أكدت مصادر ديبلوماسية في الامم المتحدة ان الحكومة اللبنانية ستحدد عبر اتصالاتها ومراسلاتها مع المنظمة الدولية، المستوى الذي ستقوم وفقا له، بتوقيع مسودة اتفاقية المحكمة اللبنانية ـ الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في وقت قريب.
فليس ضروريا في هذه المرحلة، ان يوافق لبنان عليها كي يعرضها على مجلس الوزراء مجتمعاً، وان الأمم المتحدة ستأخذ في الحسبان موافقة وزارة العدل عليها، ليكون ذلك كافياً لها، كي تعتبر انها حظيت بموافقة لبنان. وهذا يعود لنظرية دولية مع ان موافقة لبنان ايضا، قد تتجسد في اطار نظرية اخرى تكمن في عرض المسودة على مجلس الوزراء والحصول على اقرار موافقته عليها. وسيحدد لبنان أي خِيار سيعتمد ويبلغه الى الامم المتحدة.
وأوضحت المصادر ان المسوَّدة التي باتت تستند اساسا الى القانون اللبناني، والى القانون الدولي العام، لا يفترض ان تواجه عقبات داخلية منبثقة من التشنج القائم في لبنان، وخصوصا ان كشف الحقيقة ومقاضاة المجرمين دوليا في هذه الجريمة هو موضع قرار داخلي موحد، وحظي بالاجماع في الجلسة الأولى للحوار التي عُقدت في الثاني من آذار الماضي.
وهذه الثوابت اللبنانية حيال الجريمة، كانت محور ردود لبنانية لروسيا الاتحادية خلال المفاوضات الدائرة بطريقة غير رسمية في مجلس الامن حول مضمون المسودة. اذ لا يمكن استنادا الى المصادر التذرع الروسي بالخوف على الوحدة الداخلية، وعلى وجود الانقسام حول ملف المحكمة، اذا ما سارت العدالة الدولية حتى النهاية في الجريمة.
الا انه حصل تقدم خلال اليومين الماضيين نتيجة الاتصالات الدولية على أعلى المستويات مع روسيا الاتحادية. وقد حدد الامين العام للامم المتحدة كوفي انان يوم امس، حدا زمنيا اقصى لمعالجة آراء الدول الاعضاء في المسودة بعدما كان بعض هذه الدول، ولا سيما روسيا، يتدخل بصورة متكررة لتقديم ملاحظات، تضعها المصادر في اطار رفع سقف الضغوط السياسية مع اقتراب العد العكسي لانجاز المسودة، التي تكرس اساس عمل المحكمة وأصولها واستناداتها وتوصيفاتها ومسؤولياتها وصلاحياتها. وقد سعت روسيا عبر ملاحظاتها الى التخفيف قدر المستطاع من وطأة المحكمة على سوريا، نظرا الى العلاقات التاريخية، والى محاولة موسكو استعادة نفوذها في المنطقة.
وأكدت المصادر ان الوقت الذي استغرقته مناقشة المسودة، لم يتجاوز المعدل الزمني المقرر لذلك، وبالتالي لا يمكن تأخير اعلان انجاز المسودة المتوقع خلال الساعات المقبلة وتسليمها الى لبنان كما لا يمكن تعطيل موضوع المحكمة.
وما موقف أنان بأن يكون يوم امس، هو الحد الاخير لانهاء الردود الدولية ومعالجتها، سوى خطوة مطلوبة لكي يتمكن من تحديد موعد احالة تقريره على مجلس الامن الدولي حول المحكمة. وفقا للقرارين 1664 و1646 مرفقا بالمسودة النهائية.
وأوضحت المصادر ان روسيا الاتحادية هي التي سعت الى إزالة عبارة الجرائم ضد الانسانية وإزالة الإشارة الى الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب. ففي العبارة الاولى تمكنت من ذلك، ليس بسبب نفوذها، بل بسبب المطالبة الاميركية بإزالة هذه الفقرة لسببين: الاول ان واشنطن ترى انه يجب عدم معاقبة او محاسبة العمل الارهابي تحت اي توصيف آخر، وان ليس ثمة رابط بين جريمة اغتيال الحريري ومفهوم الجرائم ضد الانسانية، والثاني هو عدم القبول بالمحاكمة على اساس انها جريمة ضد الانسانية، لئلا يكون ذلك سابقة في المحاكمة الدولية، قد يؤدي فيما بعد الى طرح محاكمة اسرائيل مثلا، على هذا الاساس للجرائم التي ارتكبتها وترتكبها.
أما إزالة فقرة الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، فإن استنادات الإرهاب والقانون الدولي والقانون اللبناني في هذه المسألة قادرة على التعويض عن وجود هذه الفقرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.