أفادت مصادر ديبلوماسية بارزة في الأمم المتحدة ان لبنان أبلغ الى الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي أنان وفريق عمله القانوني ملاحظاته على مسودة التعديلات التي كان تسلمها الأسبوع الماضي منهما، والمتصلة بمشروع اتفاقية انشاء المحكمة المختلطة اللبنانية ـ الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بعد مناقشات حظي بها المشروع في مجلس الأمن الدولي في جلسات غير رسمية.
ولا تزال مناقشات المشروع مستمرة، وقد خطت خطوات متقدمة، واستناداً الى المصادر، فقد أعد نص نهائي للمسودة بات مقبولاً من مختلف الأطراف الدوليين الأعضاء في مجلس الأمن، وفي الوقت عينه، أخذ في الاعتبار الملاحظات اللبنانية بشكل كامل، اذ لا يمكن فرض أي تعديل أو أفكار في النص، على لبنان المعنيّ بالقضية، ان لم تكن محور قبول لبناني.
وشددت الملاحظات اللبنانية على مسألتين أساسيتين، الأولى ان تكون المحكمة فاعلة وجادّة، والثانية، ان تكون قادرة على تنفيذ أحكامها بصورة قاطعة وكاملة، سواء كان المجرمون لبنانيين أم غير لبنانيين، وأينما وُجدوا.
وأوضحت المصادر، ان انجاز المشروع في مجلس الأمن بات قريباً، وستبلغ الحكومة اللبنانية خلال أيام بمسودة الاتفاقية لكي تدرسها وتوافق عليها، والأمر متوقف على انتهاء الاتصالات بين لبنان ومجلس الأمن حول صيغتها النهائية، خصوصاً انه بموجب هذه الصيغة ستُرسى الأسس القانونية والتأسيسية للمحكمة، التي تعتبر محكمة خاصة بامتياز، في اطارها وقواعدها، وبنيتها ومعطياتها.
وهناك عدد من النقاط كانت مدار نقاش بين الدول في مجلس الأمن من جهة، وبين المجلس ولبنان من جهة ثانية، لعل أبرزها ما يلي:
ـ تعزيز العناصر التي تؤكد التعاون الدولي مع المحكمة وآليات ذلك، بحيث لا تطرح أي علامة استفهام لدى عملية المحاكمة في هذا الشأن وتوضيح هذا العنصر بالكامل. ويقصد بالتعاون الدولي ما يتعلق بالمتهمين غير اللبنانيين في الجريمة.
ـ تعزيز العناصر القانونية التي تمكن المحكمة من تنفيذ احكامها على اللبنانيين من جهة وعلى غير اللبنانيين لدى توصلها الى هذه المرحلة، وعدم قبول أي طرح قد تسعى دول معروفة بروابطها التاريخية اقليمياً لتمرير نقاط، قد تؤدي لدى التطبيق في ما بعد الى عرقلة المحاكمة.
ـ دور القاضي في عملية صدور الأحكام النهائية والاجراءات التنفيذية للمحاكمة، لا سيما في ما يتعلق بموضوع الحصانة التي يتمتع بها المسؤولون الكبار والذين قد تطالهم المحكمة أكانوا لبنانيين أو غير لبنانيين. وعلم انه قد يوكل في مسودة نظام المحكمة الى القاضي اتخاذ الاجراءات اللازمة حول ذلك، في اطار الخطوط العامة لهذا الدور التي ستتناولها المسودة وفي اطار آلية عمل المحكمة أيضاً.
ـ العلاقة بين استنادات تعريف الارهاب الدولي في البروتوكولات الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة، واستنادات هذا التعريف في القانون الدولي، ولو جرى الأخذ به الى الحد الأقصى، وعلاقة كل ذلك بالقانون اللبناني، وما يشمله في جزء العقوبات خصوصاً، في موضوع الارهاب. وعلم، أن النظام الأساسي للمحكمة سيستند أساسا، في هذا الأمر، إلى القانون اللبناني الذي حدّد توصيفاً للعمل الإرهابي، فيما القانون الدولي يفتقر الى تعريف واضح للعمل الارهابي. ولا يمكن للأمم المتحدة التراجع من حيث توصيف جريمة الحريري بأنها إرهابية، ولا سيما ان كل القرارات الدولية ذات الصلة بها نصت على أنها ارهابية. لذا يقتضي توضيح المرجعيات التي سيرتكز عليها تنفيذ الأحكام المتعلقة بمن ستتوصل المحكمة الى انهم متورطون في هذه الجريمة.
ولدى موافقة الحكومة اللبنانية على المسودة سيرفع أنان تقريراً الى مجلس الأمن حول هذه الموافقة، استناداً الى القرار 1664 الذي كلفه القيام بالمشاورات اللازمة مع حكومة لبنان لإنشاء هذه المحكمة. وفي ضوء ذلك يستصدر المجلس قراراً جديداً يفوض بموجبه الى أنان توقيع مسودة الاتفاقية مع الحكومة اللبنانية ليصار الى إنشاء المحكمة، كي تبدأ عملها حين تحال عليها الاتهامات والأدلة الواضحة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.