اعتبرت مصادر ديبلوماسية عربية واسعة الإطلاع، أن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اليوم إلى دمشق تكتسب أهمية بالغة، ليس بالنسبة إلى توقيتها فحسب، بعد القمة الروسية ـ السورية، إنما أيضاً بالنسبة إلى المرحلة الدقيقة التي بلغتها مبادرة موسى حول الوضع اللبناني، التي تتطلب تعاوناً سورياً ومن ثم إيرانياً على حدّ سواء.
وأوضحت المصادر أن مباحثات موسى في دمشق ستتركز على مسألتين أساسيتين هما: أولاً: ما يمكن أن تقدمه سوريا من مواقف إيجابية، عبر الإيحاء إلى حلفائها في لبنان والذين يتمثلون بالمعارضة، بالعودة عن التحرك لتعطيل حركة المؤسسات الدستورية اللبنانية والحركة السياسية في لبنان، والدور الذي يمكن أن تؤديه في مجال تعزيز الاستقرار السياسي والأمني. وسيعرض موسى للمسؤولين في دمشق، المراحل التي قطعتها مبادرته المتكاملة حتى الآن، وأهمية ذلك في تنفيس الاحتقان وضرورة مواصلة السعي إلى تحقيق كل عناصر المبادرة.
وسيعبّر موسى عن الدعم العربي الكامل لتحركه، وضرورة أن تأخذ دمشق بالاعتبار وحدة الموقف العربي حيال الملف اللبناني وتداعياته، وحيال الثوابت العربية، والعلاقات العربية ـ العربية خصوصاً التي كانت سائدة ما قبل حرب تموز الماضي، وأثناء المراحل الأساسية من التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وفي هذا الإطار، يسعى موسى إلى موقف داعم لمبادرته وإلى العودة إلى التهدئة بين لبنان وسوريا وإيجاد تفاهم، حول تمرير المرحلة الجديدة التي تتمثل بتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في الجريمة. بحيث لا عودة دولية إلى الوراء في هذه المسألة، وأن هناك إجماعاً عربياً ـ روسياً على أن عدم التعاون الإيجابي السوري في الملف اللبناني، وخصوصاً في شأن العلاقة بين مواقف المعارضة والمحكمة، سيتسبب بأزمات دولية لسوريا. وعلم، أن روسيا أبلغت سوريا جملة ملاحظات باللغة الديبلوماسية الخاصة، بأن الاستقرار في لبنان، وإنشاء المحكمة موضوعان لا رجوع عنهما، وأن هناك التزاماً روسياً بما هو متفق عليه، وأنه بمجرد صدور القرار 1595، يتجسد هذا الإجماع بمضمونه وبالقرارات المتصلة به. إذ لن تحصل مفاوضات دولية حول التعاطي الدولي مع موضوع الجريمة مرة أخرى، وأن هناك دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لم تتفق على قضية بهذا الشكل كما هو موقفها من جريمة الحريري.
وبالتالي، فإن المشاورات الدولية حول الجريمة تمت في ربيع 2005، واتفق على الثوابت في هذا الشأن، بأن المجرم سينال عقابه.
أما المسألة الأخرى، التي سيناقشها موسى في دمشق، فهي سبل إعادة إحياء المحور التشاوري العربي المثلث: المملكة العربية السعودية ـ مصر ـ سوريا، بحيث أن هذا المحور شهد في الفترة التي سبقت اغتيال الحريري، ثم في الفترة التي سبقت حرب تموز تحديداً، تعزيزاً وفاعلية في دوره العربي وضامناً لأي تحديات تواجهها الأمة العربية في وجه أي موجات إقليمية، أو حضارية متنوعة، أو في وجه أي امتدادات غريبة عن روح العروبة، وأهدافها الحقيقية. ومن المفيد، بحسب ما سيسعى إليه تحرك موسى، أن تعود سوريا إلى الحظيرة العربية، وأن تقوم بأداء عربي ودولي فاعل يؤدي في ما بعد إلى إزالة عزلتها، وإلى استفادتها من الظروف الدولية المؤاتية، إن لإعادة أراضيها المحتلة، أو للتنمية الاقتصادية.
وكذلك، وبسبب عمق العلاقات السورية ـ الإيرانية، فإن موسى يأمل في دور سوري مع إيران حول الملف اللبناني، في وقت يعد فيه لزيارة طهران، انطلاقاً من أن نجاح مبادرته لا يمكن أن يتحقق، من دون التفاهم مع البلدين حول وقف ضغوطهما على الساحة اللبنانية.
كما سيناقش موسى في العاصمة السورية ضرورة التهدئة في الملف اللبناني، تمهيداً لعقد مؤتمر "باريس ـ3" الذي يحظى بدعم دولي غير مسبوق. وعلم أن هذا الدعم لن يتراجع، وأن المؤتمر سيُعقد في موعده في 25 كانون الثاني المقبل، وأن هناك استياء دولياً من محاولة أطراف لبنانية إدراج هذا المؤتمر، والذي هدفه دعم لبنان وكل اللبنانيين في كل المناطق من دون استثناء، في سلة المواضيع التي قد تُطرح للمفاوضة داخلياً، بسبب التعامل معه كأي موضوع خلافي، بدل أن يكون موضع إجماع وطني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.