لا تزال مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى حول الوضع اللبناني، في انتظار محطات اقليمية ودولية عدة، يفترض أن تساهم في بلورتها عملياً. إذ كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان موسى سيقوم بزيارة إلى موسكو في شهر شباط المقبل للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاجراء محادثات حول ما يكون قد قطعه الحوار الروسي، شبه الوحيد دولياً مع كل من ايران وسوريا، والذي يحظى الملف اللبناني في حيز كبير منه باهتمام روسي ـ عربي مشترك.
وأوضحت المصادر ان موسى تلقى قبيل توجهه إلى دمشق، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اطلعه فيه على نتائج القمة الروسية ـ السورية التي عقدت في موسكو، وحقيقة الموقف الروسي الذي تم إبلاغه إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وإلى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بالنسبة إلى المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وأفادت المصادر ان الموقف الروسي الذي أبلغ إلى الأسد، يؤكد ان موسكو تقف إلى جانب قيام المحكمة في اطارها القانوني الحالي، بغية إحقاق العدالة، وهناك إصرار روسي على استكمال إنشاء هذه المحكمة، إلا آنها تدعو إلى عدم تسييس عملها وصلاحياتها، أو استعمالها للقيام بضغوط أخرى في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوضع الاقليمي. كما ان روسيا أبلغت الأسد في هذا الاطار، ان التطمينات التي يمكن أن تقدمها حول ذلك سوريا شملت التعديلات التي سعت موسكو إلى إدخالها على بنود النظام الأساسي للمحكمة، خصوصاً في حذف موضوع الجرائم ضد الإنسانية.
أما في مجال الاستعدادات الدولية لاستعمال الفصل السابع لفرض المحكمة، إذا ما فشلت المساعي للتوصل إلى ابرامها داخلياً في لبنان، فإن لدى موسكو ملاحظتان حولها هما: أولاً: ان روسيا ترفض استخدام منبر الأمم المتحدة كوسيلة للضغط على سوريا، إلا انها تصرّ على المحكمة لاحقاق العدالة، وان لا خوف على مصير المحكمة وستأخذ مجراها. وثانياً: ان روسيا تعتبر انه من السابق لأوانه في الوقت الحاضر البحث في الفصل السابع، وانه لا يزال هناك الوقت الكافي لتشكيل المحكمة، وفي موازاة ذلك، لا تزال كل الامكانات متوافرة أمام المساعي الديبلوماسية العربية والدولية للتوصل إلى إقرار المحكمة وابرامها في لبنان، وعبر الاتفاق والتفاهم الداخليين، والحوار بين الأفرقاء كافة. وبالتالي، طالما ان هناك فرصاً لاقرارها داخلياً فلماذا بحث هذا الموضوع منذ الآن؟
ولاحظت المصادر ان الجواب السوري لبوتين وموسى كان واحداً، وهو التأكيد ان سوريا لا تتدخل في الشؤون اللبنانية وانها تقف مع ما يُجمع عليه اللبنانيون. وذلك رداً على موضوع المساعدة في الحدّ من التوتر في لبنان.
وأوضحت المصادر ان الاهتمام الدولي بتحريك ملف السلام في الشرق الأوسط لا بد أنه ينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني، لذلك فإن بوتين عيّن ممثلاً خاصاً له لشؤون المنطقة هو الكسندر سلطانوف الذي سيقوم بجولة في الشرق الأوسط تشمل لبنان في مطلع الشهر المقبل، لاستطلاع الاستعدادات السلمية لدى قادتها.
إلا ان روسيا تبدو على عتبة زيارة موسى إلى ايران، قلقة من أي انعكاسات سلبية من جراء مشروع القرار الذي يُعد في مجلس الأمن لفرض عقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي، على أي ملف في المنطقة لاسيما الملف اللبناني. وترى روسيا ان طهران تنطلق في ادائها الاقليمي مما يواجهها في ملفها النووي، خصوصاً وأن روسيا أبلغت ايران انها لن تعارض مبدأ العقوبات التي سيجري فرضها عليها في القرار المرتقب صدوره عن المجلس.
لذا، فإن أمام موسى تحديات اقليمية تتوسّع إلى ان تصبح دولية في مسيرة تحقيق مبادرته اللبنانية، وهو يدرك، بحسب المصادر، ان تسهيل مهمته اللبنانية يقضي بإزالة العراقيل الاقليمية والدولية المتصلة بها في آن معاً.
من هنا، تؤيد روسيا وجوب تعزيز المناعة الداخلية في لبنان، وتعزيز الحلول عبر الحوار بين اللبنانيين، وعزل هذا الحوار عن أي تداعيات اقليمية أو دولية، ما يؤدي إلى قيام الدولة القادرة والقوية.
وأشارت المصادر إلى ان جولة سلطانوف في المنطقة ستركز على المساعي لحل الخلاف اللبناني، والنزاع العربي ـ الإسرائيلي، وتأتي قبيل زيارة موسى إلى موسكو في اطار الحلقة الدولية الكبرى لمعالجة الملف اللبناني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.