أكدت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت، أن أكثر من عاصمة كبرى ترى تحقيق تقدم في جلسات الحوار الوطني اللبناني، لا سيما في ما يختص ببحث موضوع توليه اهتماماً بالغاً، وهو الاستراتيجية الدفاعية، على الرغم من تباعد مواعيد هذه الجلسات، وتثميرها في اتجاه تنفيس الاحتقان الداخلي على كافة المستويات، والناتج عن مؤثرات الملفات الإيرانية والعراقية والفلسطينية على التطورات اللبنانية.
والتقدم الحاصل في هذا الموضوع، يتركز على أن المجتمع الدولي بات يعتبر أن نقاط البحث الحوارية وأهدافها مسألة مُلزمة للبنان، وتشكل مرجعية لدى مناقشة وتقييم أوضاعه، ولو لم يتم التوصل بعد الى قرار نهائي حول الاستراتيجية. وفي ذلك، هناك مسؤوليات دولية مترتبة على السلطة اللبنانية، وعلى "حزب الله" على حد سواء، تدعوهما الى السير قدماً في اتجاه تحقيق الاستراتيجية الدفاعية.
فبالنسبة الى الحزب، فإن المصادر، تؤكد أن هناك حرصاً دولياً، على دمجه بعمق بالعملية السياسية في لبنان، وجعله أكثر اهتماماً باللعبة الداخلية وتفكيك "الهالة المقاوماتية" التي قامت على العقيدة الدينية، التي يتمتع بها. وهذه العناصر يمكن تحقيقها تدريجاً عبر الحوار الوطني ومشاركته في صياغة مستقبل الاستراتيجية الدفاعية، الأمر الذي يضعه في مرحلة الحوار أمام احتساب أولويات جديدة، من أبرز ميزاتها، إعادة النظر بأدائه الاقليمي، والنظر في ما إذا كانت المصالح التي لدى حلفائه باتت على تباين مع مصالحه، إن بالنسبة الى طريقة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، أو التعامل مع الأجندة الإسرائيلية الجديدة بكاملها، كما بالنسبة الى قبوله بمشاركة كل الأطراف اللبنانيين ببحث قرار سلاحه، وفقاً للاستراتيجية الدفاعية. فضلاً عن الأخذ في الاعتبار أسباب استفسارات الدول الكبرى عن مدى تطابق شراكته في الحوار مع أدائه في الشراكة الوطنية التي يسعى اليها الجميع.
أما بالنسبة الى السلطة اللبنانية، فإن توجهاً دولياً تم إبلاغه الى الحكومة اللبنانية، عبر القنوات الديبلوماسية ومفاده بأن الدولة اللبنانية ستكون أمام مسؤولياتها حيال أي خرق على الخط الأزرق في ظل التنسيق القائم بين الجيش اللبناني و"حزب الله"، في معرض نقاش وضع الاستراتيجية الدفاعية، التي يجب أن تقرها وتتبناها، وتتبنى بموجبها سلاح الحزب وتشريعه.
وتقول المصادر، إنه لمجرد بحث هذا الموضوع في الحوار، فإنه يُلزم الدولة بفرض سيادتها على الجنوب، حيث "التناقضات" الموجودة على الأرض، ويحملها مسؤولية حصول أي خرق، وذلك عبر العمل لحصر قرار السلم والحرب بالحكومة اللبنانية وحدها، لأنه لم يعد ممكناً القول إن هناك عناصر غير منضبطة تقوم بتوتير الأوضاع على الحدود، بعدما باتت هذه الأوضاع مكشوفة الى هذا الحد. من هنا، يعتبر المجتمع الدولي، أن أي عملية لتبني الحزب وسلاحه لبنانياً عبر الاستراتيجية الدفاعية، ستحتم على السلطة اللبنانية مسؤوليات إضافية، وأن قواعد اللعبة في الجنوب في هذه الحالة، ستخضع لتعديلات، يُفترض التنبه اليها كي لا يؤدي عدم التنبه، الى اعتبار الجيش طرفاً لدى حصول أي خرق على الحدود.
وفي هذا الإطار، تراقب الأمم المتحدة و"اليونيفيل"، مع اقتراب موعد التجديد الدوري للقوة الدولية في الجنوب في نهاية تموز المقبل، موضوع التنسيق الأمني بين الجيش والحزب، وهذا ما يتوقع أن يسجله تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان منتصف الشهر المقبل الى مجلس الأمن لدى طلبه النظر بالتجديد لهذه القوة. وبما أن قرار التجديد سيصدر عن مجلس الأمن ويستند الى تقرير أنان، فسيكون الأمر فرصة أمام الشرعية الدولية للحديث عن الغطاء الذي يؤمنه الجيش اللبناني أي السلطة اللبنانية لوجود السلاح المقاوم، وما يترتب عن ذلك عملياً.
وسيشكل ذلك، بداية للمطالبة الدولية بترسيخ القرار اللبناني الرسمي حول مسؤوليته عن مصير السلم والحرب ووجود السلاح واستعمالاته، انطلاقاً من أن هذا الموضوع يجري بحثه في الحوار الوطني، والضغط في اتجاه تحميل السلطة اللبنانية الشرعية المسؤولية السيادية وفرضها في أنحاء البلاد. وهي خطوة، بحسب المصادر، يجب أن تلي نجاح الدولة في البدء بنشر الجيش في مواقع محددة في الجنوب بصورة هادئة، ووضع نقاط مراقبة له، وإقامة مزيد من التنسيق مع قيادة "اليونفيل" في ضبط الأمن، وهذا ما حصل قبل نحو خمسة أشهر لدى التجديد للقوة في نهاية كانون الثاني الماضي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.