توقف ديبلوماسيون بارزون في واشنطن عند ما تسرّب من معلومات عن اللقاء الذي جمع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، في إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي، حين سمع الأخير منها ما مفاده أنه إذا ما كان يريد وقفاً لإطلاق النار فما عليه إلا أن يتعلم اللغة الفرنسية.
هذا الموقف لا بد أنه انعكس، استناداً إلى هؤلاء الديبلوماسيين، على أعمال مجلس الأمن الدولي في ما هو متصل باستصدار قرار جديد يتضمن آلية سياسية ـ أمنية للحل انطلاقاً من مشروع القرار الذي قدمته فرنسا، ومجموعة الأفكار التي قدمتها الولايات المتحدة الأميركية.
وكشف الديبلوماسيون البارزون أنفسهم، أن الولايات المتحدة وفرنسا توافقتا على إطار العمل السياسي الذي سيتضمنه القرار المرتقب، إلا أن التأخير في عقد جلسة مجلس الأمن للبت النهائي في المسألة، سببه وجود إرادة أميركية لاستمرار إسرائيل في العدوان تحت عنوان إزالة قدرة "حزب الله" على توجيه ضربات لإسرائيل، في سياق المعركة الأولى الأميركية ـ الإيرانية في سلسلة تحديات لسحب مصادر القوة والنفوذ الإيرانية، من أمام إسرائيل والمشروع الأميركي في لبنان والمنطقة، ما يمكّن الإدارة الأميركية، بحسب الديبلوماسيين اياهم، من منع إيران مستقبلاً من التعرض للتوجهات الأميركية، ومن ضمن ذلك أي توجه معني باحتمال فرض عقوبات على طهران إذا رفضت التعاون مع القرار الأخير لمجلس الأمن. لذا، فإن المعركة لا تزال مفتوحة، ومن الضروري لواشنطن، ما دام الوضع كذلك، الاستفادة وعدم وقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية سعياً لتحقيق منع الحزب من أن يستمر قوة تهدد الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ويبدي الديبلوماسيون خشيتهم منذ الآن على مفاعيل أي قرار جديد يصدر عن مجلس الأمن في الأسبوع المقبل كما هو مرتقب، من انتظار أي فريق لكي يرفض الفريق الآخر التعاون مع بنوده، رغم القواسم المشتركة التي أحرزت حالياً في المفاوضات بين باريس وواشنطن حوله، والتي تأخذ إلى حد كبير خطة الحكومة اللبنانية في الاعتبار.
وتفيد المصادر نفسها أن إسرائيل والولايات المتحدة، تجمِّدان أعمال مجلس الأمن بغية تحقيق مكسب على الأرض يؤثر إيجاباً في العملية السياسية وفي القرار المتوقع، في حين تستبعد أن تؤدي المشاورات الدولية للجم التصعيد البالغ، والخطة السياسية التي تم التوصل إليها في المباحثات المغلقة للدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، إلى وقف نار فوري ما لم تحصل مفاجأة ما على الأرض.
وفي اعتقاد واشنطن أنه ما دام "حزب الله" قادراً على إطلاق صواريخ، فإن الأمن الإسرائيلي في خطر، لذا فهي ترى أن من الواجب استفزازه بغية استدراجه أكثر فأكثر إلى استخراج كامل طاقته، وأن أي تجاوب إسرائيلي مع وقف النار، يعني إنقاذاً للحزب، الذي أحرز نقاطاً إيجابية مهمة حتى الآن، اعترفت بها الإدارة الأميركية في تقويم للعمليات، التي اختارت إسرائيل توقيتها، ولم ينتج عنها اختراق ميداني يؤدي إلى تغيير القواعد على الأرض بالنسبة إلى تل أبيب.
ويتزامن التوجه الأميركي ـ الإسرائيلي مع وجود عناصر قد تحرجهما دولياً، وأمام الرأي العام، وهي كثافة عدد الضحايا وتوقف مسيرة السلام في الشرق الأوسط على كل الأصعدة، والتساؤلات حول مصير الشراكة الدولية مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي كانت وليدة 14 آذار ومعركة الاستقلال، مع ما استهدف من مواقع للجيش اللبناني في العمليات، وهي نقطة سلبية، وباتت إسرائيل حالياً، في مرحلة طلب الانتصار الذي تلزمه جهود صعبة ومكلفة في آن.
واستبعدت المصادر نفسها تنفيذ إسرائيل لتهديداتها بضرب بيروت، لأن من شأن ذلك تغيير مجرى المعركة ضدها، مع ما يحمله ذلك من إعلان فشل عسكري كلي.
أما النقطة الأخرى التي تخشاها المصادر، فهي استمرار العمل العسكري والوضع غير المستقر الى ما بعد صدور القرار عن المجلس، في انتظار أن تتسلم القوة الدولية المنتظر تشكيلها مهمتها على الأرض حيث يتم وقف النار الشامل، الأمر الذي يتطلب وقتاً قد يطول لمدة شهرين تتطلبها مشاورات الأمم المتحدة مع الدول لتوافق على المشاركة في القوة الدولية ولمست إيجابيات حول ذلك، إلا أن فترة التحضيرات لمجيئها إلى لبنان، ستضع مفاعيل القرار أمام تحديات كبيرة على طريق تنفيذه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.