تكتسب الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لبيروت اليوم، أهمية خاصة تعكسها عمق العلاقة اللبنانية ـ البريطانية، والعلاقة التي تربطه برئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة والتشاور السياسي الدائم بين الرجلين ولا سيما في موضوع السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، فضلاً عما تمثله بريطانيا من ثقل سياسي دولي إن في مجلس الأمن أو خارجه، في مرحلة لا يزال يشكل الملف اللبناني بكلّ تفاصيله وتداعياته أولوية دولية.
ويقول مصدر حكومي، ان الهدف الاساسي من زيارة بلير للبنان يتمحور حول استطلاع الموقف اللبناني من إعادة تحريك السلام في الشرق الأوسط لحل النزاع العربي ـ الاسرائيلي والنظر في التصور اللبناني والثوابت اللبنانية لوضع السبل الملائمة لدفع السلام في المنطقة.
ويعتبر المصدر ان بلير كان من الشخصيات الدولية البارزة التي أبدت تجاوباً مع الطروح والمبادرات التي كان يقدمها السنيورة نفسه من اجل السعي لاستئناف عملية السلام في المنطقة. واحتلت الاتصالات والمشاورات التي تكثفت بين السنيورة وبلير طوال السنة الحالية حيزاً مهماً، ولا سيما في أثناء الزيارتين الرسميتين اللتين قام بهما كل منهما لبلد الآخر خلال هذه السنة ايضاً، إذ تركزت على الوضع العربي ـ الاسرائيلي والسبل الآيلة إلى إعادة تحريك العملية السلمية. وقد تمكن بلير من تفهم أهمية هذا الموضوع بدقة، وضرورة وجود تحرك دولي جدي لقيام مبادرة واضحة لتفعيل السلام والبحث السياسي في القضايا العالقة، إذ لا يجوز ان يستمر التوجه الحالي بأن يطغى البحث في المسائل الأمنية في المنطقة على حساب تحقيق السلام العادل والدائم والشامل.
وأوضح المصدر أن بلير أخذ على عاتقه بذل الجهود السلمية بناء على تفهم وتقدير خاص لمواقف السنيورة التي كان أصرّ عليها خلال مشاورات سابقة بينهما، وقرر القيام بجولة في المنطقة تشمل لبنان لاستطلاع الاستعدادات السياسية لقادة هذه المنطقة في شأن عملية السلام التي أبلغ السنيورة بلير كما وأكثر من طرف دولي فاعل، انه لا مفر من العودة إليها اذا أراد المجتمع الدولي استقراراً وسلاماً وازدهاراً في المنطقة، فضلاً عن ان لبنان والدول العربية تتمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرّتها قمة بيروت العربية في العام 2002 بناء على مبادرة سعودية.
ويؤكد المصدر ان زيارة بلير للبنان والمنطقة تأتي لتبديد الشعور الأوروبي الذي ساد في السنوات الأخيرة، حول ان الاتحاد ليس في مقدوره تأدية دور مهم في الملفات الاستراتيجية في العالم، ومنها الشرق الأوسط، نظراً للاستئثار الأميركي بصنع القرار حولها، الا ان بلير تمكن من تجاوز هذه النقطة، نظراً للدور البريطاني غير المباشر في "الرباعية الدولية" التي تعنى بالسلام بين اسرائيل والفلسطينيين وما تتمتع به الديبلوماسية البريطانية من قدرات لصوغ الأفكار الدولية التي تقدم إلى الرباعية من باب العلاقات الاميركية ـ البريطانية المميزة والمنسقة، وذلك أن واشنطن عضو في الرباعية.
إضافة إلى ذلك وبصفة أن بريطانيا عضو فاعل في الاتحاد الأوروبي، فإنها ستكون قادرة على تعزيز التنسيق الأوروبي مع الولايات المتحدة حول الشرق الأوسط والسبل الكفيلة بدفع السلام.
وإلى موضوع تحريك السلام، سيتناول البحث بين بلير والسنيورة الملف اللبناني وما اتخذته الحكومة لتنفيذ القرار 1701، مع بدء العد العكسي لتقديم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تقريره إلى مجلس الأمن يوم الجمعة المقبل بشأن تطبيق هذا القرار. ولبريطانيا أهمية كبيرة لكونها جزءاً من مجلس الأمن الدولي حيث عملت القضايا اللبنانية بمختلف أوجهها على تشغيله طوال السنة الحالية والعام الماضي أيضاً.
وأوضح المصدر أن زيارة بلير لبيروت تحمل رسالة دعم للحكومة وللنقاط السبع التي تتمسك بها في الحل مع اسرائيل، ودعم الحوار الداخلي لحل سلاح "حزب الله" وتحويله إلى حزب سياسي، بحيث لا يكون سلاح الا سلاح الشرعية اللبنانية.
وعلم ان بلير يسعى في اطار جولته في المنطقة ولا سيما زيارته لكل من لبنان وإسرائيل، لحل موضوع مزارع شبعا في ضوء الموقف الاسرائيلي الأخير، والأول من نوعه، حول استعداد اسرائيل للانسحاب من هذه المنطقة اذا تم تنفيذ القرارات 1701 و1559 و1680، على الرغم من الشروط التي يتضمّنها. ويتمسك لبنان بموقفه كحل انتقالي بأن تتسلم الأمم المتحدة هذه المنطقة ريثما ينجز الحل النهائي واستعادة لبنان سلطته ونفوذه عليها.
وسيتمّ البحث في أثناء الزيارة بالعلاقات الثنائية خصوصا موضوع المساعدات البريطانية التقنية لقوى الأمن الداخلي والتعاون الأمني بين البلدين لتعزيز سلطة الدولة على كامل أراضيها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.