في موازاة إقرار الحكومة اللبنانية أمس لخطة الإصلاح الاقتصادي التي ستعرضها على مؤتمر "باريس ـ 3" الذي سينعقد في 25 كانون الثاني الجاري في فرنسا، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة عن أن لبنان تبلغ دعماً دولياً إلى أقصى حد لإنجاح هذا المؤتمر، وبأن ثمة إصراراً دولياً على عقده في موعده المقرر، ما يشكل رسالة واضحة إلى المهتمين بالشأن اللبناني، لإبداء المساعدة الحقيقية، وإلى من هم متضررون بأن الدعم الدولي بفاعلية للبنان سيزداد، وكذلك لحكومة لبنان المؤتمنة على الاستقرار والسيادة والازدهار الاقتصادي.
وأوضحت المصادر، ان الاستعدادات الدولية العملانية للمؤتمر انطلقت، ففرنسا تعمل على توزيع الدعوات الرسمية للدول كافة في العالم وللصناديق والمؤسسات المالية، وهناك اتصالات أميركية ـ فرنسية تركز على التشاور في ما يمكن توظيفه لحشد أكبر دعم دولي للبنان في المؤتمر، الذي يرتقب ان يمثل أكبر تظاهرة اقتصادية عالمية، تستجيب من خلاله الدول لما سيقدمه لبنان عبر خطته المطروحة، للمتطلبات التنموية والإصلاحية، انطلاقاً من أن الازدهار الاقتصادي يساهم في الاستقرار السياسي والأمني.
ولفتت المصادر إلى ان هناك مسألتين مهمتين تعمل الاتصالات الدولية على تخطيهما في قرار مساعدة لبنان ودعمه. وهما: الاستياء الدولي، خصوصاً الأميركي والأوروبي، من تعامل المعارضة اللبنانية مع انعقاد المؤتمر على نحو خلافي ومحاولة استثمار هذا الحدث التاريخي، الذي يهدف لخدمة لبنان واللبنانيين من مختلف المناطق والانتماءات السياسية والمذهبية، في الحملة على الحكومة المعروفة الخلفيات والأهداف.
فبدلاً من مباركة للجهد الدولي والحكومي لإنقاذ لبنان، سعى هذا الفريق لعرقلة الإعداد اللبناني للمؤتمر لكن الدول الفاعلة وفي مقدمها الولايات المتحدة وفرنسا، والأمم المتحدة أيضاً، تصرّ على انعقاده مهما كان الثمن، وان هذه الأطراف تحديداً، عملت على تكوين تصور واضح لديها حول ما ستعلنه خلال المؤتمر من مساهمات بارزة لدعم لبنان.
والمسألة الثانية ان هناك مرونة دولية أبلغت بيروت بها، حيال القيود الإصلاحية المطلوبة من لبنان، وفقاً للمعايير الدولية، وهناك رغبة دولية بإبداء مزيد من الصبر حول ما يمكن للبنان ان يتخذه من إجراءات في الظروف الحالية، تساهم في تحفيز المجتمع الدولي على تقديم الدعم.
وبالتالي، هناك إصرار دولي على إنجاح المؤتمر والتأكيد من خلال الدعم غير المسبوق للحكومة اللبنانية سياسياً واقتصادياً، والأمران متلازمان، حيال الحكومة التي لا يمكن لها ان تحظى بدعم اقتصادي بالغ، ما لم تكن تحظى بدعم سياسي على المستوى عينه.
وباشرت الولايات المتحدة اتصالات دولية لتأمين أوسع مشاركة في المؤتمر. فهناك الاتصالات مع الدول الخليجية، ومع دول آسيا، لا سيما الصين التي كانت لا تزال تبدي نوعاً من الاهتمام الخجول، وهناك اتصالات أميركية وفرنسية مع الدول الأوروبية والمؤسسات التمويلية الدولية، لتوفير حضورها ومساهمتها.
وإذا كان مؤتمر استوكهولم الذي انعقد اثر انتهاء حرب تموز لمساعدة لبنان لاجتياز المأساة الانسانية والاجتماعية التي حلت به من جراء عدوان إسرائيل، وفر مليار دولار، ومشاركة أكثر من 60 دولة ومؤسسة مالية، فإنه يتوقع، استناداً إلى المصادر، ان تزداد المشاركة الدولية في مؤتمر "باريس ـ 3"، وان يحصد المؤتمر ما يفوق بكثير مساهمة مؤتمر استوكهولم، كون مؤتمر "باريس ـ 3" هو الأساسي لدعم لبنان، وكان يجري الإعداد له قبل العدوان. كما ان روسيا الاتحادية ستشارك بزخم في المؤتمر، وأبلغت لبنان دعمها لانعقاده.
والرسائل السياسية التي يحملها انعقاد المؤتمر، لا تقل أهمية عن الدلائل الاقتصادية الداعمة دولياً للبنان. وهي تكمن في نواح عدة أبرزها، ان تعثر المبادرات السياسية لحل الأزمة الداخلية، لن يؤثر إطلاقاً على مسيرة الدعم الدولي للبنان، والتي بدأت منذ معركة الاستقلال الثانية في 2005، خصوصاً في المسألة الاقتصادية التي توليها الدول اهتماماً خاصاً. ثم ان هناك ثقة دولية مطلقة بخطة الحكومة وقدرتها، وان المجتمع الدولي ماضٍ في دعمها، وهذا ما يشكل الرد الحيوي والمباشر على محاولات محاصرتها وشلّ مهامها.
لذا، تؤكد المصادر، ان "باريس 3" سيشكل في حد ذاته مجموعة رسائل كلها تصب في إطار صمود الحكومة، وعدم توفير المجتمع الدولي أي فرصة أمام دعم لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.