8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المجتمع الدولي يعتبر الـ15 يوماً فترة حاسمة لتحركه وأنان يتجه لتسمية قبرص مكاناً للمحكمة ولتمويل غير لبناني

تعتبر مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع ان فترة الخمسة عشر يوماً التي هي المهلة القصوى التي سيمضيها مرسوم التوقيع بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة على مسوّدة اتفاقية إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في حوزة رئيس الجمهورية إميل لحود، هي فترة حاسمة، يتم خلالها ترقب ما ستحمله من تطورات في المسار اللبناني لإقرار المحكمة، من جانب المجتمع الدولي والأمم المتحدة، والدول الفاعلة في مجلس الأمن.
ذلك، ان أي تعقيدات داخلية قد يواجهها هذا المسار، إذا لم تفلح المشاورات والاتصالات في إكمال جهوزية لبنان في هذا الشأن، فإن جهوزية الأمم المتحدة ستكون بدورها حاضرة لمساعدة لبنان في تجاوز الظروف التي تحول دون إبرامها انطلاقاً من ان المنظمة ستهيئ كل التدابير التي تمكنها من إطلاق المحكمة والاكتفاء بموافقة مجلس الوزراء على المسوّدة، وتكليف وزير العدل أو من يكلفه التوقيع عليها مع الأمم المتحدة. ومن المرجح ان يتم ايفاد احد القضاة البارزين إلى نيويورك للتوقيع عليها مع وكيل الأمين العام للشؤون القانونية نيكولاس ميشال.
وبالتالي، تعد الخمسة عشر يوماً هذه الفرصة الأخيرة أمام لبنان، لتلافي مشروع قرار جديد يقر إنشاء المحكمة، تحت الفصل السابع، وتكون محكمة دولية وقضاتها دوليون، والاستعداد الدولي لهذه المرحلة، إذا ما اقتضى الأمر، لن يكون أقل جدية من تسريع الخطوات الذي تم في مجلس الأمن الثلاثاء الماضي، عندما تحرك في غضون ساعات، لدى انعقاده لاستصدار تفويض للأمين العام كوفي أنان للتوقيع مع الحكومة على مسوّدة الاتفاقية، فقام إضافة إلى التفويض، بتوسيع عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة الحريري لتشمل التحقيق في جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل، واستصدار بيان رئاسي ايضاً دان فيه هذه الجريمة. وهذا أبلغ دليل استناداً إلى المصادر على الجدية التي يحيط بها مجلس الأمن موضوع تشكيل المحكمة بسرعة واطلاق عملها.
وتلفت المصادر إلى ان الضمانات والتطمينات التي يقدمها رئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري، في موضوع عدم علاقة "حزب الله" بجريمة الرئيس الحريري، يفترض ان تساهم على الصعيد الداخلي في إعادة تهدئة الأجواء المتصاعدة من المعارضة في شأن موافقة لبنان على المحكمة، خصوصاً ان المصادر، أشارت إلى ان معلوماتها حول التفاصيل التي تهم "حزب الله" في مسوّدة المحكمة، متعلقة بتخوف المقاومة من ان يتم استدعاء مسؤولين في صفوفها للتحقيق تحت ستار صلاحيات المحكمة ومهمتها، وان وزراء "حزب الله" وحركة "أمل" انسحبوا من الحكومة وقدموا استقالاتهم التي لم تقبل، اعتقاداً منهم أنهم يسعون الى تحمّل مسؤولياتهم أمام جماعاتهم. مع العلم، ان موقفهم العام يأتي في اطار البعد الأوسع للحملة التي يقومون بها وهي الضغط في اتجاه معركة رئاسة الجمهورية بغية أن تصل الى سدة الرئاسة شخصية لا تعمل ضد المقاومة. وما هو أشمل من ذلك، هو السعي الى تغيير وجهة لبنان السياسية، والتأثير في مسألة المصير والخيار المستقبلي للبلاد.
وتكشف المصادر ان أنان بدأ بدراسة المسائل التي تُلقى على عاتقه في مسودة اتفاقية انشاء المحكمة، إذ إنه بعدما أبلغ موافقة الحكومة القبرصية، وعدم ممانعتها استضافة قبرص لمقرّ المحكمة، فإن لديه ميلاً بتسميتها كمكان لتستقبل المحكمة وطاقمها، نظراً الى قربها الجغرافي من لبنان. ثم انه باشر مشاورات مكثفة مع بعض الدول لاختيار قضاة دوليين أعضاء في المحكمة.
كذلك الأمر بالنسبة الى تأمين التمويل للمحكمة، بحيث يدرس أنان خيارات متعددة، أبرزها، أن يموّل لبنان 49 في المئة من موازنتها، ويتم تمويل 51 في المئة عن طريق التبرعات المالية الدولية.
وهناك خيار آخر، يبدو ان أنان يصرّ عليه، وهو أن يتم ايجاد تمويل دائم غير لبناني للمحكمة، وألا يكون لبنان معنياً بالتمويل لكي لا يكون هناك مجال أمام المتضررين من قيام المحكمة وممارستها لصلاحياتها، لأن يوجهوا اتهامات الى أفرقاء لبنانيين بأنهم يوجهون المحاكمة بالطريقة التي يفضلون أن تؤدي الى نتائج، عبر التمويل اللبناني لها.
ويعمل أنان لحسم هذه المسائل في فترة قريبة. وفي كل الأحوال ستشهد الفترة اللاحقة مراسلات بينه وبين الحكومة اللبنانية للتنسيق حول كل الخطوات المطلوبة في مسار تشكيل المحكمة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00