أكدت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية ـ التركية، ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لم يحدد بعد موعداً نهائياً لزيارته الى لبنان، لكن الاستعدادات لانجازها تبقى قائمة، على الرغم من أن أردوغان أبلغ رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بالانطباعات التي خرج بها من محادثاته في طهران ودمشق وموقف البلدين من تطورات الوضع اللبناني، وما يمكن أن يقوما به من دور على صعيد الاستقرار، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة.
وأوضحت المصادر، ان هناك تواصلا دائما على أرفع مستوى بين السلطات اللبنانية والسلطات التركية، وان الملف اللبناني، وخصوصاً في هذه المرحلة من التشنج الداخلي فرض نفسه بقوة على محادثات أردوغان في طهران ودمشق، في ظل حث الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي لأنقرة على التدخل مع هاتين الدولتين، وتشجيعهما على التعاون الايجابي في ملف لبنان، والملفين العراقي والفلسطيني.
وأشارت المصادر الى تقاطع كبير بين الموقفين اللبناني والتركي، لا سيما في ما خص ضرورة التهدئة في لبنان والمنطقة، والعمل على الاستقرار ومنع الفتنة.
وما يساعد على انطلاقة الدور التركي، العلاقات التي تربط أنقرة بكل من طهران ودمشق فبين هذا المثلث الاقليمي، اهتمامات مشتركة، واتفاقات ثنائية "متنوعة". وعلى صعيد الاهتمامات المشتركة، هناك الملف العراقي ومسألة الوحدة العراقية التي تهم تركيا، والتشاور السياسي المفتوح بينهم حول هذا الملف، والملف النووي الايراني وما يتخذه من ابعاد دولية.
كذلك ما يعكسه ذلك على الأجندة الاقليمية، بما في ذلك الموضوع اللبناني. ثم ان بين تركيا وسوريا تعاوناً واسعاً يبدأ في الاقتصاد وصولاً لمواضيع الدفاع والشؤون الأمنية. وفي الوقت عينه، في مقدور تركيا ايصال رسائل الى اسرائيل، نظراً لعلاقاتها المميزة بينهما، كل ذلك، يجعل من تركيا لاعباً اقليمياً له ثقله، ما جعل الغرب يتجه الى تفعيل دورها في سبيل تحقيق الاستقرار الاقليمي ومن ضمنه الاستقرار في لبنان.
وأفادت المصادر، انه وان كانت زيارة أردوغان الى كل من ايران وسوريا مقررة قبل تصاعد الموقف الداخلي في لبنان، الا ان الرسالة التي وجهتها تركيا، حول الملف اللبناني، الى الدولتين تشمل ما يلي:
ـ ان تركيا تجد نفسها معنية بما يجري داخل لبنان، وتخشى وصول الأمور إلى انقسام مذهبي يماثل ما هو حاصل في العراق، إلا ان تأثيراته ستمتد إلى دول الجوار، ولن تكون أي دولة بمنأى عنها بما فيها تركيا التي لديها مخاوف متصلة بالوجودين الكردي والعلوي وروابط ذلك بمثيلاتهم في دول المنطقة. كذلك فإن هناك مصلحة لكافة الدول الإقليمية، وليس فقط للبنان، في منع الفتنة والتفتت المذهبي والطائفي والذي قد يتحول إلى تفتت على أساس عرقي. كما ان لديها مصلحة في وقف الصراع الحاصل في محيط العراق كما في العراق.
ليس لدى تركيا مبادرة محددة لحل المعضلة الداخلية اللبنانية، إلا انها تتمسك بثوابت واضحة أبلغتها أيضاً إلى الحكومة اللبنانية، وهي: دعم حكومة أردوغان لحكومة الرئيس السنيورة، التي يعتبرها الحكومة الشرعية والدستورية المنبثقة من الدعم الشعبي، دعم وحدة اللبنانيين، وضرورة حل كافة المسائل المطروحة على طاولة الحوار الوطني، وان الطريق الأفضل إلى الحل في لبنان لا تكمن في الوسائل الشارعية.
ان التحرك التركي يأتي أيضاً من منطلق إسلامي وما تمثله تركيا من مكانة في منظمة المؤتمر الإسلامي، وما يمثله الأمين العام للمنظمة أكمل الدين أوغلو التركي، وهو الذي أكد قلق المنظمة حيال الوضع اللبناني وأبدى دعمها لوحدة اللبنانيين ولحكومتهم.
ويشار إلى ان لتركيا حضوراً مهماً في لبنان، وقد تعزّز أخيراً من خلال مشاركتها في قوة "اليونيفيل" وقيامها بمبادرات إنسانية مهمة خلال الحرب وحتى الآن، خصوصاً في مجال إرسال المدارس الجاهزة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.