أكدت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، انه على الرغم من أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي يناقشه مجلس الأمن منذ يوم الجمعة الماضي، حول انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أشار الى الرسالة التي أرسلها رئيس الجمهورية أميل لحود الى الأمين العام في الموضوع، فإن هناك اصرارا دوليا، لا سيما أميركي وفرنسي، داخل المجلس على عدم اعطاء أي فرصة اضافية لتأخير التفويض، المتوقع، والذي يصدره المجلس، الى أنان للتوقيع مع الحكومة اللبنانية على مسودة اتفاقية المحكمة.
وكان ينتظر ان تصدر جلسة المجلس المغلقة التي انعقدت يوم الجمعة الماضي هذا التفويض، الا انه تقرر ارجاء هذه الخطوة، الى جلسة أخرى عقدت أمس الاثنين.
وكشفت المصادر ان هذا الارجاء تم بناء على طلب المندوب القطري مهلة لابلاغ حكومة بلاده بتفاصيل التقرير والخطوة المنتظرة، والحصول على تعليماتها في هذا الشأن. كما طلب ترجمة التقرير الى كل اللغات للدول الأعضاء الـ15 في المجلس، وخصوصاً الى لغات الدول الخمس الدائمة العضوية. وقد دعمت روسيا الاتحادية الموقف القطري، الذي هو من الناحية الاجرائية محق، لكنه في الخلفية السياسية، يسعى لتقديم خدمة الى سوريا، عبر توجيه رسالة مفادها ان قطر وروسيا حاولتا تأخير صدور التفويض لأيام، وهذه المحاولة كانت على قدر المستطاع لديهما.
وأوضحت المصادر ان فريق أنان القانوني الذي شارك في اعداد التقرير، كان أمام حلّين، اما ان يذكر رسالة لحود في التقرير، وهو أمر طبيعي، لو كان وضع الرئاسة الأولى في لبنان مغايراً لما هو عليه الآن، ولو ان لبنان غير مطالب بقرارين دوليين وبيانين رئاسيين عن مجلس الأمن بضرورة اجراء انتخابات حرة ونزيهة، من دون تدخل خارجي، لكن التفكير الدولي في أن يشير اليها التقرير ام لا، يعكس في الأساس ان المسألة تحتاج الى درس. والحل الآخر، هو عدم الاشارة اليها على الاطلاق. الا ان الأمم المتحدة، عمدت الى الاشارة اليها، لكي لا يؤدي موقفها، في ضوء التطورات اللبنانية الداخلية الراهنة، الى زيادة التعقيدات التي تواجه التوقيع عليها وابرامها في لبنان بعد تفويض أنان توقيعها مع الحكومة اللبنانية. بل ان الأمم المتحدة رغبت بالاشارة الى الرسالة تخفيف الضغوط الداخلية الهادفة لعرقلة انجاز الاتفاقية حول المحكمة.
وكشفت المصادر ان واشنطن وباريس وافقتا على ارجاء الجلسة حتى أمس لاستصدار التفويض، والى اليوم الثلاثاء كأقصى حدّ لصدوره، كون الطلب الاجرائي القطري مشروع لا يمكن رفضه في المجلس. الا ان العاصمتين أبلغتا لبنان، كما الدول الأخرى في المجلس، اصرارهما على صدور التفويض وبالسرعة اللازمة وانهاء مسألة مسودة الاتفاقية، والتوقيع عليها ليصار الى تشكيل المحكمة وتعيين القضاة فيها واطلاق مهمتها. والعاصمتان تصرّان على انجاز هذه الخطوة، حتى لو اضطرّ الأمر، الى اتباع اجراءات أخرى، لأنهما لن تسمحا بالعودة الى التعقيدات التي تؤخر هذه العملية.
وتأمل المصادر، انه بعد صدور التفويض لأنان بالتوقيع، وتكليفه البدء بإنشاء المحكمة، ان لا يواجه اقرارها وابرامها في لبنان عراقيل داخلية. لكن اي احتمال لحصول ذلك سيدفع مجلس الأمن الى الاعداد للحل الأخير، وهو فرض المحكمة تحت الفصل السابع، ومن دون العودة الى موافقة الحكومة اللبنانية ولا الى ابرامها من المجلس النيابي، على الرغم من ان هذا الحل سيتطلب بدوره وقتاً اضافياً للتحضير لمشروع القرار الجديد وقيام مفاوضات في مجلس الأمن حول ذلك، لا سيما لتأمين 9 أصوات مؤيدة لمشروع القرار المعني. لكن المجتمع الدولي لن يتراجع عن موضوع المحكمة، وستضع الدول الفاعلة كامل ثقلها لانجاز المحكمة، حتى وان واجهت احتمالات اضافية من روسيا لتقديم ملاحظات جديدة او اعتراضات معينة، وان كانت ستجد ذلك فرصة انطلاقاً من ان مسار العمل السابق في تشكيل المحكمة قد تغيّر، وبالتالي وضعها في مسار آخر تحت الفصل السابع يفرض ابراز مواقف جديدة.
وتستبعد المصادر، في هذه الحالة، ان تعمد روسسيا الى استعمال "الفيتو"، لإفشال صدور مثل هذا القرار. وهي ترى ان التعاون مع الولايات المتحدة مجد أكثر من العرقلة في مجلس الأمن، لا سيما انها تركز حالياً على اهتماماتها للتنمية الاقتصادية، وقد أعطتها زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش فرصة كبيرة لناحية الدخول الى منظمة التجارة العالمية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.