تعكس الزيارة التي يقوم بها اليوم إلى بيروت، رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، مدى الأهمية التي توليها أنقرة للملف اللبناني، في إطار دورها كوسيط ومهدئ إقليمي، وتشكل رسالة دعم واضحة لجهود الحكومة اللبنانية وثوابتها على الصعيدين الداخلي والخارجي.
واستناداً إلى مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، فإن تركيا ومن خلال دورها الإقليمي الذي كثفته في المرحلة الأخيرة، تمكنت من الوقوف على حقيقة موقف الحكومة وخلفيته، وموقف رئيسها فؤاد السنيورة في المسائل الداخلية المطروحة للبحث، والتي تحظى باهتمام عربي من خلال المساعي التي يقوم بها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى العائد إلى بيروت خلال الأيام المقبلة. ويتبين من خلال الرؤية التركية، ان الحكومة اللبنانية قدّمت الكثير، وبما فيه الكفاية، من أجل التوصل إلى نقاط توافقية بين الأفرقاء اللبنانيين، وتقارب في وجهات النظر، يفضي إلى تفاهم على القضايا الوطنية، خصوصاً حول إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإبرامها، والانتخابات الرئاسية، وتوسيع الحكومة، وقانون الانتخاب، وإجراء انتخابات نيابية مبكّرة.
وتشير هذه الرؤية إلى ان تركيا التي كانت في البداية، تعتبر ان على لبنان تبديد الهواجس السورية والإيرانية في ما خص موضوع المحكمة، وأخذها في الاعتبار، باتت حالياً على وضوح تام بالنسبة إلى موقف الحكومة اللبنانية. وان تركيا التي كانت في بداية تحركها، على اعتقاد ان طرفي النزاع في لبنان يحتاجان إلى تقديم تنازلات متساوية، ترى الآن ان فريق المعارضة مُطالب بتقديم مواقف إيجابية تسهّل الحل الداخلي، بعدما قدمت الحكومة إيجابيات كافية حول ذلك.
ورأت المصادر انه في مجال استمرارية التواصل التركي ـ الإيراني، والتركي ـ السوري على حد سواء، من الممكن للبنان الإفادة من المسعى التركي مع البلدين لبلورة بعض الأفكار المتصلة بالقضايا اللبنانية المطروحة للنقاش بأسلوب صريح ومنفتح. وعلى الرغم من ان كلاً من لبنان وتركيا لم يلمسا تغييراً جذرياً في مواقف طهران ودمشق، حيال ما طرحه أردوغان خلال زيارته إلى كل منهما، إلا ان الأخيرتين لا يمكن لهما، إلا الأخذ بالاعتبار الرغبة التركية في مساندة الحكومة اللبنانية، في مجالي الاستقرار والأمن، وضرورة التهدئة في لبنان والمنطقة، والعمل على منع الفتنة، التي لا يمكن حصرها في بلد ما في المنطقة إذا ما اندلعت.
ولا تؤكد المصادر وجود مبادرة تركية محددة، حول الموضوع اللبناني، إلا ان تركيا تجد نفسها معنية بما يجري داخل لبنان، وتعتبر ان زيارة أردوغان تشكل رسالة واضحة، تعني الوقوف إلى جانب الحكومة ودعمها وتأييد مواقفها. وسيكون لذلك صدى إقليمي لا يمكن لأي دولة في المنطقة تجاوزه.
وبقيت مسألة زيارة أردوغان للبنان مدار اهتمام مشترك لبناني ـ تركي منذ الإعلان عن الرغبة في إتمامها قبل نحو شهر، وبعد زيارته لكل من إيران وسوريا. وعلم ان السنيورة، واثر هاتين الزيارتين، ونتيجة للمحادثات الهاتفية التي تمت بينه وبين أردوغان، أوفد مستشاره الديبلوماسي الدكتور محمد شطح إلى تركيا لاستطلاع ما آل إليه الدور التركي حول الموضوع اللبناني.
واستمرت الاتصالات قائمة على أعلى مستوى لتحديد الموعد النهائي للزيارة اليوم.
وتركيا، التي تقوم بدور إقليمي، من الباب الإسلامي، تحظى بموافقة دولية في إطار المنحى الأميركي ـ الأوروبي بضرورة تفعيل مساعي الدول المحورية في الشرق الأوسط، للقيام بجهود مع كل من سوريا وإيران للتعاون بإيجابية مع القرارات الدولية ومتطلبات الشرعية الدولية.
ويحمل تفقد أردوغان لقوة بلاده في الجنوب التي تعمل في إطار "اليونيفيل"، بعداً كبيراً على صعيد الدعم التركي لأمن لبنان وسيادة الحكومة على كامل أراضيها، وتعزيز الاستقرار الداخلي، وسترسل تركيا 70 مدرسة جاهزة، ومستشفيين اثنين.
وتعبّر تركيا في كل مناسبة دولية أو إسلامية عن دعمها للثوابت اللبنانية، إلى الحد الذي جعلها تقاطع استقبال سفير إسرائيل لديها خلال حرب تموز، في الوقت الذي قدّمت الدعم والتضامن لجهود السفير اللبناني لديها جورج سيام.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.