كشفت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة ان الإدارة الأميركية تعدّ لإعلان استراتيجية شاملة لها للتعامل مع قضايا الشرق الاوسط بما في ذلك الملف اللبناني، والملفان العراقي والفلسطيني، في بداية السنة الجديدة 2007.
وثمة ترقب لما ستعكسه هذه الاستراتيجية، التي يجري وضعها في الوقت الحاضر، على الملف اللبناني حيزاً بارزاً فيها. وقد استدعت الإدارة السفير في بيروت جيفري فيلتمان الموجود حالياً في واشنطن، وتجري معه مراجعة حول تطورات الموضوع الداخلي اللبناني، بالتزامن مع مراجعة فرنسية مماثلة، بغية النظر في ما يمكن اتخاذه من خطوات تزيد في تعزيز سلطة الدولة اللبنانية على قرارها الحرّ وعلى أراضيها، وتحقيق العدالة الدولية عبر إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المجرمين قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومرتكبي الأعمال الإرهابية الاخرى.
وكشفت المصادر ايضاً، أن الاستراتيجية الجديدة ستأخذ من الملف العراقي أساساً لها، وستنعكس على بقية ملفات المنطقة، كما انها لن تأخذ في الاعتبار ما حددته لجنة بيكر ـ هاملتون في تقريرها.
إذ ان الإدارة لن تطبق مبدأ الحوار مع سوريا أو مع إيران، ولن تسحب الولايات المتحدة جنودها من العراق في هذه المرحلة. وبالتالي لن تلتزم الإدارة ـ أي قيود وضعتها الخطة ـ في الاستراتيجية التي تعدها، وهي عملياً تسعى لدفنها، وهذا ما يمثل حدود التعاطي الجديد مع قضايا الشرق الأوسط.
لذلك، تقول المصادر، ان الاستراتيجية الجديدة التي ستأخذ من الموضوع العراقي نقطة انطلاقتها، سترتكز بشكل أساسي على تقييم القادة العسكريين الأميركيين في العراق، أكثر من ارتكازها على التقييم الديبلوماسي لما يمكن فعله لتجاوز التحديات الأميركية في هذا الموقع. ويأتي ذلك بعد اتخاذ قرار في مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على إيران لعدم امتثالها لمتطلبات الشرعية الدولية في ملفها النووي، وبطبيعة الحال، سيفرض المنحى الجديد في الأسلوب الأميركي نفسه بقوة في التعامل مع الموضوع اللبناني. وذكرت المصادر أن العراقيين وهم أصحاب العلاقة بأزمتهم الداخلية رفضوا تقرير بيكر ـ هاملتون، كما جاء عدم الرضا البارز عنه من إسرائيل، الأمر الذي زاد من العوامل المشجعة للرئيس الأميركي جورج بوش والذي لا يزال غير مقتنع بجدوى الحوار مع سوريا وإيران وبضرورة عدم الامتثال لما ينصح به التقرير، على الرغم من ان من قام بإعداده يمثل فريقا الحزبين الجمهوري والديموقراطي، ما يعني انه حظي بتوافق داخلي وإجماع وطني، وأنه كناية عن ورقة مشتركة في ما بين الفريقين.
وتشير المصادر إلى ان هناك اتصالات أميركية ـ فرنسية تجري حالياً على أعلى مستوى في شأن الملف اللبناني، فالاستقلال والسيادة والحقيقة في جريمة اغتيال الحريري هي قضية فرنسا، وسبل العمل لدعم ذلك هو قضية الولايات المتحدة، وما قد تقترحه باريس في هذه المرحلة من إعداد الاستراتيجية الأميركية للمنطقة سيؤخذ في الاعتبار، خصوصاً في ظل ظروف تعثّر المبادرة العربية التي يحظى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بكامل الدعم العربي والدولي لإنجاحها، وفي ظل عدم وجود أي تعديل أو تغيير في الموقف السوري حيال الموضوع اللبناني، وأي استراتيجية أميركية ستعلن مطلع السنة ستتضمن دعماً مطلقاً وواضحاً لسيادة لبنان واستقلاله، وللعدالة في جريمة اغتيال الحريري والجرائم الاخرى، ولا تراجع عن ذلك أو تعريض هذه الثوابت لصفقة.
وتدرك الإدارة الأميركية جيداً ان روسيا الاتحادية تحاول جاهدة استعادة دورها في المنطقة، عبر تقوية نزعتها الاستقلالية كقوة عظمى في العالم. وفي ذلك ترى روسيا ان المحكمة هي احدى الحلقات التي تعكس مخالفة الإجماع اللبناني في مؤتمر الحوار. إلا أن هناك حلقات اخرى تشكل ضرراً على البلاد، وهي تهديد وحدة الحكم وعمل المؤسسات.
وتطرح المصادر أكثر من علامة استفهام حول الدور الروسي في مجلس الأمن حيال الشرق الأوسط ولبنان في حال طبقت الإدارة نزعة أكثر تشدّداً في استراتيجيتها، لا سيما أن موسكو تعتبر انه كلما زاد الضغط الأميركي على سوريا، زاد اندفاعها أكثر نحو إيران، وان الحلول عبر السلام في الشرق الأوسط، توقف الاندفاع السوري نحو إيران.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.