يناقش مجلس الامن الدولي في جلسته اليوم، التقرير الذي أحاله عليه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بشأن تنفيذ القرار 1701. الا ان اي قرار او حتى بيان رئاسي لن يصدر بنتيجة النظر في التقرير، ولن يكون هناك رد فعل من المجلس، الا في جلسة اخرى يعقدها في الظرف المناسب، بعد تقويم الحالة العامة في الشرق الأوسط، ومآل تطورات الملف الايراني.
واستناداً الى مصادر ديبلوماسية في الامم المتحدة في نيويورك، فإن الظرف المناسب، يعني تمرير مرحلة الافتتاح الرسمي للمناقشات العامة للدورة 61 العادية للجمعية العامة للامم المتحدة التي تبدأ اعمالها غداً الثلاثاء على مدى أسبوعين. كما يعني، اتخاذ الوقت الكافي للتشاور بين الدول الفاعلة في المجلس والامين العام، حول مستوى الاستعدادات الدولية للمشاركة، ورعاية المفاوضات اللبنانية ـ الاقليمية حول التنفيذ الكامل للقرار 1701 والقرارين 1680 و1559، وفي إطار الآلية التي تضمنها تقرير أنان.
كذلك، فإن الخطوات الحاسمة الواجب اتخاذها من الامم المتحدة، حول لبنانية مزارع شبعا، والطروح الجدية حول السلام في المنطقة فضلا عن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، واقامة علاقات ديبلوماسية بينهما، يرتقب ان يبدأ التحضير الدولي لها، في المرحلة المقبلة. وعن نزع سلاح "حزب الله" الذي اشار التقرير الى انه يحل بالحوار الداخلي ويسلم الى السلطة الشرعية، فإن انان لم يحدد توصيفاً معيناً لسبل اقامة هذا الحوار، إن عبر جلسات الحوار الوطني ومعاودتها او بالمشاورات الداخلية ومقررات مجلس الوزراء. لكن المصادر تؤكد ان ثمة آلية لبنانية ستعتمد بالتوافق لحل المواضيع الوطنية الكبيرة كقضية السلاح، بما يماشي اتفاق الطائف، والقرارات الدولية المذكورة والنقاط السبع للحكومة، وليس ثمة اي مؤشر يدل إلى ان الحوار الوطني سيعاود بالطريقة السابقة نفسها.
وأوضحت المصادر ان عدم اللجوء الى استصدار قرار الآن، يعزى الى سببين: الأول: ان القرار 1701 يستكمل تطبيقه بلا عراقيل، وفي بعض مقتضياته المتصلة بالمنطقة المنزوعة السلاح يجري تنفيذه على اساس انه موضوع داخلي بمعزل عن تداعياته الاقليمية.
والسبب الآخر مراقبة تطورات الملف الايراني وانعكاساته اللبنانية في ضوء التوافق الدولي، حول مسألة ضرورة انتظار ما ستؤدي اليه الفرصة الديبلوماسية المعطاة لطهران من خلال المفاوضات، قبل اللجوء الى العقوبات. ولدى الادارة الاميركية توجه صريح، يقضي بأنه اذا لم تثمر الفرصة الديبلوماسية، فإن التوصل الى مرحلة العقوبات داخل مجلس الامن امر لا بدّ منه، وان لم يتوافر داخل المجلس، فثمة توجه دولي لتضافر الجهود بغية القيام بذلك، خارج اطار المجلس.وقد وافق الاميركيون على تقديم هذه الفرصة، بناء على طلب اوروبي ملحّ، بضرورة استنفاد كل الوسائل الديبلوماسية، وخصوصا ان روسيا الاتحادية والصين ابلغتا الدول الفاعلة حذرهما من العقوبات.
ولكن إذا تعذر إيجاد مخرج ديبلوماسي، وظلت طهران على موقفها الرافض لتقديم تنازلات، فلن يتغير الموقف الاميركي من موضوع العقوبات. وأي منحى سيتخذه هذا الملف ستكون له مؤثراته في التعامل الدولي مع موضوع تنفيذ القرار 1701 وطريقة هذا التنفيذ.
أما على الصعيد السوري، فقد عُلم أن الإدارة الاميركية لم تقنعها الوعود التي تلقاها انان في دمشق بشأن التعاون السوري مع مقتضيات القرارين 1680 و1559 والقرار 1701. وليست مرتاحة الى الطرح الذي قدمه انان حول مراقبة سوريا لحدودها مع لبنان، والذي أبدت دمشق حياله ترحيبا، وكذلك ثمة عدم اقتناع اميركي لدى الادارة بأن هناك تعديلا طرأ في الموقف السوري، "الذي لم يتغير ولا يمكن الارتكاز عليه"، على حد قول مصادر غربية، وان لا استعدادات اميركية لقبول مفاوضات دولية مع دمشق، على الرغم من ان اصوات اميركية تطالب الادارة بضرورة اعادة النظر في موقفها والتفاوض دولياً مع سوريا التي لديها نفوذ في لبنان. وتواجه الادارة هذه الاصوات برفض وجهة نظرها لان عنصر الثقة في هذه العملية دونه علامات استفهام.
ويشاطر معاونو انان لشؤون لبنان والمنطقة، الادارة الاميركية نظرتها بشأن عدم جدية الالتزام السوري بالتعاون، فضلا عن انسحاب موقفهم هذا على التعاون الايراني، أي ان هؤلاء لا يشاطرون انان تفاؤله الوارد في التقرير، حول التعاون الذي أبداه البلدان تجاه الملف اللبناني.
ويستند موقفهم، الى ان الملف اللبناني يحتاج الى خطوات تنفيذية لتحقيق السيادة الكاملة والمرجعية الواحدة للدولة دون سواها، وليس مواقف دولية تشجيعية للتعاون. وربما يعزى موقفهم الى ما يعتبرونه الخِبرة التي لديهم والمعرفة التفصيلية لمواضيع المنطقة واهتمامات قادتها وادراكهم الشديد لمدى وجود الالتزامات الاقليمية الحاسمة تجاه الموضوع اللبناني خلال المرحلة الحاضرة، من التجاذبات حول الملف الإيراني.
لذا ستكون خلاصات التقرير في عهدة مجلس الامن اليوم، وسيقوم بعد ذلك القسم الخاص بالتخطيط واعداد الافكار بدراسته لكي تجري بلورة الخطوة التالية في الظرف المناسب.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.