8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

جلسات التشاور لن تؤدي الى خرق جوهري

تشرح أوساط ديبلوماسية غربية الأسباب التي تجعلها تستبعد أن ينتج عن جلسات التشاور الوطني اللبناني أي خرق جوهري على صعيد التفاهم على القضايا المطروحة للبحث، من الحكم والمعارضة، على الرغم من تأكيدها أن هذه الجلسات ستستمر وأن الاتصالات ستعاود لتحديد موعد جديد لاستئنافها. الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول مهمة هذا التشاور وأبعاده في ظل الظروف الدولية والإقليمية الحاضرة.
وهذه الأسباب هي في ما يلي:
ـ إن أهمية التشاور تكمن في تخفيف التشنّج الداخلي، وتقديم الدلائل حول قدرة اللبنانيين على حل مشاكلهم عبر الجلوس معاً لتوضيح المواقف وإبعاد الاحتقان السياسي عن الشارع، ومحاولة تقديم مؤشرات على أن المشاكل التي يراد حلّها هي داخلية صرفة لا علاقة للخارج بها. ولعل هذه الأهداف، تجسد مهمة التشاور الأساسية، بحيث أن التوافق الداخلي وكذلك العربي والدولي على إطلاق عملية التشاور لم يواكبه شرط حول مسألة التوصل الى نتائج، وماهية هذه النتائج، واي مثل يحتذى من مفاعيل الحوار الوطني السابق، للأخذ به في التشاور الحالي؟.
ـ إن التباعد في المواقف بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، انعكس على الوضعين الإقليمي واللبناني، إلا أن محاولة واشنطن إعادة درس استراتيجية جديدة لها في المنطقة، تتطلّب في الملف اللبناني تقطيع المرحلة الدقيقة في فترة صياغة هذه الاستراتيجية، ان كانت نحو تسوية ما أو نحو حرب ما، بأقل الخسائر الممكنة، وهذا ما تدركه القيادات اللبنانية جميعاً. والخسائر تعني في ما هو متصل بإنجازات الاستقلال والسيادة، ومسار التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والاستقرار الأمني، وإبعاد لبنان عن أن يكون قابلاً للانفجار من جديد وهو ما يخدم أعداءه. وبالتالي، إن مهمة التشاور تحقيق فكرة عدم الدخول في نزاع كبير يطيح لبنان "النموذج" في المنطقة في هذه المرحلة الى أن يحين أوان التوصل الى الحلول الكبرى التي تحتاج الى أجواء إقليمية ودولية مؤاتية.
وتكشف المصادر أن الإدارة الأميركية ستبدأ من الأسبوع الحالي بعقد اجتماعات تهدف الى إعادة تقويم السياسة الأميركية في العراق وفي الشرق الأوسط. وأوضحت أن أي استراتيجية جديدة ستعتمدها لن تكون بالتخلي عن سيادة لبنان ومساره الديموقراطي والاستقلالي، بل بإنجاح التجربة اللبنانية بأقل خسارة ممكنة، مع ما يرافقها من إمكان بحث جدي في تخفيف الخسائر في العراق، وبحث جدي في عملية السلام في الشرق الأوسط. ما يعني أن الاحتمالات قائمة بإحداث تغيير في التوصل الى الأهداف الاستراتيجية وليس الى تغيير في هذه الأهداف. ما يفسر تمسك الولايات المتحدة بالأهداف التي تجسدها القرارات الدولية في شأن الملف اللبناني، وبالتالي الانطلاق منها، في أي حوار أميركي ـ إقليمي محتمل، للنظر في ما يمكن أن تقدمه إيران وسوريا في هذا المجال.
وأشارت المصادر الى أنه في انتظار بلورة الاستراتيجية الجديدة وأسلوب تحقيقها، تتمسك سوريا وإيران بأوراقهما في المنطقة، وتتمسك الولايات المتحدة في المقابل بأوراقها، والمنطقة كما لبنان في حالة ترقّب وانتظار للخطوات الأميركية، وللرد على التساؤلات المتصلة بإنجاز الاستراتيجية، فهل تكون عبر تغيير الأنظمة بهدوء، أم بإبقائها والتفاوض معها؟. وهل يُعطى دور أكبر لأوروبا في الشرق الأوسط، وما هي طبيعة الدور الذي ستؤديه دول المحور العربية في ظل هذا التغيير؟. وتبعاً لذلك، ما هي سبل التعاطي الأميركي مع الرموز الإيرانية والسورية في لبنان والمنطقة. وكيف يمكن في المفهوم الأميركي تجسيد فكرة "أقل الخسائر الممكنة" على الإنجازات اللبنانية وفي ملفي العراق والشرق الأوسط؟.
ولاحظت المصادر أن هذه المرحلة تتخللها في لبنان حماسة من المعارضة لتقوية شروطها على الطاولة، معتبرة أن هناك تراجعاً في الضغط الأميركي على دمشق وطهران، وقد فهمت أن المعطيات الجديدة تؤشر لبدء العد العكسي لانتهاء المرحلة الصعبة التي مرّ بها البلدان، والتهديدات التي مرّ بها النظام في كل منهما.
ويقابل ذلك، أن الحكومة والأكثرية تحرص حرصاً كاملاً على شروطهما القوية وإنجازاتهما والاستعدادات للسير بشراكة فعلية حقيقية وطنية وإيجابية، وتؤيد حياد لبنان ووحدته واستقلاله وسيادته على كامل أراضيه، وليس المنطق الانقلابي ومنطق الغالب والمغلوب.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00