أفادت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت ان المشاورات العربية القائمة على أعلى مستوى، والتي يواكبها تشاور دولي محوره الولايات المتحدة وفرنسا، تتركز على موضوعين أساسيين هما تداعيات التقرير الأخير لرئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سيرج براميرتس، الذي ناقشه مجلس الأمن الدولي الأربعاء الماضي، وانعكاساته، وتوفير فرصة جديدة أمام إعادة السعي إلى ترتيب العلاقات اللبنانية ـ السورية.
ففي موضوع تقرير براميرتس، تؤكد المصادر ان التحركات والمشاورات العربية ـ الدولية، تتناول الاحتمالات حول مستقبل التحقيق الدولي في الجريمة، وما يمكن ان يصل إليه على مستوى الاتهام السياسي في كل من لبنان وسوريا، فضلاً عن الانعكاسات التي قد تحملها مرحلة الادعاء العام وصدور القرار الاتهامي على الوضعين الاقليمي، واللبناني ـ السوري في الوقت نفسه.
وفي هذا الإطار، تسعى كل من مصر والمملكة العربية السعودية إلى القيام بمبادرة عربية متجددة تواكب في جهودها مرحلة ما بعد تقرير براميرتس الثاني، أي مرحلة ما بعد التقرير الرابع للجنة الدولية. وتنصب هذه الاتصالات على ضرورة ترك كل التطورات على صعيد التحقيق محور تنسيق عربي ولا سيما ان نتائجه المرتقبة ستحسم التكهنات وتحدد الاتهام، وستفرض في كل الأحوال على الدول العربية والمجتمع الدولي معالجة ذيوله وتهيئة أفضل السبل لذلك.
ولاحظت المصادر ان أسلوب عمل براميرتس الهادئ يتناسب مع الجهود الدولية المبذولة للتهدئة على الساحة اللبنانية، كما انه انعكس ايجاباً ايضاً على التعاون الدولي في مجلس الأمن حيث ان الإجماع الذي صدر القرار 1686 نتيجة له، كان سببه التوازن بين تقرير براميرتس ومضمون القرار الجديد الذي طالب بتنفيذ القرارات ذات الصلة بالجريمة، لكن من دون ان يجعل سبيلاً لإثارة اشكاليات حول تعابير تتضمن اتهامات قبل ان ينتهي التحقيق.
وفي هذا السياق، يندرج ايضاً عدم إعطاء لجنة التحقيق الدولية، أو الحكومة اللبنانية ولجنة العقوبات المنبثقة من القرار 1636 ذات الصلة بالجريمة، أي اسماء متهمة. واللجنة التي شكلت قبل نحو 8 أشهر تقوم بإجراءات منع السفر وتجميد الأرصدة المالية للمتهمين أثناء فترة التحقيق بصورة أساسية على ان يتم تكليفها باستمرار مهمتها اذا رأى مجلس الأمن ذلك ضرورياً.
لذا، فإن عدم تشغيل هذه اللجنة لا ينقض قرار إنشائها، وتأجيل ذلك إلى مرحلة لاحقة يأتي في اطار التوجه العام الذي يتبعه براميرتس، وهو التوصل إلى اكتشاف الحقيقة في الدرجة الأولى قبل اعلان الأسماء وتسليمها إلى لجنة العقوبات، بحيث يفضل براميرتس ان يتم توقيف المتهمين وبدء المحاكمة فوراً، إلا ان هذا الأسلوب لا يلغي أهمية التقدم الذي توصل إليه ومفاعيله في تكوين الصورة النهائية للتحقيق.
أما في ما يتصل بالسعي إلى ترتيب العلاقات اللبنانية ـ السورية، فإن المشاورات العربية تؤيد ضرورة استعادة الزخم لكي لا تبقى هذه العلاقات رهينة مراحل التحقيق الدولي والمحاكمة في ما بعد. وتدعم الدول الكبرى التوجه العربي، وتدعو سوريا إلى إقامة علاقات ديبلوماسية وترسيم حدودها مع لبنان مهما كانت النتيجة التي سيتوصل إليها التحقيق الدولي، وإلى التجاوب مع إرادة الشعب اللبناني بتطبيع العلاقات ضمن اطار السيادة والاستقلال لكي لا تترسخ حالة العداء السياسي بين البلدين، وخصوصاً اذا ما ثبت أي تورط سوري في التحقيق، ثم بغية توفير المناخات للتعاون السوري المطلوب مع مقتضيات الحوار اللبناني الداخلي ومقرّراته.
وتوجه السفير الفرنسي في بيروت برنارد إيمييه إلى بلاده قبل يومين لإجراء مشاورات مع إدارته تتعلق بتطورات الجهود حول الملف اللبناني ـ السوري، وسيعود خلال الساعات المقبلة، كما ان السفير الأميركي جيفري فيلتمان قصد العاصمة الفرنسية قبيل مشاركته في تركيا في اجتماع سفراء الولايات المتحدة في المنطقة الذي انعقد قبل أيام وناقش التقويم الذي يعده كل سفير حول تطورات الوضع لدى الدولة المعتمد لديها وتطورات الوضع الاقليمي.
ولا يمانع لبنان بحسب ما يبلغه عبر القنوات الديبلوماسية إلى الدول العربية المهتمة، في تفعيل الاتصالات لعودة التطبيع والتهدئة إلى العلاقات اللبنانية ـ السورية خصوصاً ان الحوار الوطني كلف رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة إجراء الاتصالات مع دمشق لبحث المواضيع المتصلة بمقرّرات الحوار والتي على الجانب السوري تقديم إشارات ايجابية إلى الاستعداد لبحثها مع الجانب اللبناني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.