تتابع العواصم الدولية باهتمام كبير استئناف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مباحثاته في بيروت، وسط تفاؤل بإمكان إحرازه تقدماً جوهرياً يحقق الاتفاق على تنفيذ عناصر مبادرته التي كان طرحها قبل نحو عشرة أيام لايجاد مخرج للأزمة الداخلية.
وأبرز ما تترقبه هذه العواصم ما سيعكسه تحرك موسى بالنسبة إلى استكمال لبنان لجهوزيته حول إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لاسيما ابرامها في مجلس النواب. إذ بحسب مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، فإن هذه العواصم لن تدع مسألة إطلاق المحكمة يخضع للتجاذبات والضغوط على الساحة اللبنانية، ولن تقبل بتعريض انشائها ومستلزمات السير قدماً بها لتأخير لا يُعرف مداه الزمني، بصورة يتم معها إدخال مصيرها في المجهول.
لذلك، فإن هناك ترقبا دوليا شديدا وحازما، لما سيحققه موسى وما إذا كانت مبادرته ستفضي إلى توافق حول العناصر الأربعة التي تشملها أم لا.
وهذه العناصر تبدأ أولاً، ومن دون خلاف على العنصر الذي سيحتل الأولوية في التنفيذ، بتقريب موعد اجراء الانتخابات الرئاسية، ثم تشكيل حكومة جديدة موسعة، بحيث ان العنصر الثاني يفرض نفسه بمجرد اجراء انتخابات رئاسية، ويمكن بذلك تلبية مطالب المعارضة من دون أن يكون لأي فريق سلطة التعطيل، فتتساوى الأكثرية والأقلية في هذا المبدأ، ويشمل ذلك ابرام مسودة الاتفاقية بين لبنان والأمم المتحدة في شأن المحكمة في مجلس النواب، ثم يصار إلى إقرار قانون للانتخابات التشريعية تجرى على أساسه انتخابات مبكرة، وبالتالي، ان أي تفاهم حول ذلك، سيكون مؤشراً أمام الدول الفاعلة، بالعودة عما تعدّ له من أفكار تشكل أساساً لمشروع قرار جديد يعرض على مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهو الأمر الذي سيبقى قائماً ومن دون أي تلكؤ زمني، طالما ان هناك تعثرا لبنانيا يحول دون إكمال المسار المطلوب لإقرار المحكمة، من جراء التهديد الاقليمي عبر الضغوط الداخلية بقلب الأوضاع أمام التغيير الذي يشهده لبنان في السيادة والاستقلال وتحقيق العدالة في الجريمة والجرائم الـ15 الأخرى.
ولفتت المصادر الى ان هناك ضغوطا دولية أعيد التأكيد عليها لكل من سوريا أو الموفدين، أو الدول التي تؤثر حيال سوريا، ولا سيما الصين وروسيا الاتحادية، بضرورة أخذ الضغوط بالاعتبار، ما انعكس على أركان المعارضة في لبنان، التي قبلت بمبدأ البحث في مبادرة موسى، الذي عاد الى لبنان على هذا الأساس.
والضغوط الأميركية على سوريا، تزامنت مع التقرير الدوري لرئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الحريري سيرج براميرتس، وما تكون الدول الفاعلة في مجلس الأمن قد فهمته من معطيات اضافية حول التورط في الجريمة. والضغوط هذه تركزت على أمرين: الأول، هو أنه على الرغم من النظر في مسألة الحوار مع دمشق وطهران حول الأوضاع الاقليمية والملف اللبناني بحسب ما أشار اليه تقرير بيكر ـ هاملتون، الا ان الرسالة الأميركية حول ذلك مفادها ان ليس لدى الادارة قناعة بموضوع الحوار معهما.
والثاني، ان الادارة، حتى وان أخذت بما يقترحه هذا التقرير، حددت للحوار مع سوريا شروطاً مسبقة وحدوداً واطاراً معيناً وفقاً لما حدده الجزء الخامس عشر من التقرير الذي تضمن نحو 15شرطاً يستنتج منها ان لبنان ليس موضع تفاوض مع دمشق، وان الحوار اذا ما اعتمد، هو للطلب اليها والى ايران التعاون الايجابي في ما تفرضه القرارات الدولية المتصلة بالملف اللبناني.
لذا تفيد المصادر، ان نجاح مبادرة موسى والتي تأخذ في الاعتبار موقف بكركي وثوابتها، وقبول الفريق المعارض العودة الى الحوار السياسي عبر المؤسسات وليس عبر الشارع، سيقدم رسالة سورية الى المجتمع الدولي، وايرانية في الوقت عينه، بأن تعاون البلدين الايجابي حول المطالب الدولية لن يقتصر فقط على الملفين العراقي والفلسطيني، بل ان ثمة قبولا بمبدأ التعاون في الملف اللبناني، والاستجابة للآمال العربية المعلقة عليهما في هذا الشأن. وستحسم نتائج تحرك موسى هذا الموضوع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.