فيما تتواصل المشاورات الديبلوماسية الدولية مع الحكومة اللبنانية حول تطورات الوضع اللبناني في ظل المبادرات المطروحة لوقف النار، كشفت مصادر ديبلوماسية في بيروت، ان وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي طرح مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم أول من أمس، الأفكار الفرنسية التي وضعت في مسودة، والمتصلة بإنهاء النزاع بين "حزب الله" وإسرائيل والتي كانت سلمتها فرنسا إلى الحكومة الإسرائيلية.
وأوضحت المصادر ان الأفكار الفرنسية تنسجم والخطة التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمام مجلس الأمن، والتي تتألف من خمس نقاط أساسية، وكانت حصيلة لمقررات قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية ومبادرة الأمم المتحدة التي طرحها وفدها في لبنان والمنطقة قبل أسبوع، معاً.
وأشارت المصادر، إلى ان سقف طروحات الجانب الفرنسي لهذه المرحلة في الدور الذي يقوم به لتنفيذ القرار 1559، هو الدعوة إلى وقف موقت للعمل العسكري، وليس ثمة حديث حول وقف ثابت لإطلاق النار وإنهاء الحصار الإسرائيلي على لبنان. لذلك هدف دوست بلازي من زيارته إلى جملة أمور أبرزها: تسويق الأفكار الفرنسية حول الحل الذي يبدأ بإطلاق الأسيرين الإسرائيليين ومن ثم وقف نار موقت وانساني على ان يتم البحث في تنفيذ القرار 1559 ونزع سلاح "حزب الله"، وتحويله إلى حزب سياسي فقط وهي تتفق مع بنود مبادرة الأمم المتحدة.
ومن ثم أراد الوزير الفرنسي معرفة أين يقف الأطراف المعنيون في لبنان وفي المنطقة أيضاً من مبادرة أنان، وما هو حجم التنازلات التي يمكن ان تقدم في إطار المبادرة المطروحة والآفاق التي قد يتمكن كل طرف من الذهاب في اتجاهها في ضوء هذه المبادرة.
وأوضحت المصادر ان الأمم المتحدة وفرنسا ترغبان عبر أفكارهما المطروحة ان تثير بنود الحلول المقترحة بالتوازي، اما الولايات المتحدة فتؤيد ان يتحقق تطبيق البنود المطروحة بالتالي، أي إطلاق الأسيرين، ووقف الصواريخ على إسرائيل، ومن ثم البحث في القرار 1559 ونزع السلاح.
لذلك، تتوقع المصادر، ان تتخذ الحكومة اللبنانية مواقف تحدد فيها استعدادها حيال مبادرة الأمم المتحدة، ان بالنسبة إلى دعوتها لتسلُّم الأسيرين أو بالنسبة إلى الخط الأزرق ونشر القوة الدولية المقترحة لسنتين على الحدود الجنوبية.
وعلم، ان الأمم المتحدة لن تجدد للقوة الدولية "اليونفيل" نهاية الشهر الجاري إلا لمدة شهر واحد، في انتظار استكمال الاتصالات لإلحاق مهمتها بمهمة القوة الجديدة التي يتم الإعداد لنشرها وفي إطار آلية واحدة ستستحدث.
وينتظر ان تتخذ الحكومة اللبنانية موقفاً بالنسبة إلى موضوع إنشاء آلية من اللاعبين الإقليميين التي طرحها أنان في خطته، بحيث يتوقع ان يكون هؤلاء اللاعبون المملكة العربية السعودية ومصر.
اما في شأن إمكان حصول تحرك أميركي خلال هذه المرحلة في اتجاه لبنان والمنطقة، فقد أكدت مصادر ديبلوماسية في واشنطن، ان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، لن تقوم حالياً بجولة في المنطقة من ضمنها لبنان، وان قيامها بالجولة في وقت لاحق سيكون في إطار إرساء الحل السياسي الذي ستتوصل إليه الأطراف المعنية بعد انتهاء مرحلة العدوان العسكري.
وأوضحت، ان إسرائيل ليست في وارد القبول بـ"تفاهم نيسان" جديد، أو وقف مشروط لإطلاق النار، أو العودة إلى معادلة ما قبل 12 تموز، ولا سيما ان تل أبيب كانت تعدّ لعمل عسكري ضد "حزب الله" في مرحلة ليست بعيدة في حال لم تتوصل الحكومة اللبنانية إلى نتائج في ما خص نزع سلاح الميليشيات إنما جاءت عملية خطف الأسيرين للتسريع في القرار الإسرائيلي ضرب "حزب الله".
وقالت المصادر نفسها إن إسرائيل لن توقف عدوانها لان في يدها، كما تعتبر، ثلاثة مكاسب، الأول، وجود قرار دولي يعطيها ذريعة لإزالة سلاح "حزب الله"، والثاني، ذريعة اختطاف الجنديين الإسرائيليين، والثالث، الدعم الدولي غير المشروط، وسط تساؤلات دولية عن مستوى الإجماع الداخلي اللبناني حول ما آل إليه دور الحزب في ظل خطف الجنديين وخروجه من المعادلة التي كانت مطروحة خلال الحوار الوطني اللبناني، وأهدافه التي تمحورت على التهدئة تمهيداً للتوصل إلى استراتيجية دفاعية لبنانية.
وأشارت المصادر إياها، إلى ان الإدارة الأميركية مدركة تماماً للمعاناة الانسانية وحجم الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها لبنان نتيجة العدوان، إلا انها في الوقت الحاضر ستستكمل إعطاءها الفرصة لإسرائيل إلى حدود ثلاثة أسابيع لإنهاء دور البنى التحتية في توفير الإمدادات للحزب، وتدمير القوة الأساسية له. بحيث يتم ذلك، ليس فقط عن طريق القصف، بل أيضاً عن طريق استدراج الحزب لمزيد من العمليات ضد إسرائيل، من أجل تقييم المستوى الواقعي لـ"توازن الرعب" الذي طالما تحدث عنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ودراسة القوة الحقيقية له بعد إظهارها، ما دامت إسرائيل في حالة حرب معه، كما ان إسرائيل، بحسب المصادر، تعمل لكي يُظهر الحزب كامل طاقته العسكرية، وما إذا كان سيكتفي بضرب حيفا وصفد أم ان لديه أسلحة غير تقليدية تُحدث مفاجأة أمام المجتمع الدولي، في استهدافاتها والمعنى العسكري الذي تحمله.
وترى المصادر، ان إسرائيل لا تمانع في تحمل تبعات التعرف إلى قدرات الحزب العسكرية من ناحية الداخل الإسرائيلي، حتى لو تجدد المدى الزمني المتوقع لهذا التعرف، بغية إجراء تقدير أساسي حول انتهاء قدراته.
لذلك، تنصب الجهود الدولية كافة على تحييد النواحي الانسانية والمقدرات الرسمية اللبنانية عن المعركة، من أجل حصرها في منطقتي الجنوب والضاحية الجنوبية، حيث مواقع وجود "حزب الله" وقواعده العسكرية على حد قول هذه المصادر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.