أوضحت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة في بيروت، أنه على الرغم من بقاء الملف اللبناني أولوية لدى الإدارة الأميركية، فإن الأولوية الأخرى التي يحتلها الملف الإيراني لدى هذه الإدارة بدأ يطال بانعكاساته الساحة اللبنانية، لا سيما في موضوع مدى تقدم الحوار اللبناني الداخلي بالنسبة إلى سلاح "حزب الله"، أو إقرار الاستراتيجية الدفاعية للدولة.
وتؤكد المصادر، أن واشنطن التي تدرك جيداً، أن الجدية التي تميز طروحات أركان الحوار اللبناني، لا بدّ أن تتزامن مع بدء مشاورات دولية مع طهران حول مستقبل سلاح الحزب، تتجه في المرحلة الحالية، إلى الابتعاد عن الضغط على الحكومة اللبنانية في مسألة وجوب حصول تفاهم سريع داخل الحوار على مستقبل السلاح ونزعه، وذلك في انتظار تبلور الأوضاع على مستوى الاتصالات الدولية في شأن الملف النووي الإيراني، في فترة إعطاء الفرصة الديبلوماسية لطهران قبل اللجوء إلى فرض عقوبات في إطار مجلس الأمن الدولي.
واستناداً إلى المصادر، فإن ذلك يعني أن الضغوط الدولية لتنفيذ بنود القرار 1559، ستعود إلى البروز في المرحلة المقبلة، لكن أسلوبها سيختلف في حال انطلقت المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية بنجاح، عمّا ستكون عليه إذا وصلت هذه المفاوضات إلى طريق مسدود وعاد الملف الإيراني إلى مجلس الأمن.
ويفسر هذا السياق، على حدّ تعبير المصادر نفسها، تفضيل الولايات المتحدة، أن يؤجل الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن تحركاً كان يعد له، في اتجاه إيران خلال الفترة الحالية للبحث في سبل دفع الأفكار المتصلة بنزع سلاح "حزب الله"، إلى وقت لاحق. لأن أي تطور بالنسبة إلى المفاوضات المحتملة الأميركية ـ الإيرانية، سينعكس على طبيعة تحرك لارسن في هذا الموضوع، مع العلم أن تقريره الأخير حول تنفيذ القرار 1559 تناول ضرورة التعاون الإيراني والسوري، وأن القرار 1680 تناول ضرورة تعاون كل الدول المعنية لتطبيق القرار 1559، وإن من دون تسمية إيران بالاسم، لأن مرحلة صدوره، حملت قراراً بتوقيف مفاعيل ملفها في المجلس والعودة إلى الحوار الديبلوماسي الدولي معها اثر رسالة رئيسها أحمدي نجاد إلى الرئيس الأميركي جورج بوش.
وتشير المصادر، إلى أن التفاهم الأميركي الإيراني الذي يتم العمل لانطلاقته، سيسهل على واشنطن حل ثلاثة أرباع التعقيدات التي تواجهها في المنطقة، ومن بين ذلك، المشاكل التي يواجهها تطبيق القرار 1559 بكامله، بكلفة أقل بالنسبة إلى الإدارة الأميركية. وبالتالي لا بد أن ينعكس ذلك على الحوار اللبناني الداخلي وإعادة الزخم إلى مقرراته.
وفي الوقت الفاصل عن الحسم الدولي في التعامل مع الملف الإيراني ديبلوماسياً أو في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، تؤكد المصادر، أن التحرك الدولي والعربي حيال لبنان يتركز على أهمية إبقاء طاولة الحوار منعقدة، ثم أن تكون أهداف انعقادها أمراً ملزماً للمتحاورين والدولة معاً في الأداء السياسي على الأرض لتوفير الاستقرار والتهدئة.
ولاحظت المصادر، أنه كنتيجة لذلك، أخذ "حزب الله" في الاعتبار، بالنصائح الدولية التي تبلغتها الدولة بضرورة ضبط النفس إلى أقصى الحدود، حيال ما تتوقعه من قيام إسرائيل بمناورات ضخمة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية خلال الأيام المقبلة، وصفت بأنها من أكبر المناورات التي قامت بها منذ العام 1996 وحتى الآن. وسيشارك فيها 38 ألف جندي، وهي تأتي ضمن خطة الدفاع المعدّلة التي وضعت أخيراً، ولها أهداف عدة أبرزها:
ـ منع عمليات خطف الجنود، أي أنها تعد لاستباق أي تحرك تعتبره إسرائيل محتملاً لخطف جنودها من جانب "حزب الله".
ـ المناورات السريعة لضرب أهداف بكثافة وبوقت قصير تصعب على أي اتصالات دولية لوقف النار أن تسبقه في السرعة الزمنية، بحيث يتم توجيه الضربات قبل أي تحرك ديبلوماسي مهما كانت سرعته.
وتلفت المصادر، إلى أن إسرائيل يسهل عليها اللجوء إلى تنفيذ تهديداتها بتوجيه ضربات ضد سيادة لبنان، إذا ما شعرت أن إدارة الحوار الداخلي، انحازت عن الرعاية الدولية لها، للدخول مجدداً إلى خدمة المصالح السورية أو الإيرانية ما يعيد من جديد الدخول الإسرائيلي بصورة مباشرة على خط الملف اللبناني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.