أكدت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بان كي مون، الذي سيتسلم مهمته رسمياً الثلاثاء المقبل، سيعكف على دراسة تفاصيل ما توصل اليه التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والأعمال الارهابية الـ15 التي طالت شخصيات لبنانية.
ذلك، ان الأولوية لدى الأمين العام الجديد، هي للملف اللبناني وللشرق الأوسط. وسيكون اللقاء الذي سيجمعه خلال الأيام المقبلة مع رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة، القاضي سيرج براميرتس بمثابة المؤشر الأساسي للأهمية التي يوليها كي مون للوضع اللبناني، ولملف اغتيال الحريري بوجه خاص.
اذ بعيد أيام على تسلمه مهمته، يلتقي كي مون، براميرتس، الذي مدّد له الأمين العام الحالي كوفي أنان، ستة أشهر جديدة في رئاسة اللجنة تبدأ من منتصف كانون الثاني المقبل. وسيتبلغ براميرتس من كي مون رسمياً هذا التجديد، والذي كانت بيروت أبلغت به، ما يعني أن كي مون سيستهل مهمته باستطلاع تطورات التحقيق ومجريات تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في الجريمة، وما يواجهه براميرتس في مسار التحقيق ومستوى التعاون الفعلي الذي يلقاه. فضلاً عما يواجهه المسار اللبناني في اقرار مشروع المحكمة وابرامها والتوقيع عليها مع الأمين العام للأمم المتحدة.
وأوضحت المصادر ان عامل الوقت هو مسألة أساسية في تشكيل المحكمة، بحيث هناك أمل دولي بالتفاهم لبنانياً على ابرامها، في أسرع وقت، وهناك تفكير منذ الآن باستدراك مرحلة انتهاء التحقيق في حزيران المقبل، وصدور القرار الاتهامي، الذي يجب أن تتسلمه المحكمة، ودرء مخاطر انتهاء التحقيق من دون اطلاق عمل المحكمة.
وأفادت المصادر، ان ثمة احتمالين أمام مجلس الأمن في شأن التعامل مع عدم قدرة لبنان على تمرير مشروع المحكمة:
الأول: استصدار قرار جديد يتم فيه التأكيد على إلزامية انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي، وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والتذكير بذلك، على أساس ان قرار مجلس الأمن، بانشائها كان بموجب الفصل السابع، وهذا ما نص عليه بصراحة القرار 1644 لا سيما في فقرته: "واذ يتصرف (أي مجلس الأمن) بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة"... "يقر بطلب الحكومة اللبنانية بأن يحاكم من توجه لهم في آخر المطاف تهمة الضلوع في هذا العمل الارهابي أمام محكمة ذات طابع دولي".... ما يعني ان المحكمة التي يتم انشاؤها أصلاً، تحت الفصل السابع، يقتضي التأكيد على ذلك، بسبب الظروف التي تواجهها الحكومة.
والثاني، هو قرار جديد بإنشاء محكمة دولية خاصة تحت الفصل السابع. وهذا الاحتمال بات معروفاً، وبالتالي لن يعود مجلس الأمن إلى الوراء، وما صدر منذ القرار 1636، أي في إطار هذا الفصل لن ينتقل إلى فصل تخفيفي.
وتتوقف مصادر ديبلوماسية غربية، باهتمام بالغ عند كلام رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، ووزير الاتصالات مروان حمادة، حول علاقة "حزب الله" ببعض الجرائم، التي تتابع لجنة التحقيق، التحقيقات فيها. وعلم، ان اتصالات ديبلوماسية مكثّفة أجريت، لمعرفة المدى الذي ستبلغه هذه الاتهامات، وما إذا كانت لجنة التحقيق ستتسلم طلباً لبنانياً رسمياً لمتابعتها، أو ان متابعتها لها ستتم في إطار العلاقة المباشرة بين المتضررين من الجرائم واللجنة.
كما قوّمت المصادر، أداء "حزب الله" حيال المحكمة في مراحلها اللبنانية، منذ الاعتكاف الوزاري السنة الماضية وحتى استقالة الوزراء هذه السنة، والمطالبة بضمانات في النظام الأساسي للمحكمة عبر تعديله لا تطال الحزب أو أفراده، لا عن عمليات تاريخية سابقة أو عن اخرى. واللافت بالنسبة اليها، ان سلوك الحزب كان بمثابة إدانة ذاتية حيال جرائم ما، تحقق بها اللجنة، وستحيل نتائج تحقيقاتها على المحكمة ذات الطابع الدولي، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول، مصير القبول المبدئي من جانب 14 آذار والحكومة بالنظر في تعديل مسودة المحكمة، وقد بات هذا المبدأ مستبعداً، بعد موقف جنبلاط وحمادة الدفاعي ضد الاتهامات التي تطلق من "حزب الله" والمعارضة، في إطار معركة المحكمة وفقاً لقرار إقليمي.
وكذلك تطرح هذه المصادر علامات استفهام تتناول مستقبل "حزب الله" في حال تعرض إلى مساءلات دولية على خلفية الموقف الدفاعي لرموز من الأكثرية، تبدأ في لجنة التحقيق، لكن قد تنتهي بقرار جديد عن مجلس الأمن حول هذا الحزب وسلاحه. كما تتناول: مستوى التعاطي الدولي الجديد مع الحزب، في إطار الفصل السابع، بحيث ان المحكمة ذات الطابع الدولي، أقر تشكيلها وفقاً لهذا الفصل، وإذا تعثرت ستكون دولية بامتياز وفقاً لهذا الفصل ايضاً، مع ما يحمله الأمر في المعنى السياسي ـ القضائي داخلياً ودولياً.
وتؤكد المصادر ان هناك موقفاً دولياً أكثر تشدّداً، يلوح في الأفق، وعلى عتبة إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش استراتيجيته للمنطقة والعراق الأسبوع المقبل. وهذا ما يقتضي من الأفرقاء اللبنانيين إدراك الأمر، والعودة إلى الحوار والتفاهم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.