أبلغت الحكومة اللبنانية مساء أمس الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، موافقتها على مُسَوَّدة الاتفاقية بين لبنان والأمم المتحدة لإنشاء المحكمة المختلطة اللبنانية الدولية لمحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وأفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن أنان الذي كان ينتظر هذه الموافقة بحسب كتابه الى الرئيس فؤاد السنيورة، الذي أرفقه بالمسودة، يعد حالياً لتقديم تقريره الى مجلس الأمن الدولي بموجب القرار 1664، حول ما آلت إليه مفاوضاته لإقامة إتفاقية مع الحكومة بغية إنشاء هذه المحكمة. وهو يجري مشاورات مع الدول الفاعلة في المجلس للاتفاق على موعد تقديم التقرير خلال الأيام المقبلة الى المجلس، وتحديد موعد جلسة المجلس لمناقشته، واتخاذ الخطوة اللازمة.
وتتواصل الاتصالات الديبلوماسية في الأمم المتحدة لدرء أي محاذير محتملة حول ما يمكن أن يصدر عن بعض الدول من مواقف للعرقلة في المجلس على سبيل اتهام موافقة الحكومة بأنها تفتقد الإجماع الوطني. وتبذل جهودٌ دولية مع روسيا الاتحادية للمضي قدُماً بالخطوات اللازمة.
وترافق ذلك أفكارٌ فرنسية تُعرَض بالتوافق مع الولايات المتحدة، وتعدّ في إطار مشروع قرار يدرسه مجلس الأمن، نتيجة النظر في تقرير أنان، يتضمن تكليفه التوقيع مع الحكومة اللبنانية مسودةَ الاتفاقية، وإجراء مشاورات للبدْء بإنشائها.
وأوضحت المصادر أن موافقة البرلمان اللبناني على الاتفاقية تأتي بعد صدور قرار مجلس الأمن، وبعد توقيع لبنان والأمم المتحدة وفي إطار جلسة لمجلس النواب يدعو الى عقدها رئيسه نبيه بري.
وكشفت المصادر أن المسودة ستطالها لاحقاً بعض التوضيحات قد تكون على سبيل تعديلات، في ظل الإبقاء حالياً على بعض نقاطها غير محسومة، وسيكون النقاش فيها مفتوحا، وفقاً للمعطيات التي يفرضها التحقيق.
وأبرز هذه النقاط:
ـ الحصانات المتّصلة برؤساء الدول، بحيث إنه وإن أسقطت روسيا البند المتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، فإن هناك إصراراً أميركياً ـ فرنسياً على اعتبارها جريمة إرهابية وبالتالي تخضع للقرارات الدولية وللبروتوكولات الدولية لمكافحة الإرهاب، وما القناعة الأميركية ـ الفرنسية بالموافقة على إسقاط الجرائم ضد الإنسانية من المسودة، إلا من منطلق النظر الى عدد الضحايا، والذي هو أقل بكثير من الجرائم التي نظرت بها محكمة رواندا ويوغوسلافيا. كما أن القرار 1595 ينعكس بقوة على اختصاص المحكمة، وهو الذي وصف الجريمة بالإرهابية 5 مرات.
ـ مسألة العقاب في الدولة التي ينتمي إليها المجرم وقضاء فترة العقوبة، ولا تزال الولايات المتحدة وفرنسا تصران على أن تقرر المحكمة سبل تحديد ذلك، في حين تؤيد روسيا أن يتم العقاب في الدولة التي ينتمي إليها المجرم وليس في أي مكان آخر، وأن يقضي فترة عقوبته فيها.
ـ لم تبتّ المسودة تحديد الدولة التي ستتخذ مقراً للمحكمة، وترجح المصادر أن تكون قبرص بين دول عدة مطروحة أبرزها هولندا وروما. وتبقى بيروت غير واردة لاستضافة المحكمة لأسباب أمنية. وهذا ما سيبتّ لاحقا، بحسب المشاورات بين لبنان والأمم المتحدة.
ـ كما أن المسودة لم تبتّ مسألة تمويل عمل المحكمة، وسيصار الى تحديد ذلك لاحقاً.
واعتبرت المصادر أن مسودة المحكمة شهدت نقاشاً حامياً في مجلس الأمن بين واشنطن وباريس من جهة وموسكو من جهة أخرى، والصيغة التي خرجت بها هي أفضل ما يمكن التوصل إليه. ولفتت الى أن المعركة في المجلس حول المسودة أثناء صوغها يمهد الطريق أمام تمريرها في جلسة المجلس المرتقبة للنظر في تقرير أنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.