أفادت مصادر ديبلوماسية في واشنطن، ان لبنان لا يزال يمثل أولوية لدى الادارة الأميركية، التي هي على اطلاع كاف بكل مؤسساتها على تفاصيل ما يحصل في لبنان، على الرغم من الأولوية التي توليها استراتيجياً للملف النووي الايراني.
وتصف المصادر أولوية الملف اللبناني، بأنها "تنفيذية" تستند الى الأسس التي تحققت على مستوى التقدم الحاصل في استعادة السيادة والاستقلال واقامة الدولة علي مدى سنة وشهرين اثر الانسحاب السوري من لبنان، وستستمر الادارة الأميركية في مساعيها لاستكمال مسيرة الاستقلال والديموقراطية وبناء الاقتصاد وذلك من دون ان يتأثر لبنان من جديد بانعكاسات ملفات اقليمية أخرى على ساحته، على اعتبار انه كفاه ما عاناه، وعليه تعزيز الحكم السيادي، وان تقوم سلطته بتحقيق مصلحة شعبه، وضرورة تحييده عن اي مؤثرات خارجية، لتجنب ان يكون احد خطوط الدفاع في أي مواجهة، ان لم تفلح الحلول السلمية للملف الايراني.
وفي اطار الأولوية التنفيذية، تشير المصادر، الى ان الموقف الأميركي يتمحور بالنسبة الى الملف اللبناني على عنوان أساس هو مرحلة التهدئة للأشهر القليلة المقبلة والتهيئة في الوقت عينه، لما ستكون عليه التطورات اللبنانية والاقليمية في الخريف المقبل. اذ تؤكد، ان المرحلة التالية ستكون مرحلة تحديات حقيقية وانجازات متصلة بثلاثة ملفات هي:
1 ـ ملف مقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تأمل واشنطن ان يحمل الخريف المقبل ظهور مزيد من المعطيات الجديدة في التحقيق يتم على أساسها الانتقال الى المحاكمة بعد ان تكون المحكمة المختلطة اللبنانية ـ الدولية قد تم تشكيلها. وهذا الأمل لا بد أن ينعكس على الوضع اللبناني ان على مستوى الداخل والحوار الداخلي، او على مستوى العلاقات اللبنانية ـ الاقليمية.
2 ـ الملف النووي الايراني، وطريقة التعامل معه، ان في اطار المفاوضات السلمي، أو في اطار العقوبات داخل مجلس الأمن الدولي. فهناك حوار داخلي أميركي دائر حول السياسة الفضلى تجاه ايران، وهناك مبادرة أوروبية تتم بايعاز أميركي تجاهه ايران لأن ثمة قراراً دولياً باستنفاد الحلول السلمية قبل اللجوء الى الحلول المتعلقة بالعقوبات أو العمل العسكري.
3 ـ الملف العراقي، بحيث ان التطورات المقبلة على الخط الأميركي ـ الايراني ستؤثر على التفاوض بين الطرفين حول المسألة العراقية. وقد بدأت واشنطن بارسال اشارات ديبلوماسية حول ربط الأمور العراقية وأخرى متصلة باتهامات لـ"حزب الله" عراقياً بالموضوع الايراني، ما يعكس رغبة لدى الادارة الأميركية باعداد أوراقها التفاوضية مع ايران ومن بينها ورقتا العراق و"حزب الله" من أجل الحصول على مكاسب ايرانية في العراق.
4 ـ وادخال "حزب الله" على هذا الخط، يفتح الباب واسعاً بين الولايات المتحدة الأميركية وايران حول بحث تنفيذ القرار 1559 لا سيما في ما خص نزع سلاح الميليشيات، وطهران التي لديها تأثير في الحزب، ولديها في الوقت عينه تأثير على الفصائل الفلسطينية خصوصاً تلك "المتطرفة"، الأمر الذي ينعكس ايجاباً على الوضع اللبناني وعلى حصول تقدم في الحوار الوطني في ما بعد مرحلة التهيئة المتوقعة. وعلم، ان الولايات المتحدة بدأت اجراء اتصالات مع العديد من الجماعات الاقليمية المتطرفة في المنطقة لفتح قنوات غير مباشرة معها تعزيزاً لمنحى التوازن في سياستها اذا ما نجحت ديموقراطياً في المنطقة بالشكل الذي تنشده، وأدى ذلك الى تغييرات سياسية فعلية على المستوى الاقليمي.
لذلك، فإن مرحلة الانتظار التي قد تمتد لأشهر ثلاثة، والتي تبلغ لبنان بوجوب التهدئة على المستوى الداخلي، والذي أدى الى ان يتخذ الحوار اللبناني في آخر جلسة له عقدها في الثامن من حزيران الجاري قراراً بتنفيذ ميثاق الشرف السياسي، كان نتيجة للرغبة الدولية، بتمرير مرحلة الانتظار بصورة هادئة ومعقولة على الصعيد اللبناني.
وفي سياق الأولوية التنفيذية لواشنطن حيال لبنان، حيث تجاوزت فيها الأولوية التقريرية كما هي الحال بالنسبة الى مساعيها حول الملف الايراني، تتركز الجهود الأميركية حول الملف اللبناني، خلال الفترة الحالية على ما يلي:
ـ ترسيخ أوجه التعاون المشترك في شتى الميادين السياسية والاقتصادية والأمنية والقنصلية، لتثبيت المواقف الأميركية المعلنة وتحويلها الى واقع.
ـ ابداء تفهم كبير حيال ما يعترض تنفيذ مقررات الحوار الوطني من عراقيل، وحيال ما يواجه الدينامية السياسية من معضلات، وما يواجه مسألة عدم قدرة حكم الأكثرية من أن يحكم بالفعل، وهو أمر أسفت له واشنطن في الفترة الأولى، لكنها الآن تبدو أكثر تفهماً لظروفه، ولضرورات استمرار السعي لتوفير الفرصة أمامه للحكم، ودعمه بكافة الوسائل. فضلاً عن أهمية استمرار السعي الأميركي لتنفيذ القرار 1559. وقد أثنت الدوائر الأميركية المختصة على خطوة مشروع القانون الانتخابي الجديد، وتدعو الى عدم عرقلته.
وما يهم الادارة الأميركية، هو الاستقرار اللبناني، والحياد عن المواجهات، واكمال انجاح العملية السياسية فيه والتي يؤمل ان تتحقق في المرحلة المقبلة ما بعد التهدئة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.