فيما تتجه الأنظار اللبنانية والدولية الى الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الأميركي جورج بوش حول استراتيجية الادارة الأميركية في المنطقة والعراق، بداية السنة الجديدة، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان هناك قراراً أميركياً سيعاد التأكيد عليه وهو أن لا حوار بين هذه الادارة وسوريا وايران. وان هذا الموقف سيكون الأجدى بالنسبة الى الملف اللبناني، الذي لم يعد مجرد ورقة في السياسة الأميركية، بل هو في صلب استراتيجيتها الخارجية.
وكشفت المصادر أيضاً، أن الزيارات التي يقوم بها شيوخاً من الديموقراطيين في الكونغرس الأميركي الى دمشق، لا تعني أن هناك تغييراً أو تعديلاً في سياسة الادارة حيالها، بل انه في السياسة الخارجية ثمة توافق تام بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وان الخطوات التي يجب ان تتخذ من جانب الولايات المتحدة لتنفيد المشروع الأميركي في المنطقة، هي جزء من الأمن القومي الأميركي الذي لا يختلف حوله الحزبان.
وأوضحت المصادر، ان أعضاء الكونغرس، الذين كانوا يزورون دمشق خلال الفترة الأخيرة، عملوا على نقل رسائل أميركية مفادها ان عدم التعاون السوري الأميركي في ما خص المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واللجوء الى هذا الاستقرار اللبناني، سيحتّما خطوات دولية حاسمة.
وفي هذا السياق، فإن الادارة الأميركية حالياً تنتظر المدى الدي ستبلغه مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى واستنفاد كافة الامكانات لإقرار المحكمة داخلياً. ومع هذا الانتظار، يتزامن العمل الدولي في الوقت عينه، على مراقبة استخراج قدرات المعارضة في الداخل للتوصل الى التصعيد الذي تتحدث عنه والذي هو موضع طلب وضغط اقليميين بضرورة ايصاله الى صِدام. ومع علم الدول، وقناعتها، بأن الدولة المعنية بالمحكمة، لن تألو جهداً، في عدم السماح بوضع السيف اللبناني على رقبتها، فإن الادارة الأميركية وافقت كما أكثر من طرف دولي، على تجربة موسى، بالحل عبر الحوار الذي تعثر بجوهره لكنه نجح في ارساء هدنة وتهدئة خلال فترة الأعياد، وهذا كان واضحاً لديها منذ ما قبل بدء موسى مهمته، وأهميتها تبقى في مكسب تأجيل التصعيد أو محاولة منعه.
وتشير المصادر الى أن الحرب على لبنان أُعلنت منذ اغتيال الرئيس الحريري، وقرار زعزعة الاستقرار، والأمن الحكومي اتخذ منذ اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميل، فإن على لبنان أن يدرك أن مسار السيادة والعدالة يستلزم مزيداً من الجهود، أبرزها أن تظهر الحكومة كل قوتها الآن وتثبتها، لكي لا تضطر الى أن تستعمل فعلاً هذه القوة في وقت لاحق ويفترض ان يعبر الجيش عن حزمه بحسم الأمور، لكي لا يصل الى مرحلة لاحقة يجد نفسه مضطراً لاستعمال هذا الحسم، على أساس ان أفضل الحروب، وأنجحها هي تلك التي يمكن درء احتمالات خوضها، وهذا يتزامن مع دعم دولي لا سابق له للحكومة، وتحديداً من الولايات المتحدة.
لذلك، ان ثمة ترقباً للتهديدات بالتصعيد ومدى التزام الأفرقاء في المعارضة بقرار الصدام المتخذ اقليمياً للبنان. الا ان ذلك لن يبقى من دون ردة فعل دولية، أولها اللجوء الى الفصل السابع لإقرار المحكمة، فضلاً عن خطوات دولية بغية تحميل مسؤولية لأي جهة تسعى لتخريب لبنان أو زعزعة استقراره.
كذلك، تعتبر المصادر، أن الأجدى للمنطقة، هو عدم لجوء الادارة الأميركية الى الحوار مع سوريا وايران، اذ ان ادارة بوش تعتقد، أن الحوار مع سوريا هو اقرار بدورها في المنطقة، وهذا ما لا ترغب به، كما لا تؤيد اعادة نفوذ سوريا الاقليمي، بل العودة بها الى حجمها الطبيعي كدولة يمكن ان يكون لها تأثيرات في فلسطين أو العراق مثلاً. لكن ليس في لبنان الذي تنحو به واشنطن في اتجاه الحياد عن أي مواجهة أميركية ـ ايرانية محتملة، كانت حرب تموز احدى مظاهرها القريبة من اسرائيل.
وفي اعتقاد الادارة الأميركية أيضاً، ان سوريا تشكل واحداً في المئة من المخاطر المحدقة بالعراق، خلافاً للنسبة المرتفعة في شأن المخاطر التي تشكلها حيال لبنان، لكن يبقى الأجدى لملفه عدم حصول حوار أميركي ـ سوري وايراني. والادارة ترغب في أن ترى سوريا تثبت حُسن نيّة حيال الموضوع اللبناني، بعد المصلحة التي لديها في أن تتصرف بطريقة منضبطة عراقياً. وكل ذلك لا تجد فيه هذه الادارة مبرراً لاقامة حوار معها أو مع ايران.
وأوضحت المصادر، أن واشنطن تتجه لزيادة عديد قواتها في العراق، وستقوم بعمليات نوعية في بغداد، قبل أن تنكفئ الى خارج العاصمة، وتعمل على تدريب الجيش العراقي، بغية الانسحاب من المناطق الحساسة والساخنة فقط. وليس من خلاف بين الجمهوريين والديموقراطيين على الهدف في العراق وهو معالجة المشكلة، بحيث لم يقل أي منهما بالانسحاب الكامل من العراق.
وبالتالي، تتابع المصادر، هناك احكام للقبضة الأميركية على الشرق الأوسط، بحيث لا أنظمة غير متعاونة، ولا مشاريع من تحت الطاولة، ولبنان لم يعد ورقة، وان استعماله سابقاً كورقة، هو بسبب وجود القوات الأميركية داخل الحدود، أما الآن فقد تغيرت الظروف، والقوات الأميركية موجودة في المنطقة، وان الادارة لا تحسد الوضع الايراني أو السوري غير المتعاون، وان المقارنة بين هذا الوضع، ووضع صدام حسين قبل الحرب على العراق، ليست متعادلة، بفعل القرارات الدولية حول سوريا وايران والدعم الدولي والعربي الواسع لهذه القرارات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.