تبدأ وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس غداً الأحد جولة لها في الشرق الأوسط، قد تشمل بيروت. وتؤكد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة أن المسؤولين اللبنانيين لم يتبلغوا من واشنطن أي معلومات حول شمول الجولة لبنان، وأن مثل هذا الأمر يحصل عادة قبَيْل موعد الزيارة لأسباب أمنية.
وأوضحت المصادر أن جولة رايس في المنطقة تقررت على هامش افتتاح الدورة العادية الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لدى طرح المجموعة العربية ضرورة أن يتولى مجلس الأمن الدولي إعادة شحذ عملية السلام في الشرق الأوسط، والإشراف على آلية لتحقيقها. وأشارت الى أن الجولة ترمي إلى :
ـ متابعة ما آل إليه تنفيذ القرار 1701، واستطلاع الوضع اللبناني والإقليمي في مرحلة ما بعد بدء تطبيق القرار، ولا سيما في ظل عمل القوة الدولية الجديدة "اليونفيل"، واستمرار اكتمال عديدها، ورفع الحصار البحري والجوي الإسرائيلي عن لبنان، واقتراب موعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، ودراسة أوضاع المنطقة الخالية من السلاح بين نهر الليطاني والخط الأزرق.
وتأتي جولتها في المنطقة قبل مراجعتين مهمتين للوضع اللبناني ومن خلاله لوضع التعاون الإقليمي مع الملف اللبناني، في مجلس الأمن الدولي، وهما تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حول تنفيذ القرار 1559، ويعده موفده الخاص لمراقبة تنفيذ هذا القرار تيري ـ رود لارسن، ويحال على مجلس الأمن في 15 تشرين الأول المقبل. ثم تقرير أنان في آخر تشرين الأول بشأن تنفيذ القرار 1701، وهو التقرير الشهري الثاني الذي يقدمه والثالث بعد التقرير الذي قدمه بعد أسبوع على صدور الـ1701.
ويهم الإدارة الأميركية، من جولة رايس استطلاع آفاق هذين التقريرين اللذين يفصل بينهما 15 يوماً، وما يمكن أن يستتبعهما من خطوات في مجلس الأمن كمحصلة للنظر فيهما لاحقا.
ـ ستركز رايس جهودها على الوضع بين الفلسطينيين وإسرائيل، بغية تحقيق اختراق ما يجعل البحث السياسي على المسار السلمي بينهما مفتوحاً، بعد توقف لأعوام، وبعدما حلّت محله الأعمال العسكرية والمساعي والمباحثات الأمنية لتخفيف العنف.
وفي اعتقاد الإدارة الأميركية، والرئيس جورج بوش تحديداً، أن ذلك ممكن عبر إضفاء مزيد من الدعم لحكومة إيهود أولمرت التي تواجه مجموعة تعقيدات، تجعلها تبدي تشدداً في ممارساتها. لذا فإن إعادة دعم الحكومة الإسرائيلية من جديد يخفف التشنّج الذي تلجأ إليه مع الفلسطينيين. وهذا ما يجب أن يواكبه على المستوى ذاته تحرك أميركي في اتجاه إعادة تعويم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولا سيما في ظل ما جرى التوافق عليه بين بوش وعباس خلال زيارة الأخير الى واشنطن.
ـ ترمي جولة رايس الى استطلاع مواقف قادة المنطقة من فكرة ستطرحها تتصل بإعادة النظر في "خارطة الطريق"، والسعي لتعديلها كي تشمل في بنودها الحل الشامل للنزاع العربي ـ الإسرائيلي، أي ما هو متصل بالجَوْلان السوري المحتل وما تبقى من أراض لبنانية يفترض تحريرها من الاحتلال، فضلاً عن المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وذلك بتنشيط دور "الرباعية الدولية" وتوسيعه. وبسبب إدراك الإدارة الأميركية أن هذا الطرح قد لا يلقى ترحيباً عربياً، نظراً الى التمسك العربي واللبناني بالمبادرة العربية للسلام التي أقرّتها قمة بيروت في 2002 وإلى كون "خارطة الطريق" في الأساس لا تتحدث عن المسار اللبناني ـ الإسرائيلي، ولا السوري ـ الإسرائيلي، فإن التوجه لدى الإدارة هو السعي للعمل مع الدول العربية في هذا الإطار، وتذليل العقبات من أمامها ولإعطائها ضمانات وتطمينات حول فكرة شمول الخارطة معدلة الحل الشامل في الشرق الأوسط.
ـ ليس بالضرورة أن يصدر عن هذه الجولة نتائج حتمية وواضحة حول تحريك السلام في المنطقة، في انتظار مزيد من المشاورات الأميركية ـ الدولية والعربية، وإنما هدفت الإدارة من تكليف رايس القيام بالجولة، الى تقديم إيضاحات الى القادة العرب حول ثوابت سياستها حيال السلام العادل والشامل والدائم، وإبلاغهم تطمينات أميركية بأن هذا الموضوع يبقى في سُلّم أولويات الإدارة ولم يوضع على رفّ النسيان. كما أن هذا الهدف للجولة يشكل رسالة أميركية الى الأوروبيين، مفادها، أن الإدارة لن تقبل استمرار تجميد هذه العملية، وهي مصرة على إحداث تطور ما على مسارها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.