أفادت مصادر ديبلوماسية أن أكثر من مسؤول لبناني أبدى استغرابه لطريقة العمل التي باشر بها رئيس المكتب التمثيلي الفلسطيني في بيروت عباس زكي مهمته، إن بالنسبة الى ازدواجية الموقف حيال بدء الحوار اللبناني ـ الفلسطيني، أو من حيث رفع سقف الطلبات من لبنان بالنسبة الى تمويل تحسين الأوضاع في المخيمات الفلسطينية.
وأوضحت المصادر أن لبنان يرى أن من أولويات مهمة عباس السعي الى توحيد الوفد الفلسطيني والموقف الفلسطيني للحوار مع الحكومة اللبنانية لتنفيذ مقررات الحوار الوطني اللبناني، لا سيما ما هو متصل بنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وقد وضع برنامج زمني لهذه الغاية ينتهي في نهاية أيلول المقبل، ثم يبدأ تنفيذ ما يفترض أن يعالجه الحوار حول نزع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في وقت لاحق، مع العلم أنه طرحت أفكار لبنانية متعلقة بقيام الجيش اللبناني بمعالجة السلاح خارج المخيّمات. لكن القرار السياسي فضّل انتظار تشكيل الوفد الفلسطيني لبحث هذه المسألة عبر الحوار.
ورأت المصادر أن زكي، الذي قصد العاصمة السورية بُعَيد افتتاح المكتب في بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين في دمشق ومع الفصائل الفلسطينية حول توحيد الوفد وتوحيد الموقف، لم يتمكن من إحراز تقدم، فعمد بعد عودته الى بيروت قبل أيام، الى السعي لإلقاء مصير الحوار اللبناني ـ الفلسطيني على عاتق الجانب اللبناني الذي لا يزال ينتظر منه تشكيل الوفد، والذي يعتبر أن زكي تحدث عن ربط لمصير الحوار اللبناني ـ الفلسطيني بمصير الحوار اللبناني الداخلي.
ويؤكد لبنان أن المواضيع التي تخص الشأن الفلسطيني هي موضع توافق في الحوار، بدءاً من موضوع نزع السلاح خارج المخيمات. والرغبة في التوصل الى إقرار نزع السلاح داخلها، ورفض التوطين، والنظر في ما يمكن للدولة القيام به على سبيل تحسين أوضاع اللاجئين في المخيمات، فضلاً عن الموافقة على إعادة افتتاح المكتب التمثيلي.
كذلك، أشارت المصادر الى أن الحوار الفلسطيني الداخلي، والذي يمر حالياً بمرحلة دقيقة، ينعكس بدوره على توحيد الوفد المحاور مع لبنان وتوحيد الموقف على طاولة الحوار. من هنا تتكثّف التحركات الفلسطينية ـ الفلسطينية لناحية إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ودعمها لكي تستمر في مسؤولية التمثيل الفلسطيني لدى الخارج، ولتوحيد صفوفها في ظل فوز "حماس" وتسلّمها السلطة في الأراضي الفلسطينية، مع ما يواكب ذلك من السعي الى تقوية موقف حركة "فتح" للاستمرار في الدور السياسي الداخلي وفي العلاقات مع الخارج، وفي توفير سبل الدعم الدولي المالي للفلسطينيين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يقاطعان حالياً هذا الدعم بعد تولي "حماس" السلطة، الأمر الذي يضع مهمة زكي أمام مخاطر. غير أن هذا الواقع، لا يمكن أن يجد حلاً، إذا ما سعى الجانب الفلسطيني الى رمي الكرة في الملعب اللبناني.
وفي اعتقاد المصادر أن من المفيد لزكي أن يسعى خلال المرحلة الفاصلة بعد تحقيق تقدم في تشكيله لوفده، الى المطالبة والتنسيق مع لبنان بشأن الحقوق السياسية للاجئين على مستوى قضيتهم، من غير اللجوء الى وضع شروط على لبنان متصلة بضرورة أن يقوم بتمويل تحسين أوضاع اللاجئين عبر موازنة الدولة، في حين أن الممثليات الفلسطينية لدى كل من دمشق وعمان لا يمكنها التدخل في المخيمات واحتياجاتها وعلاقة الدولة المضيفة بذلك، خصوصاً وأن "الأونروا" هي المسؤولة عن تمويل تحسين الشروط المعيشية للاجئين، لأن مشكلتهم هي من مسؤولية المجتمع الدولي.
واعتبرت المصادر أنه لا بد من العودة الى البداية الصحية والسلمية في إعادة العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية الرسمية عبر افتتاح المكتب. لذلك، يرتقب أن تحدد مذكرة التفاهم، التي تدرس بين الطرفين للتوقيع عليها لتحديد صلاحيات المكتب التمثيلي، المدى السياسي الذي يسمح لبنان أن يبلغه الأداء الفلسطيني الرسمي على أراضيه، في ظل الظروف الحرجة لدى كل من لبنان والفلسطينيين، وأوضاع المنطقة في آن معاً.
وفي الوقت نفسه، ستُعَبِّر بنود المذكرة عن الحصانات التي سيقدمها لبنان بصورة تحافظ على ما هو متعارف عليه في إطار المعاملة العربية للتمثيل الفلسطيني. ويتجه لبنان الى إقرار تقديم الصفة التمثيلية الديبلوماسية للمكتب الفلسطيني في حدودها المعقولة المتعارف عليها، إلا أن زكي تقدم بمشروع مذكرة الى وزارة الخارجية والمغتربين تفوق في الأفكار المعروضة فيها الصلاحيات والحصانات التي تتميّز بها السفارة. واستند في ذلك الى أعلى درجات التمثيل وفقاً لاتفاقية يينا للعلاقات الدولية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.