8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

روسيا ولبنان والمحكمة الدولية

أكد مصدر ديبلوماسي واسع الاطلاع على العلاقات اللبنانية ـ الروسية، ان لدى روسيا الاتحادية ثوابت واضحة في ما هو متصل بموضوع جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والملف اللبناني الشامل.
وأوضح ان هذه الثوابت تكمن في:
ـ ان هناك اصراراً روسياً على كشف الجريمة بالكامل ومعاقبة المجرمين، وهو موقف لا يتغيّر.
ـ ان روسيا بعد اعتماد النظام الانغلوسكسوني في المحكمة ذات الطابع الدولي، التي شارفت مسودة الاتفاقية حولها بين لبنان والأمم المتحدة على الانتهاء، لم يعد لديها مانع من تشكيل المحكمة، بعدما اتفق على ذلك في مجلس الأمن وتقرر تكليف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان اجراء اتصالات بالحكومة اللبنانية لهذه الغاية بموجب القرار 1664. وذلك خلافاً للنظام اللاتيني حيث لا تتشكل المحكمة الا بعد انتهاء التحقيق.
ـ تؤيد روسيا عدم تسييس التحقيق، وان يكون قانونياً وينطلق من الوقائع، وان لا يتم استعماله لأغراض سياسية، لأن استعماله في هذه الوجهة يزيد من بؤر التوتر في المنطقة.
ـ ان روسيا هي على مسافة واحدة من لبنان ومن سوريا، وعلاقاتها ممتازة بكل من البلدين، وهي على استعداد دائم للتوفيق بينهما وتسعى لعودة العلاقات اللبنانية ـ السورية الى وضع جيد، بغية تفويت الفرصة امام خلق بؤر توتر جديدة.
ـ ان روسيا لا تشكو وجود عدم تعاون سوري مع مقتضيات التحقيقات، وان رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة القاضي سيرج براميرتس أشار في تقريره الأخير الى التعاون المرضي، مع العلم ان المسؤولين السوريين أبلغوا القادة الروس ان لا دخل لهم في الجريمة.
ـ ان روسيا تعتبر ان القرارات الدولية المتصلة بالجريمة هي جزء من الشرعية الدولية، وعلى الجميع الالتزام بها، وهذا ما ينطبق أيضاً على الملف اللبناني، حيث دعت موسكو سوريا الى تنفيذ انسحابها من لبنان وفقاً للقرار 1559، وأبلغت الحكومة اللبنانية بأفكارها المتعلقة بوسائل وضع حد لنشاط المخابرات السورية في لبنان.
ـ ان روسيا التي لم تشارك في "اليونفيل" المعززة، أرسلت فرقة هندسية خارج اطار "اليونفيل" لدعم التعاون التقني كإثبات لدعمها للبنان، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عهد كاترين الثانية، وهي لا تشارك في القوات الدولية حول العالم باستثناء مشاركتها اللوجستية في القوات الدولية الموجودة في السودان.
ـ يهم روسيا تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا عبر اقامة علاقات ديبلوماسية وترسيم الحدود بينهما.
وأفاد المصدر، ان المفاوضات غير الرسمية في مجلس الأمن في شأن المحكمة ذات الطابع الدولي، لا سيما مع روسيا، مكّنت من تخطي العديد من الأفكار التي كانت روسيا تتمسك بها، ومن بينها دعوتها الى الفصل بين جريمة اغتيال الحريري والجرائم الـ14 الأخرى، وبالتالي عدم الربط بينهما في مهمة المحكمة المزمع انشاؤها، ثم تجاوز فكرة روسية تلفت الى ان توسيع متابعة مجلس الأمن والمحكمة لتشمل الجرائم الأخرى، يعني خروجاً عن نص القرارين 1636 و1595 المتصلين بجريمة اغتيال الحريري.
كما تمسكت روسيا في السابق بعدم بدء عمل المحكمة قبل انتهاء التحقيق فربما لم يثبت وجود متورطين غير لبنانيين في الجريمة، الا ان الموقف الروسي، خلال المناقشات غير الرسمية والمغلقة للمجلس حول مسودة الاتفاقية، مكّن في انطلاق التفاوض حول المحكمة والتوصل الى تفاهمات نهائية قبل أن ينظر المجلس رسمياً في تقرير الأمين العام في شأن المحكمة، ما ينعكس تسهيلاً، في استصدار القرار الجديد بتكليف أنان التوقيع مع الحكومة على الاتفاقية. تماماً مثلما جرى تجاوز موقف موسكو الضمني السابق المتصل بعدم الرغبة بالتوصل الى قيام محكمة.
وأوضح المصدر، ان حذف الجرائم ضد الانسانية من المسودّة قد يعني ان المحكمة ليست لها صلاحية النظر في الجرائم ضد الانسانية، لكنها تنظر في جريمة اغتيال الحريري كجريمة ارهابية. وعلى الرغم من عدم وجود نص أو عُرف دولي يتعلق برفع الحصانات في الجريمة الارهابية، خلافاً للجرائم ضد الانسانية حيث تسقط الحصانة حكماً وفق النص القانوني. الا ان العودة الى القانون الدولي كمرجعية في ذلك، يفسح في المجال أمام المحكمة لطلب رفع الحصانة اذا ما وجدت ذلك ضرورياً. من هنا الدور الملقى على القضاة خلال المحاكمة وفي عملية تحديد تنفيذ الأحكام.
ولفت المصدر الى ان روسيا ليست في وارد العودة الى مرحلة الحرب الباردة مع الولايات المتحدة، وبالتالي الوقوف دائماً ضدها، واستعمال حق النقض "الفيتو" في المجلس، بعدما أدركت ان سياسة الانفتاح الدولي تبقى مفيدة أكثر من استعمال "الفيتو".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00