل السلام في المنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.